تقليل للإعلانات وتراجع الترتيب في المتاجر: «تيمو» و«شي إن» أولى ضحايا الجمارك الأمريكية الجديدة

⬤ خفض متجرا Temu وShein إنفاقهما الإعلاني في أمريكا لحدود دنيا وأعلنتا عن زيادات وشيكة في الأسعار.

⬤ أنهت السياسات الأمريكية الجديدة إعفاءات الضرائب للطرود الأرخص مما وضع المتجرين في موقف صعب حالياً.

⬤ من المتوقع أن يؤثر القرار على الشركات المعتمدة على الإعلانات مثل Meta وGoogle وSnap وسواها.

بعد احتلالهما للفضاءات الرقمية الأمريكية لأعوام، وقلب عالم تجارة التجزئة رأساً على عقب، خفضت شركتا Temu وShein بشكل جسيم من إنفاقهما الإعلاني داخل السوق الأمريكية مؤخراً، وأعلنتا عن زيادات مرتقبة في الأسعار.

أصبحت Temu، المملوكة لمجموعة PDD Holdings الصينية، إلى جانب نظيرتها في مجال الأزياء Shein، مرادفتين للسلع ذات الأسعار المتدنية، من الملابس، إلى الإلكترونيات، ومستلزمات المنازل. وقد ساهمت هذه السياسة في صعود تطبيق Temu إلى صدارة تطبيقات التحميل المجاني في الولايات المتحدة لعامين متتاليين. غير أن هذه الهيمنة الرقمية تواجه الآن انتكاسة واضحة.

السبب الرئيسي لهذا التحول هو السياسة التجارية المتشددة التي تبناها الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تجاه الصين. فقد فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية واسعة النطاق أعادت رسم قواعد اللعبة أمام هذه الشركات. وباتت الطرود المشحونة مباشرة من الصين عرضة لرسوم جمركية مرتفعة، وصل بعضها بحسب تقارير إلى 145%.

سبق ذلك قرار بإنهاء العمل بإعفاء «de minimis» الذي كان يتيح دخول الطرود التي تقل قيمتها عن 800 دولار إلى أمريكا دون رسوم، اعتباراً من الثاني من مايو القادم. وتشير القرارات الجديدة إلى فرض رسوم على هذه الطرود بنسبة 90% من قيمتها أو بمبالغ ثابتة تتراوح بين 75 و150 دولاراً، ولكنها تبقى أقل من التعرفة الجمركية الأوسع التي قد تصل إلى 125%.

في مواجهة هذه التطورات، نشرت Temu وShein إشعارات متطابقة تقريباً على موقعيهما تُنبئ المستخدمين بتعديلات سعرية ستدخل حيز التنفيذ في 25 أبريل 2025. وفي بيان رسمي لها مخاطبة زبائنها، عللت Temu هذه الخطوة بأنها في سبيل «الاستمرار في تقديم المنتجات التي يحبونها دون التأثير على الجودة.»

يتجلى الانسحاب التدريجي من السوق الأمريكية بوضوح في بيانات الإعلانات. فقد خفضت Temu بشكل كبير من إنفاقها على المنصات الكبرى. ووفقاً لمجموعة Sensor Tower لتحليل الأسواق، انخفض إنفاق Temu على منصات مثل Meta، وX (تويتر سابقاً)، وYouTube بنسبة 31% في الأسبوعين اللذين سبقا 13 أبريل مقارنة بالشهر السابق. وأشارت شركة Smarter Ecommerce إلى أن Temu أوقفت تماماً إنفاقها على منصة Google Shopping اعتباراً من 9 أبريل، تزامناً مع دخول الرسوم الجمركية الواسعة حيز التنفيذ. وأكدت شركة Tinuiti هذا التوجه، مشيرة إلى تراجع نسبة ظهور إعلانات Temu على Google Shopping في الولايات المتحدة من 20% في 5 أبريل إلى صفر خلال أسبوع واحد فقط.

مواضيع مشابهة

على المنوال ذاته، قلصت Shein متوسط إنفاقها اليومي على Meta، وTikTok، وYouTube، وPinterest بنسبة 19% في الأسبوعين الأولين من أبريل، بحسب Sensor Tower. كما خفضت إنفاقها السنوي على الإعلانات إلى النصف تقريباً، مع تراجع حاد في إعلانات YouTube تحديداً.

انعكست هذه التراجعات مباشرة على حركة الزيارات. فبحسب شركة SimilarWeb لتحليل البيانات الرقمية، انخفض عدد الزيارات المدفوعة (المعتمدة على الإعلانات) إلى موقع Temu بنسبة 77% منذ 11 أبريل. بعد أن مثلت هذه الزيارات المدفوعة سابقاً 2.5 ضعف الزيارات العضوية، ما يُبرز اعتماد الشركة الكبير على الإعلانات لجذب العملاء.

كما تراجعت مكانة Temu في تصنيفات متاجر التطبيقات بشكل لافت، إذ هبط التطبيق من قائمة العشرة الأوائل إلى المرتبة 69 بين التطبيقات المجانية في الولايات المتحدة، بحسب بيانات Sensor Tower. كما سجل انخفاضاً بنسبة 62% في عدد التحميلات من متجر App Store، بحسب SimilarWeb. أما Shein، فهبط ترتيبها من المركز 15 الشهر الماضي إلى المركز 42. والمفارقة أن هذا الفراغ أتاح لمتاجر صينية أخرى مثل DHgate وTaobao التابعة لمجموعة Alibaba الصعود في التصنيفات، مدفوعة بمقاطع فيديو ترويجية تنتشر بسرعة.

لم يقتصر تأثير هذه التحولات على المتاجر فحسب، بل طال شركات الإعلانات أيضاً. فقد اعتمدت Meta، الشركة الأم لفيسبوك، بشكل كبير على المعلنين الصينيين، حيث تجاوزت عائداتها من هذا القطاع 7 مليارات دولار في عام 2023، فيما قدرتها الشركة نفسها بنحو 18.4 مليار دولار، أي أكثر من 10% من إجمالي إيراداتها. وكانت Meta قد أشارت سابقاً إلى أن الرسوم الجمركية تشكل خطراً محتملاً على أعمالها نظراً لاعتمادها على عدد محدود من موزعي الإعلانات الذين يخدمون شركات صينية.

يرى محللو السوق أن هذه التغييرات ستؤثر بالتأكيد على المبيعات، نظراً لأن الشركتين تفتقران إلى ولاء قوي للعلامة التجارية وتعتمدان على الإعلان المستمر لاستقطاب العملاء.

رغم أن Temu وShein أنفقتا مليارات الدولارات لاجتياح السوق الأمريكية إعلانياً، إلا أن حصتهما الفعلية من سوق التجارة الإلكترونية في الولايات المتحدة لا تتجاوز 1% لكل منهما، بحسب بيانات Consumer Edge. لكن تأثيرهما على حجم الواردات عبر قناة de minimis كان ضخماً، حيث مثلتا أكثر من 30% من نحو 1.5 مليون شحنة يومية تدخل أمريكا دون رسوم جمركية، وفقاً لتقرير صادر عن الكونغرس عام 2023 وبيانات الجمارك.

من منظور آخر، رجح بعض المحللين أن Temu قد تستأنف إنفاقها الإعلاني في الولايات المتحدة مستقبلاً، إلا أن تركيزها الحالي يبدو متجهاً نحو أسواق دولية أخرى.

شارك المحتوى |
close icon