تطور الخدمات السحابية في الشرق الأوسط: حقبة جديدة للتفاعل مع العملاء
مقال ضيف بقلم يوجين باتيل، نائب الرئيس لشؤون هندسة المنتجات لدى سبرينكلر
يمثل تطور الخدمات السحابية في الشرق الأوسط نقلة تحولية في كيفية تفاعل الشركات مع عملاءها وتحسينها لعملياتها. وكانت الحاجة للتفاعل المستمر عبر قنوات موحدة مع العملاء أكثر إلحاحاً من أي وقت مضى وذلك بالتزامن مع تخطيط نحو 68% من الشركات في الشرق الأوسط لنقل معظم عملياتها إلى السحابة خلال العامين المقبلين.
ويساعد وجود مركز اتصال سحابي الشركات على إدارة الاتصالات الخاصة بعملائها من أي مكان، والتخلص من قيود الأنظمة التقليدية الميدانية في المواقع المختلفة. ويتيح هذا النموذج للمؤسسات توسيع نطاق عملياتها بسهولة، والتكيف مع المتطلبات المتقلبة للعملاء دون تكبدها لتكاليف باهظة لصيانة البنى التحتية المادية. كما يمكن للمؤسسات دمج التفاعلات الصوتية وعبر البريد الإلكتروني والدردشة ووسائل التواصل الاجتماعي في منصة موحدة تضمن تقديم تجربة عملاء متناغمة وتتسم بسرعة الاستجابة.
الرؤى المعززة بالذكاء الاصطناعي لتحسين الكفاءة
يعد تقديم تجربة عملاء استثنائية أمراً جوهرياً في المشهد شديد التنافسية السائد حالياً. ويمكن للشركات التواصل مع العملاء عبر القنوات التي يفضلونها مع المحافظة في ذات الوقت على تناغم واتساق صوت علاماتها التجارية، ما يسهم في زيادة رضا العملاء وتعزيز الولاء ونمو الإيرادات. ويعتبر الذكاء الاصطناعي حجر الزاوية للحلول السحابية الحديثة، ويؤدي دوراً حيوياً في تحسين كفاءة مراكز الاتصال الحديثة. وأظهر تقرير حديث صدر مؤخراً عن سبرينكلر وCX Network أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يعزز تدفق عمل الوكلاء، ويسهم في أتمتة المهام المتكررة، ويزود الوكلاء بتوصيات قابلة للتطبيق، ما يجعله مكوناً رئيسياً في مهام خدمات العملاء في الوقت الراهن .
ويمكن للشركات الحصول على رؤى وأفكار قيّمة حول سلوك العملاء وانطباعاتهم وذلك من خلال توظيف الذكاء الاصطناعي في إجراء تحليلات آنية ضمن الحلول السحابية. وأظهرت النتائج التي تم التوصل إليها مؤخراً أن 90% من المؤسسات في المنطقة قد مضت إلى ما هو أبعد من مجرد العمليات المبسطة للانتقال الكامل وإعادة الاستضافة على السحابة (lift and shift)، لتبلغ مرحلة تحديث التطبيقات أو تطوير حلول جديدة وأصيلة على السحابة . ويتيح هذا التوجه الاستباقي للمؤسسات صقل استراتيجياتها وتلبيه احتياجات العملاء بفعالية أكبر.
إمكانية النمو الاقتصادي
ينطوي اعتماد السحابة في الشرق الأوسط على إمكانيات اقتصادية ضخمة، إذ أظهر تقرير صادر عن (Strategy&) أن اعتماد السحابة العامة قد يسهم في خلق قيمة تصل إلى 180 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2023 للشركات ومؤسسات القطاع العام الرائدة في المنطقة . كما تسهم المبادرات الحكومية في دفع عجلة تبني السحابة، الأمر الذي ظهر جلياً في رؤية السعودية 2030 الرامية إلى تنويع الاقتصاد وتحسين الخدمات العامة من خلال التحول الرقمي.
وتشهد المنطقة في الوقت الحالي تزايد أعداد المزودين العالميين للخدمات السحابية (CSPs)، إذ قامت AWS بإطلاق أول مركز سحابي لها في البحرين، كما دخلت Microsoft إلى سوق دولة الإمارات العربية المتحدة. وكانت AWS قد قامت بحلول عام 2022 بتوسيع حضورها في دولة الإمارات العربية المتحدة، في حين أسست Microsoft مراكز بيانات لها في دولة قطر. ومن المتوقع أن يطلق نحو خمسة مزودين عالميين للخدمات السحابية على الأقل عملياتهم في المملكة العربية السعودية بحلول عام 2030، ما يوفر سعة مراكز بيانات مجتمعة تصل إلى 1,300 ميغاوات ستضاف إلى السعة المقدمة من المزودين المحليين . ومن المتوقع أن يسهم الإطلاق الإقليمي الأخير لـ Google Cloud في الدمام بإضافة نحو 109 مليار دولار أمريكي للاقتصاد المحلي، ليعزز بذلك أهمية التقنيات السحابية في دفع عجلة النمو . وتنسجم حلول الاستضافة المحلية للبيانات بشكل جيد مع هذه المبادرات، ما يوفر للشركات خيارات إدارة بيانات آمنة ممتثلة للقوانين المطبقة ومخصصة لأسواق الشرق الأوسط.
التوجهات المستقبلية في الخدمات السحابية
على الرغم من وضوح الفوائد المجنية من اعتماد السحابة لكن لا تزال هناك مجموعة من التحديات، إذ تشير عدة مؤسسات إلى أن المخاوف من التكاليف المرتبطة بنقل البنى التحتية لتكنولوجيا المعلومات هي العوائق الرئيسية أمام اعتماد السحابة. كما تعتبر المخاوف الأمنية والقضايا المتعلقة بالدمج في الأنظمة الحالية، من التحديات التي تواجهها الشركات عند الانتقال إلى الخدمات السحابية. لكن هذه العوائق ستزول على الأرجح بالتزامن مع إدراك المزيد من المؤسسات للفوائد طويلة الأمد والمتمثلة في انخفاض التكاليف التشغيلية وزيادة المرونة. وفي هذا السياق فقد بدأ نحو 32% من الشركات التي شملها الاستطلاع في الوقت الحالي بتطبيق الحلول السحابية في مجال واحد على الأقل من مجالات عملياتها .
إن هناك مؤشرات واعدة لمستقبل الخدمات السحابية في الشرق الأوسط، وإن الطلب على الحلول المرنة والقابلة للتطوير سيستمر بالارتفاع بالتزامن مع مواصلة الشركات تحسين التفاعل مع العملاء والكفاءة التشغيلية. وفي منطقة تشهد إبلاغ نحو 88% من الشركات المعززة بالخدمات السحابية عن تحقيقها لإيرادات أعلى خلال الأشهر القليلة الماضية، فإن اعتماد هذه التقنيات لا يتعلق بمواكبة التوجهات السائدة فحسب ، وإنما بقيادة المسيرة نحو تجربة عملاء استثنائية تعزز ولاءهم وتحقق النمو في أسواق اليوم التي تشهد مستويات تنافسية متنامية.