أصدرت وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاجون” يوم الخميس الماضي تقرير مُفصّل يكشف عن القدرات الدفاعية الجديدة ضمن نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي، ومنها طرق اعتراض الرؤوس النووية من الفضاء على الرغم من تصريح بعض الخبراء العسكريين أنّ الوصول لهذه التقنيات بعيد عن التحقيق في الوقت الحالي.
يأتي التقرير على هيئة وثيقة تحمل عنوان “مراجعة الدفاع الصاروخي” ويبدو فيها أن البنتاجون يرغب في تصميم كوكبة جديدة من الأقمار الصناعية المزودة بأجهزة استشعار تعمل بالأشعة تحت الحمراء، ويمكنها تتبع الرؤوس الحربية على الأرض بشكل أفضل.
وتهدف هذه التقنية الجديدة إلى مساعدة الولايات المتحدة على تتبع خط سير المركبات التي تعمل بسرعة تفوق سرعة الصوت، والتي يتم تطويرها لنقل الأسلحة النووية من مكان إلى آخر.
لكن الوثيقة تُشجّع البنتاجون أيضاً على دراسة إمكانية إنشاء أقمار صناعية يمكنها اعتراض الرؤوس النووية من الفضاء وقد يقوم البنتاجون بإجراء بعض التجارب في مدار حول الأرض لاحقاً، بغرض الأبحاث حول هذه القدرات الدفاعية الجديدة.
اعتراض الرؤوس النووية من الفضاء
جدير بالذكر أن تقنيات الأقمار الصناعية التي يمكنها اعتراض الصواريخ بمجرد إطلاقها قد تم اقتراحها ودراستها أكثر من مرة في السابق، وبدأت مع مبادرة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق “ريجان” وسخر منها منتقديها بإطلاق اسم “حرب النجوم” عليها، وكان الهدف من هذه المبادرة هو إنشاء رقعة كبيرة من التقنيات الفضائية لمنع الأسلحة النووية من الوصول إلى أراضي الولايات المتحدة.
لكن هذه المبادرة وغيرها الكثير تم الاعتراض عليها بشكل مستمر بسبب التكلفة الباهظة، والتعقيد الهائل في هذا النوع من التقنيات الدفاعية لدرجة تجعلها غير قابلة للتحقيق، حيث ستحتاج الولايات المتحدة إلى عدد هائل من الأقمار الصناعية لتوفير تغطية عالمية – حول العالم أجمع – وسيتعين عليها تنفيذ مجموعة من المهام التقنية المتقدمة جداً في فترة زمنية قصيرة جداً، حتى تكون فعالة فعلاً في اعتراض الرؤوس النووية من الفضاء.
وعلى الرغم من أن البنتاجون لم يهتم بهذه التقنيات حتى وقت قريب، إلا أنّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشف عن رغبته في وجود قدرات دفاعية مثل هذه، وقال في كلمة ألقاها يوم الخميس الماضي مُعلناً تفاصيل “مراجعة الدفاع الصاروخي”:
“إن هدفنا بسيط، وهو ضمان تمكننا من اكتشاف وتدمير أي صاروخ يتم إطلاقه ضد الولايات المتحدة في أي مكان وفي أي وقت”.
وصرّح إيان وليامز – نائب مدير مشروع الدفاع الصاروخي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية – مُعلقاً على النظام الدفاعي الجديد وإمكانية اعتراض الرؤوس النووية من الفضاء “هذا النوع من التغطية لا يمكن أن تحصل عليه إلا عبر نظام يتكون من عدّة آلاف قطعة فضائية”.
من جانب آخر، تُركّز الولايات المتحدة الأمريكية في الوقت الحالي على نظامها الدفاعي الصاروخي على الأرض، مثل GMD الذي يعتمد على شبكة من أجهزة الاستشعار والأفراد والقذائف.
على سبيل المثال، إذا تم إطلاق قذيفة نووية من كوريا الشمالية فإن الأقمار الصناعية التي تعمل بالأشعة تحت الحمراء إلى جانب الرادارات البحرية سوف تكتشفها وتحسب الهدف الذي يتجه نحوه هذا الصاروخ بسرعة.
ومن ثم، يقوم الأفراد العاملون في GMD بإطلاق الصواريخ الموجودة في ألاسكا أو كاليفورنيا لتحاول اعتراض السلاح النووي عندما يعبر إلى الفراغ الفضائي.
لكن هذا النظام لا يمكنه تدمير أي صاروخ في أي مكان وأي وقت مثلما قال الرئيس دونالد ترامب، وذلك لأن عدد المعُترضات في GMD هي 44 فقط، وبالتالي فإن هذا النظام ليس كافياً أبداً في حالة مواجهة قوة نووية مثل الصين أو روسيا، وبدلاً من ذلك فإنّه يركز بشكل أكبر على الدول الصغيرة المارقة مثل كوريا الشمالية أو إيران.
كما أنّ هناك مشكلة أخرى، وهي أن المُعترضات في GMD ليس ناجحة دوماً، فمن مجموع 19 اختبار نجح النظام في اعتراض 10 فقط.
شاهد أيضاً: هبوط صاروخ فالكون 9 على سطح الماء
وبالتالي فإن وجود نظام حماية فضائي يمكنه اعتراض الرؤوس النووية من الفضاء سيكون أكثر فاعلية، خاصةً وأن النظام المُقترح سيقوم باعتراض الرأس النووي أثناء إطلاقه الأولي “مرحلة التعزيز” حيث يكون الصاروخ في أضعف حالاته.
لكن هذه المرحلة لها نافذة وقتية محدودة للغاية، حيث لا يستغرق الأمر سوى بضع دقائق فقط، لذا يجب على المُعترض أن يكون قريباً نسبياً من مكان الإطلاق ويتصرف بسرعة فائقة لضرب الصاروخ في هذا الوقت.