هل يستدعي الابتكار التضحية باستدامة الحواسيب؟ – مقابلة مع رئيس شركة Acer في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
شهد الذكاء الاصطناعي التوليدي اهتماماً عالمياً متزايداً في السنوات الأخيرة. والآن مع قدوم شرائح الذكاء الاصطناعي التي تعد بتقديم قدرات محلية للذكاء الاصطناعي، بات هناك اهتمام كبير من الشركات المصنعة بتطوير حواسيب جديدة ورائدة مع قدرات ذكاء اصطناعي مضمنة داخلها.
لذا، وعلى هامش حدث كبير أقامته شركة Acer مؤخراً في سويسرا، وكان يشمل مناطق أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، كان فريق مينا تك حاضراً، واستغلينا الفرصة لمقابلة السيد إيمانويل فرومونت، رئيس شركة Acer في أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، حيث حدثنا عن أحدث توجهات الحوسبة والحواسيب المحمولة؛ بالأخص الحواسيب المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي. واقتطفنا من حديثنا الأسئلة التالية:
برأيك، ما أهمية دمج قدرات الذكاء الاصطناعي في الحواسيب المحمولة والأجهزة الأخرى؟
أعتقد أنه امر بالغ الأهمية. أولاً، لأنه بفضل قدرات الذكاء الاصطناعي الجديدة المتوفرة على أجهزة الحاسوب الحديثة، ستتمكن من تشغيل مختلف نماذج الذكاء الاصطناعي مباشرة ومحلياً على حاسوبك الشخصي.
هذا مهم بالذات للشركات التي تتعامل مع بيانات سرية أو بيانات حساسة جداً، حيث تُمكّنها هذه الميزة من استخدام وتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على الرسائل الإلكتروني القديمة والبيانات السرية. كما تسمح للشركات بالاستفادة من كامل قدرة الذكاء الاصطناعي في تلخيص محاضر الاجتماعات، وتلخيص المؤتمرات المرئية، وفعل الكثير من المهام التي تزيد من الإنتاجية دون الحاجة إلى نقل بيانات الشركات إلى السحابة.
أعتقد أن مقدرتك على فعل كل ذلك على حاسوبك الشخصي يعد ثورة حقيقية. وأعتقد أنه سيحدُث دورة متجددة من إصدار الحواسيب الجديدة القادرة على استيعاب قدرات الذكاء الاصطناعي هذه.
كيف تحرصون على تصميم منتجات مناسبة لاحتياجات المستخدمين، وخاصة لعملائكم من الشركات؟
بالطبع، نستفيد أولاً من خبرتنا الطويلة في هذا المجال، فنحن نجري محادثات مكثفة مع أصحاب المصلحة والعملاء. كما أننا على اتفاق دائم مع شركات مثل Intel وAMD وMicrosoft، لذا أعتقد أننا نتشارك بعض مبادئ من ناحية تصميم الأجهزة. هذا إضافة إلى تعاوننا معهم لتصميم أجهزتنا.
ثانياً، نحصل باستمرار على تعليقات من مستخدمينا. على سبيل المثال لأننا نستهدف قطاع التعليم على وجه الخصوص، ننظم كل عام حدثاً يجمع مختلف المعلمين والعاملين في المدارس، ونسألهم: «كيف يستخدم الطلاب حواسيبهم؟ ما المشاكل التي تعانون منها من ناحية تكنولوجيا المعلومات وصيانة الأجهزة؟»
هذه هي الطريقة التي نتبّعها لإنتاج تصميم متين. إذ لدينا الآن أجهزة لا تسمح للسوائل بالبقاء داخلها في حال انسكب عليها الماء مثلاً.
نتّبع الطريقة ذاتها عند التعامل مع عملائنا من الشركات والأعمال. وبداعي الإنصاف، أود أن أقول إن التصاميم أصبحت متشابهة أكثر بين المصنعين المختلفين. لذا، إذا نظرت إلى الحواسيب من علامات تجارية مختلفة، فمن المحتمل أن تبدو متشابهة أكثر قليلاً في ميزاتها. ولكن ما زلنا نحاول إجراء القليل من البحث والتطوير وإدخال التقنيات الناتجة إلى الأجهزة، وإطالة عمر البطاريات، وإضافة الميزات التي تدير درجة حرارة الحاسوب وتعمل على منع إصدار المروحة للضجيج. حيث تُحدث هذه التفاصيل الصغيرة فرقاً شاسعاً.
ما أهمية تقديم التقنيات المبتكرة الجديدة مثل الشاشات ثلاثية الأبعاد؟
الابتكار ضروري دائماً، لأن التقنيات الجديدة هي ما يدفع المستخدمين لشراء الأجهزة.
نعلم جيداً أن هذه التقنيات قد لا تكون مستدامة كثيراً، أو قد لا تؤدي إلى صنع حاسوب مستدام، لكنك في الواقع لن تضمن الاستدامة عن طريق وقف الابتكار. فالشركات تحتاج إلى الابتكار لتعمل وتبقى قائمة. لكن بالطبع، تحتاج الشركات في نفس الوقت إلى إعطاء روح ثانية لأجهزة الحاسوب التي تُصنّعها. وهذا ما يعد مستداماً حقاً. بما معناه؛ استمر في الابتكار، ولكن تأكد من قدرة جهازك على الاستمرار بالعمل لدورة حياة ثانية أو ثالثة. وأعتقد أننا ناجحون في تقديم ذلك في أجهزتنا.
تحتاج شركة مثلنا إلى أن يشتري المستخدمون المزيد من الحواسيب، والتقنيات المبتكرة مثل الشاشات ثلاثية الأبعاد تجذب العملاء، حتى لو كانت ما تزال تجريبية بعض الشيء. إذ سبق أن أصدرنا نظارات ثلاثية الأبعاد، إلا أنها لم تلقَ رواجاً حقيقاً في السوق، فلقد كانت تتطلب الكثير من البحث والتطوير.
الآن، نستخدم تقنية تتتبع عينيك لتحصل على تأثير ثلاثي الأبعاد على الشاشات. ولهذه التقنية استخدامات محددة ضمن مجال التعليم مثلاً، لكن سوقها ليس كبيراً بعد. ومع ذلك، علينا أن نواصل اختبار وتقديم التقنيات الجديدة. فقد ينجح بعضها ويصبح جزءاً دائماً من أجهزة الحاسوب، وقد يأتي بعضها ويذهب. فعلى سبيل المثال، لم تلقَ أجهزة التلفاز ثلاثية الأبعاد طلباً كبيراً، إلا أننا نشهد الآن استخداماً متخصصاً لها في مجال محصور.
إلى ماذا تطمح شركة Acer في المنتجات التي ستقدمها في المستقبل؟
أؤمن أننا سنتبنى الذكاء الاصطناعي بسرعة كبيرة جداً من جميع النواحي، في أجهزتنا الموّجهة إلى الأفراد أو الشركات سواء، لأننا نرى أن الذكاء الاصطناعي هو موجة ضخمة. كثيراً ما تظهر التوجهات الأضيق نطاقاً مثل الشاشات الأبعاد الثلاثية، والبطاريات الأطول عمراً، وشاشات OLED التي نضيفها على أجهزتنا. لكنني لا أعتبرها كتوجهات ثورية. فهي ميزات رائعة حقاً، لكنها لم تقلب الموازين.
كل عقد، هناك فرصة لظهور موجة ضخمة تُحدث تغيراً حقيقياً، وتجعل حاسوبك الحالي قديماً، بل بالأحرى عفا عليه الزمن. وأعتقد أن الذكاء الاصطناعي قادر على ذلك لأن الألعاب، والبرامج الجديدة، وغيرها ستضم قدرات الذكاء الاصطناعي. وهذه القدرات لا يمكن لجهاز قديم استيعابها. وستحتاج شراء الأجهزة الجديدة للاستفادة من قدرات الذكاء الاصطناعي في الألعاب الجديدة وغيرها. وهذا ما أعتقد أنه سوف يُسرّع دورة إصدارة الأجهزة الجديدة، وهو أمر لم يحصل منذ فترة طويلة في هذه الصناعة. لأنه إذا قمت اليوم بشراء أي برنامج، فإنه سيعمل على حاسوبك حتى إذا كان عمره 10 سنوات.
بالمناسبة، جودة هذه الحواسيب الجديدة المزودة بقدرات الذكاء الاصطناعي عالية، لذا ستعمل لمدة طويلة.