القصة الغريبة خلف هاتف Escobar Fold الذي أطلقه أخ تاجر المخدرات بابلو إسكوبار

ما هو أول ما يخطر ببالك عند سماع اسم “إسكوبار”؟ الجواب المعتاد هنا هو زعيم عصابات المخدرات الأشهر في التاريخ: بابلو إسكوبار، والذي قاد عصابة Medellín في كولومبيا لسنوات، وبالنتيجة بات أغنى تاجر مخدرات حتى اليوم مع ثروة تعادل أكثر من 50 مليار دولار (بعد احتساب التضخم).

 

بالطبع فقد زالت إمبراطورية إسكوبار الإجرامية منذ زمن، حيث قتل إسكوبار نفسه منذ عام 1993، لكن ذكرى زعيم المنظمة الإجرامية لم تمت في الواقع، بل أنها تجددت بشدة مع مسلسل Narcos الذي أصدرته شركة Netflix، ويبدو أن الشعبية الجديدة للاسم قد قادت أخ المجرم الشهير إلى إطلاق شركة جديدة مع تصرفات غريبة عموماً ومثيرة للشكوك إلى أبعد حد.

 

في هذا الموضوع سنتناول القصة الغريبة والمثيرة للاهتمام للهاتف المسمى “إسكوبار فولد” وكيف بات اسم المجرم الشهير مرتبطاً بالهواتف الذكية.

 

بدايات “روبيرتو إسكوبار” وقاذفة اللهب المزيفة

 

لفهم القصة الكاملة من المهم معرفة الشخصية الأساسية خلف الهاتف المزعوم، وهو “روبيرتو إسكوبار” (Roberto Escobar) شقيق بابلو إسكوبار الأكبر وشريكه في إنشاء عصابة Medellín. حيث سجن روبيرتو منذ عام 1992، وبقي في السجن حتى إطلاق سراحه عام 2004. وبعد فترة من الهدوء وإصدار عدة كتب عن حياته السابقة، بدأ روبيرتو بسلسلة من التصرفات الغريبة بدأت بادعاءات عن إيجاده لدواء لمرض نقص المناعة المكتسب (AIDS) واستمرت بعدها.

 

بدأ الأمور بالاحتدام في عام 2016 حين حاول روبيرتو مقاضاة شركة Netflix بسبب إنتاجها لمسلسل Narcos، حيث طالب بتعويض بقيمة مليار دولار أمريكي لم يحصل عليه بالطبع. ولاحقاً عاد روبيرتو ليجرب حظه مع عملة رقمية مشفرة باسم Dietbitcoin لكنها لم تبصر النور قط.

 

وبالوصول إلى عام 2019 قرر روبيرتو إنشاء حملة على موقع GoFundMe لجمع 50 مليون دولار أمريكي لعزل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لكن الحملة أوقفت بسرعة بسبب إشارات الاستفهام حول مصير الأموال المرسلة إليها.

 

في صيف عام 2019 بدأ روبيرتو مشواره في العالم التقني، حيث أنه عرض ما يبدو كمشعل يعمل بالغاز صمم على شكل نافثة لهب للبيع لقاء 250 دولار، ومن ثم ادعى أن إيلون ماسك (Elon Musk) مؤسس شركة The Boring Company سرق الفكرة منه، حيث طالبه بتعويض بقيمة 100 مليون دولار وإلا فإنه سيقاضيه وسيستخدم النظام القانوني ليصبح الرئيس التنفيذي لشركة Tesla حسب تعبيره.

 

يذكر أن الأشخاص الذين اشتروا نافثة اللهب المزعومة حصلوا على قطعة من الورق كتب عليها “وثيقة ملكية”، لكن نافثة اللهب المزعومة لم تصل لأي من المشترين حتى اللحظة بعد قرابة عام من وقت طرحها.

 

هاتف “إسكوبار فولد” الأول والجدل حوله

 

قبل أن تعلن شركة Samsung عن أول هواتفها مع شاشة قابلة للطي مطلع عام 2019، سرعان ما أتت ردود الفعل على التسريبات من كل الجهات وحصل الهاتف الذي كان مجرد نموذج حينها على الكثير من التغطية الإعلامية. وبالنتيجة سرعان ما بدأ العديد من الشركات بالتخطيط لهواتف قابلة للطي من إنتاجها.

 

وبينما كان بعض المخططات محاولات حقيقية من شركات كبرى مثل Huawei ولاحقاً Motorola، فقد كان هناك محاولات عدة للاستفادة السريعة من الشعبية الجديدة للشاشات القابلة للطي، وكان أبرز هذه المحاولات هو هاتف باسم Royole Flexpai والذي أتيح للشراء قبل هاتف Galaxy Fold حتى.

 

على العموم كان هاتف Royole Flexpai مجرد محاولة معتادة للاستفادة من فكرة جديدة بسرعة كبيرة، حيث كان الهاتف يعاني من مشاكل كبرى عموماً، ومن الواضح أنه لم يكن مصمماً بشكل جيد. لكن وبسبب الاستعجال في إطلاقه كان الهاتف هو الأول مع شاشة قابلة للطي، وبالنتيجة تم تسعير الهاتف بما يعادل 1300 دولار أمريكي تقريباً.

 

مع نهاية عام 2019، بدأ روبيرتو إسكوبار بالخطوة الجديدة على ما يبدو بالكشف عن هاتف باسم “بابلو إسكوبار فولد”، وبسعر 350 دولاراً أمريكياً فقط كان الهاتف يبدو مغرياً للغاية. لكن وبالنسبة للمجتمع التقني كان الأمر واضحاً، فالهاتف بالصور لم يكن أي منتج جديد في الواقع، بل أنه كان هاتف Royole Flexpai سابق الذكر، لكن مع لصاقة بلون ذهبي تتضمن شعار إسكوبار، وبالطبع خلفية تحمل وجه زعيم العصابات الشهير بابلو إسكوبار.

 

مواضيع مشابهة

هاتف “إسكوبار فولد 2” الجديد

 

على الرغم من أن طلب هاتف إسكوبار فولد الأصلي كان متاحاً منذ شهر ديسمبر الماضي، لم يتم إرسال أية هواتف منه في الواقع، حيث لا توجد أية أدلة على أن الهاتف قد وصل إلى أي مستخدمين، لكن وفي شهر فبراير الماضي أعلنت شركة إسكوبار عن إطلاق الجيل التالي من الهواتف القابلة للطي: إسكوبار فولد 2. وبينما كان الأصلي مجرد هاتف Flexpai مع لصاقة، فقد أتى الجيل الثاني مع تصميم مختلف كونه مجرد هاتف Galaxy Fold مع نفس اللصاقات الذهبية وشعار إسكوبار عليها.

 

مع كون هاتف Galaxy Fold الأصلي يكلف قرابة 2000 دولار أمريكي لشرائه، يبدو من الغريب أن إصدار إسكوبار فولد 2 يباع بسعر 400 دولار، أي أقل من ربع سعر الهاتف الأصلي. ولهذه الغاية فقد حاولت الشركة تبرير الأمر بالاعتراف بكون الهاتف مجرد هاتف Galaxy Fold مع لصاقة، لكنها ادعت كونها تمكنت من شراء أعداد كبيرة من هواتف Galaxy Fold الزائدة عن الحاجة من الصين بأسعار بخسة، ولو أن المعلومات المتاحة تشير إلى أن تصنيع هاتف Galaxy Fold يكلف قرابة 700 دولار دون تكاليف البحث والتسويق والشحن وسواها.

 

نتيجة العرض الذي يبدو مغرياً جداً، فقد انتشر الحديث عن هاتف “إسكوبار فولد 2” في كل مكان وتناولته العديد من المواقع والمدونين التقنيين كونه يبدو كعرض لا يفوت. لكن المشكلة الوحيدة في الأمر هي أن الهواتف لم تكن تصل للمستخدمين في الواقع، وحتى شحنات الإصدار الأول من الهاتف لم تصل لأحد كذلك.

 

مع نهاية شهر فبراير الماضي، ظهر هاتف إسكوبار فولد 2 لأول مرة خارج الصور الترويجية، حيث ظهر الهاتف على قناة “Unbox Therapy” الشهيرة والتي قدمت مديحاً واضحاً للهاتف، لكن وبعد ردود الفعل الغاضبة ادعت القناة عدم دعمها أو ترويجها للمنتج أصلاً.

 

لاحقاً ظهر فيديو جديد على قناة ماركيز براونلي (Marques Brownlee) التقنية المعروفة، وفي الفيديو استعرض براونلي الهاتف وأزال اللصاقة الذهبية ليكشف شعار Samsung تحتها. لكن أهم ما ورد في الفيديو ربما هو أن براونلي كان قد طلب هاتف إسكوبار فولد الأصلي أولاً، ومن ثم طلب هاتف إسكوبار فولد 2 عند صدوره لكن باسم مختلف ومموه. وما حدث هو أن طلبه الثاني لم يصل أصلاً، فيما أن الطلب الأصلي “حصل على ترقية مجانية” وبالتالي أرسل إليه هاتف إسكوبار فولد 2 بدلاً من الأصلي.

 

هل هاتفا إسكوبار فولد مجرد خدعة؟

 

من غير الممكن الجزم بكون الأمر مجرد خدعة بالطبع، لكن بالنظر إلى الصورة الكاملة للأمر تظهر العديد من إشارات الاستفهام الكبرى التي تتناسب مع كون الأمر مجرد عملية احتيالية لجمع المال.

 

حتى الآن لم يستقبل أي مستخدمين عاديين أياً من هاتفي إسكوبار فولد، وجميع الهواتف التي أرسلت حقاً كانت لشخصيات مشهورة وصناع محتوى كبار على يوتيوب (قناة Unbox Therapy تمتلك 14 مليون متابعاً، فيما قناة Marques Brownlee تمتلك أكثر من 10 ملايين مشترك). ومن الممكن رسم ارتباط محتمل بين الأمرين بكون الهواتف ترسل إلى الشخصيات المؤثرة لتشجيع الزبائن العاديين على دفع المال لقاء المنتجات التي لن تصلهم أبداً.

 

بالطبع ففكرة شراء هاتف أو سواه من شخص معروف بكونه مجرماً خطراً ويصف نفسه بكونه “مدير الاغتيالات” في عصابة Medellín ليست فكرة جيدة أصلاً. وبالنظر إلى التاريخ الطويل من المنتجات الغريبة وغير المنطقية، وكون المنتجات لا تصل للمستخدمين أصلاً، فمن المهم الابتعاد عن التعامل مع هذه الشركة أو شراء منتجاتها إن كنت تريد ألا يضيع مالك سدىً.

 

في الواقع هناك بعض التخمينات المتداولة عن كون “روبيرتو إسكوبار” ليس الشخص الواقع خلف المنتجات الغريبة أصلاً، حيث أنه مسن وقد تجاوز عمره 73 عاماً، ووفق تخمينات البعض قد يكون نفسه عرضة للاستغلال من أشخاص آخرين يريدون استخدام اسم إسكوبار كدعاية مجانية لمنتجات احتيالية.

 

تحديث معلومات جديد

 

مؤخراً يبدو أن روبيرتو إسكوبار قد انتقل للمرحلة التالية من تصرفاته الغريبة والمنتجات المريبة للغاية التي يقدمها، إذ أزال موقع شركته أي ذكر لهواتف إسكوبار فولد 1 و2، وعند الدخول إلى صفحة الشركة لا يوجد أي منتج سوى هاتف باسم “Escobar Gold 11 Pro” والذي هو وفق الادعاء هاتف iPhone 11 Pro مطلي بالذهب، لكنه بعروض بسعر 499 دولار أمريكي فقط بينما هاتف iPhone 11 Pro الحقيقي يكلف بداية من 1000 دولار أمريكي لأدنى خيارات التخزين.

 

كما الهواتف التي كانت معروضة سابقاً، عليك الحذر للغاية من عرض كهذا فهو يبدو مريباً للغاية ومن شبه المؤكد أنه محاولة احتيالية مشابهة للسابق.

شارك المحتوى |
close icon