فضيحة علمية: أهم اكتشاف تقني منذ عقود على الأرجح مزيف
⬤ أعلن فريق بحث كوري عن اكتشاف غير مسبوق في الفيزياء: “ناقل خارق” يعمل بحرارة الغرفة.
⬤ قارن الخبراء أهمية هكذا اكتشاف بأهمية اكتشاف الترانزستور على قدرات المعالجة للحواسيب.
⬤ بعد التحقق، يقول عدد متزايد من العلماء أن الاكتشاف يبدو مزيفاً والمادة لا تعمل كما الادعاء حقاً.
خلال الأسبوعين الأخيرين هز خبر اكتشاف مادة تحمل اسم LK-99 العالم العلمي، وتبع ذلك العالم التقني وحتى الاستثماري. إذ كشف فريق علماء في كوريا الجنوبية عن أنه حقق اكتشافاً منتظراً منذ عقود، وهو ناقل خارق يعمل بحرارة الغرفة والضغط الجوي الطبيعي.
النواقل الخارقة (Superconductors) هي مواد تمتلك عدة خواص شديدة الأهمية والفائدة في المجال التقني، فهي تمتلك القدرة على نقل الكهرباء دون أي مقاومة كهربائية، كما أنها منفرة للحقل المغناطيسي، وهو ما يسبب ظاهرة غريبة بكونها تبدو طافية في الهواء في حال وضعها فوق المغانط بغض النظر عن القطب المغناطيسي الذي يواجهها.
في الوقت الحالي يعرف العلماء عدة أنواع للنواقل الخارقة، لكن جميع هذه النواقل تحتاج لشروط خاصة جداً لتعمل. إذ عادة ما تتطلب النواقل الخارقة التبريد إلى حرارة تقارب الصفر المطلق (-273.15 درجة مئوية)، أو حرارة قريبة من -200 درجة مئوية على الأقل، كما أنها عادة ما تحتاج لضغط مرتفع لتظهر خواصها كنواقل خارقة. لذا وعلى الرغم من أهمية هذه المواد فهي غير منتشرة الاستخدام في الوقت الحالي.
المميز في الاكتشاف الكوري المزعوم هو أنه يفتح الباب لاستخدام النواقل الخارقة على نطاق واسع للمرة الأولى في التاريخ. إذ زعم الفريق أن الناقل الخارق الذي اكتشفوه يعمل في حرارة الغرفة وحتى درجات حرارة تتجاوز مئة درجة مئوية، وسيعني ذلك ثورة تقنية كبرى مشابهة لتأثير الترانزستورات على العالم التقني في الستينيات من القرن الماضي.
بعد إعلان الاكتشاف، كان هناك اهتمام شديد من الأوساط التقنية، وتبع ذلك اهتمام هائل من شركات الاستثمار. إذ أظهرت التقارير أن العديد من شركات الاستثمار الكبرى بدأت بالبحث عن أهداف محتملة للاستثمار والاستفادة من أن تكون إحدى أولى المطبقين لتقنية ثورية. كما أظهرت البيانات أن عدة شركات كورية تعمل في مجال النواقل الخارقة قد تضاعف سعر أسهمها حتى 350% خلال أيام قليلة.
على أي حال، سرعان ما بدأت الشروخ بالظهور مع زوال الحماس الأولي. إذ لم تكن الدراسة التي نشرها الباحثون الكوريون مراجعة من قبل الأقران، كما أنها تضمنت شرحاً بسيطاً للمادة التي صنعوها ونجحوا بتجربتها. لكن وعند محاولة الفرق البحثية الأخرى لتكرار التجربة، لم يتم تسجيل أي حالة لكون المادة تتصرف كناقل خارق أصلاً.
حتى الآن لم يعلن الباحثون الكوريون عن أي تحديثات بشأن دراستهم الصادرة، لكن وبالنظر إلى الفشل العالمي المتكرر بإعادة نتائجها، بدأ المزيد من العلماء بوصف الدراسة بكونها مزيفة على الأغلب. إذ أن النواقل الخارقة التي تعمل في ظروف الغرفة ليست مستحيلة فيزيائياً، لكن وفي العقود الأخيرة كان هناك عدة ادعاءات مشابهة لادعاء الفريق الكوري، وفي كل مرة يتم تجربة النواقل الخارقة المزعومة، يظهر زيف الادعاءات ويتم سحبها.
تضمنت عمليات الدحض تجارب من جامعات عالمية مثل جامعة تايوان الوطنية، والمخبر الوطني للفيزياء (CISR) في الهند، وكذلك جامعة بكين الصينية. لكن الوصف الأقسى ربما أتى من المركز النظري للمادة المتكاثفة التابع لجامعة ماريلاند الأمريكية، والذي قال في منشور على تويتر: “مع قدر كبير من الحزن، نحن نؤمن الآن بأن اللعبة قد انتهت. LK99 ليس ناقلاً خارقاً في حرارة الغرفة ولا في درجات الحرارة المنخفضة جداً. إنه مادة شديدة المقاومة وسيئة الجودة دون شك. ليس هناك جدوى من محاربة الحقيقة، فقد قالت البيانات كلمتها.”