عراب الذكاء الاصطناعي يترك جوجل ويقول أنه نادم على إنجازاته في المجال
⬤ أعرب العالم جيفري هينتون، الحائز على “نوبل في الحوسبة”، عن خشيته من تطور الذكاء الاصطناعي.
⬤ كان هينتون قد عمل مع جوجل لسنوات لكنه تركها الآن ليحذر من أخطار الذكاء الاصطناعي المحدقة.
⬤ هينتون هو أحد أهم علماء الذكاء الاصطناعي في العالم ولطالما لقب بعراب المجال بسبب مساهماته الكبرى.
حاز جيفري هينتون (Geoffrey Hinton)، واثنان آخران من “عرّابي الذكاء الاصططناعي”، جائزة تورينج لعام 2018 في مجال علوم الحاسوب (وهي أعلى جائزة في المجال وعادة ما تلقب باسم نوبل لعلوم الحاسوب) عن عملهم وأبحاثهم التأسيسية التي ساهمت في الازدهار الحالي للذكاء الاصطناعي، غير أن هينتون يبدو نادماً بعض الشيء على تلك الأبحاث المهمة. ففي مقابلة أجراها هينتون مع صحيفة نيويورك تايمز، قال إنه استقال من منصبه في شركة جوجل للتكلم بحرية عن مخاطر الذكاء الاصطناعي.
وبالطبع سرعان ما شبه الكثيرون حالة هينتون مع عالم الفيزياء الشهير روبرت أوبنهايمر، الذي أشرف على مشروع مانهاتن وحصل على لقب أب القنبلة النووية. حيث عرف أوبنهايمر بندمه اللاحق على إسهامه بتطوير الأسلحة النووية وبات واحداً من أهم المحذرين من مخاطر انتشارها والمعارضين لتطويرها في السنوات التالية.
امتد عمل هينتون مع جوجل لما يربو عن عقد من الزمن، وقد قال في المقابلة: “أواسي نفسي بذلك العُذر البديهي؛ فلو لم أنهض بتلك الأبحاث، لقام بها شخص آخر. ولكن يصعب تحديد طريقة منع الجهات الفاسدة من استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي لأغراض فاسدة”. وكان هينتون قد أبلغ جوجل باستقالته خلال الشهر الماضي، وسرعان ما تحدث بعدها مع سوندار بيتشاي، الرئيس التنفيذي للشركة، دون أن تُعلَم تفاصيل النقاش والحوار الذي دار بينهما.
وسبق لهينتون أن انضم إلى شركة جوجل بعدما استحوذت على شركة أطلقها بالتعاون مع اثنين من طلابه، وقد أصبح أحدهما الآن كبير العلماء في شركة OpenAI التي طورت روبوت المحادثة ChatGPT. ونجح هينتون وطلابه آنذاك في تطوير شبكة عصبية قادرة على تعليم نفسها للتعرف على الأشياء الشائعة، مثل الكلاب والقطط والورود، وذلك بعدما عكفت على تحليل آلاف الصور. وهذا الأمر كان نقطة الانطلاق لتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT و Bard التابع لشركة جوجل.
وفي بادئ الأمر كان هينتون سعيداً بإشراف شركة جوجل على هذه التكنولوجيا، لكن سرعان ما تبدل الحال بعدما أطلقت مايكروسوفت محرك Bing الجديد المدعوم بالذكاء الاصطناعي من شركة OpenAI. وهذا الأمر طبعاً كان أشبه بتحدٍ لشركة جوجل، واستدعى منها إعلان حالة التأهب القصوى لمواجهته. وهنا يقر هينتون بصعوبة إيقاف هذه المنافسة الشرسة بين الشركات، مما يؤدي إلى تداعيات خطيرة مثل انتشار الصور والنصوص المزيفة التي يستحيل معها تمييز الصحيح منها والخطأ.
وقد سعى جيف دين، كبير العلماء في شركة جوجل، إلى التخفيف من وطأة كلام هينتون عبر إصدار بيان قال فيه: “إننا نظل ملتزمين بنهج مسؤول بخصوص أنظمة الذكاء الاصطناعي، ونحن نواصل التعلم لاستيعاب الأخطار الناشئة دون أن نتوقف عن المضي بشجاعة في درب الابتكار”.
واستدعى هذا البيان من هينتون أن يرد عليه بتغريدة موضحاً موقفه من شركة جوجل: “أشار المحرر في مقابلتي مع نيويورك تايمز إلى أنني تركت جوجل حتى أنتقدها بحرية، بيد أنني تخليت عن منصبي حتى أتكلم بحرية عن مخاطر الذكاء الاصطناعي دون أن ألتفت إلى تأثير ذلك على جوجل. وأقول هنا إن شركة جوجل تعاملت بمسؤولية مع هذه المسألة”.
وعلى العموم يبدو جلياً أن انتشار المعلومات المضللة هو مبعث قلق هينتون المباشر، غير أنه قلق كذلك من احتمال إلغاء الوظائف الروتينية بفعل الذكاء الاصطناعي، أو ربما إلغاء العنصر البشري كله حينما يعكف الذكاء الاصطناعي على كتابة وتشغيل أكواده. واختتم هينتون مقابلته مع الصحيفة بالقول: “قلة من الناس يرون أن هذه الأنظمة ستتطور لتصبح أذكى من البشر، ومعظمهم يرون هذا الأمر بعيد المنال. وأنا نفسي كنت أعتقد أن الأمر سيستغرق مدة تتراوح بين 30 إلى 50 عام، أو ربما مدة أطول منها. ولكنني ما عدت الآن مقتنعاً بذلك”.