رغم توسع عملياتها، بصمة Apple الكربونية تتقلص بشكل أسرع من أهدافها الموضوعة حتى

⬤ قلصت Apple انبعاثاتها الكربونية بنسبة 60% منذ 2015 وتستهدف تحييد 90% منها بحلول عام 2050
⬤ اتخذت Apple خطوات غير مسبوقة للحد من الانبعاثات غير المباشرة، أبرزها شراء طاقة متجددة لعملائها.
⬤ تعتمد استراتيجية Apple المناخية على الطاقة المتجددة والتصميم المستدام والتعاون الوثيق مع الموردين.
في أحدث تقاريرها البيئية، كشفت Apple عن تقدم ملحوظ نحو هدفها المتمثل في القضاء التام على بصمتها الكربونية، بعدما تمكنت من تقليص انبعاثاتها من الغازات الدفيئة بنسبة مذهلة بلغت 60% منذ عام 2015. ويشمل هذا الانخفاض المذهل دورة حياة منتجاتها وعملياتها بالكامل، من مراحل التصنيع المعقدة والحملات التسويقية العالمية، وصولاً إلى الطاقة المستخدمة في مكاتبها وحتى استهلاك الأجهزة لدى المستخدمين.
رغم أن العديد من الشركات، مثل Microsoft وأمازون، نجحت في تقليل الانبعاثات الناتجة عن عملياتها المباشرة، مستفيدة من انخفاض تكلفة الطاقة المتجددة وسهولة الوصول إليها مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلا أن التحدي الأكبر يكمن في السيطرة على ما يعرف «بالانبعاثات من النطاق الثالث،» وهي الانبعاثات غير المباشرة الناجمة عن شبكة الموردين الواسعة للشركات واستخدام العملاء للمنتجات. وهي من أكثر الجوانب صعوبة في القياس والتحكم.
لكن Apple تظهر ريادة استثنائية في هذا المجال، ففي خطوة غير مسبوقة، بادرت الشركة إلى شراء طاقة متجددة نيابة عن عملائها، وذلك مع إطلاق Apple Watch Series 9 ولاحقاً M4 Mac mini، في مسعى مباشر لتقليل الأثر البيئي لاستخدام الأجهزة.
كما سلط إعلان Mac mini الأخير الضوء على البصمة الكربونية الكبيرة لأشباه الموصلات، والتي تُعدّ العصب الرئيسي للإلكترونيات الحديثة. فالنموذج الأساسي من Mac mini ينتج حوالي 32 كيلوجراماً من الانبعاثات الكربونية على مدار دورة حياته، بينما يصل هذا الرقم إلى 121 كيلوجراماً في النسخة الأعلى أداء، أي ما يقارب أربعة أضعاف، ويعود ذلك بشكل أساسي إلى احتوائها على عدد أكبر من الشرائح المعقدة.
تقديراً لخطورة هذا الجانب، تعمل Apple بشكل وثيق مع مورديها من مصنعي أشباه الموصلات للحد من الغازات الدفيئة الفلورية (F-GHGs)، والتي تستخدم خلال عمليات الطباعة والتنظيف في صناعة الشرائح. فرغم ضرورتها التقنية، تفوق هذه الغازات ثاني أكسيد الكربون بآلاف المرات في قدرتها على احتباس الحرارة. وفي هذا الإطار، التزم 26 من موردي Apple المباشرين لأشباه الموصلات بتقليص ما لا يقل عن 90% من انبعاثات هذه الغازات. كما انضم جميع موردي Apple المباشرين لشاشات العرض إلى هذا التعهد الطموح.
يعكس أحدث تقارير Apple البيئية هذا التقدم بوضوح، إذ شهد العام الماضي وحده انخفاضاً قدره 800 ألف طن متري من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري، أي بتراجع نسبته 5% مقارنة بعام 2023. وعلى مدى العقد الماضي، انخفض إجمالي انبعاثات الشركة من الغازات الدفيئة عالمياً بأكثر من 60%، في وقت تشهد فيه انبعاثات شركات التقنية الأخرى ارتفاعاً ملحوظاً مدفوعاً بسباق الذكاء الاصطناعي المتسارع.
يظل تأمين الطاقة المتجددة، وتصميم المنتجات بأساليب أكثر استدامة، وتعزيز التعاون مع الموردين، هي الركائز الأساسية في استراتيجية Apple المناخية. ففي العام الماضي وحده، أفاد الموردون أنهم تجنبوا ما يقارب 24 مليون طن متري من الانبعاثات بفضل مشترياتهم من الطاقة المتجددة وتحسين كفاءة الطاقة.
لا تقتصر جهود Apple على تقليص الانبعاثات فحسب، بل تشمل أيضاً التوسع في استخدام المواد المعاد تدويرها. وقد شكلت تلك نحو ربع إجمالي المواد المستخدمة في منتجاتها العام الماضي. واللافت أن أكثر من 80% من العناصر الأرضية النادرة المستخدمة في الأجهزة، مثل المغناط الموجودة في هواتف iPhone، جاءت من مصادر معاد تدويرها في عام 2024، مقارنة بنسبة 75% في العام السابق. كما سجلت نسب مرتفعة من إعادة التدوير في معادن أخرى مثل التنجستن (99%)، والألمنيوم (71%)، والليثيوم (53%)، والذهب (40%)، والكوبالت (76%). وفي خطوة لتشجيع المستخدمين على إعادة التدوير، تقدم الشركة حالياً خصماً بنسبة 10% على الإكسسوارات للعملاء الذين يجلبون منتجات مؤهلة لإعادة التدوير إلى متاجرها.
لكن حتى مع هذه الإنجازات اللافتة، لا تزال Apple تنتج نحو 15.3 مليون طن متري من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في عام 2024، أي ما يعادل تقريباً ما تنتجه 40 محطة طاقة تعمل بالغاز الطبيعي خلال عام. ومع ذلك، فإن المقارنة بخط الأساس لعام 2015، حين بلغت الانبعاثات 38.4 مليون طن متري، تؤكد التقدم الكبير.
تتجه أنظار Apple الآن إلى هدفها الجريء المتمثل في تقليص انبعاثاتها الكربونية بنسبة 75% بحلول عام 2030، مقارنة بمستوى عام 2015. ومع تجاوزها بالفعل لنقطة المنتصف، لم يتبق أمامها سوى خمسة أعوام لتحقيق الهدف. أما فيما يخص نسبة 25% المتبقية من الانبعاثات، فستعتمد الشركة على برامج إزالة الكربون لمواجهتها، مع إعطاء الأولوية للحلول الطبيعية مثل إعادة التشجير، باعتبارها ذات الأثر الأسرع في المدى القصير. وذلك النهج مختلف نسبياً عن منافسين مثل Microsoft، التي تراهن أيضاً على تقنيات مثل التقاط الكربون المباشر من الهواء.
على المدى الأبعد، تسعى Apple للقضاء على 90% من انبعاثاتها بحلول عام 2050، بما يتماشى مع التوصيات العلمية اللازمة لتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ.