دراسة تقترح الاعتماد على أنماط حركة النمل لحل معضلة ازدحام الطرق
⬤ تطرقت دراسة حديثة لاستراتيجيات النمل البسيطة والمنظمة لتجنب الازدحام في مساراته حتى في الكثافات العالية.
⬤ اقترح الباحثون تطبيق تقنيات اتصال متقدمة للمركبات ذاتية القيادة مستوحاة من تواصل النمل عبر الفيرومونات.
⬤ اعترفت الدراسة بقيود عملية أمام الجزم بنتائج البحث، مثل التركيز على نوع واحد من النمل وسيناريو تحرك بسيط نسبياً.
أجرى أساتذة من جامعة ترينتو الإيطالية دراسة حول سلوك النمل لفهم كيفية تنقل هذه الحشرات بكفاءة دون توقفات أو ازدحامات، حتى عند وجود أعداد كبيرة منها. وقد نُشرت نتائج الدراسة مؤخراً في مجلة Transportation Research Interdisciplinary Perspectives، بمشاركة أساتذة متخصصين في بنية الطرق والبنية التحتية للسكك الحديدية، وفي ميكانيكا المواد الصلبة والهياكل.
لطالما ألهم سلوك النمل العديد من المجالات العلمية، نظراً لقدرته على حل مشكلات معقدة في الأنشطة الجمعية. فعند تحركها، تنشئ حشرات النمل شبكات مسارات تشبه حركة المرور على الطرق السريعة في عالم البشر.
باستخدام خوارزميات التعلم العميق، قام الباحثون بتحليل مسار نمل يبلغ طوله 30 سنتيمتراً، أي ما يعادل 100 ضعف طول جسم النملة الواحدة وسطياً، وذلك لتتبع حركاتها من خلال لقطات الفيديو. وقد درسوا مساراتها، وسرعاتها، وتدفقاتها، وكثافتها. وأظهرت النتائج أن النمل يتبع استراتيجيات مثل تشكيل الفصائل أو المجموعات الصغيرة، مع الإبقاء على سرعة ثابتة، وتجنب التجاوز، مما يساعد على منع الازدحام حتى في الكثافات العالية.
كما أشار الباحثون إلى أن النمل من الكائنات القليلة التي تدير تدفقات مرور ثنائية الاتجاه، بشكل مشابه لما يحدث على طرقنا، لكنه يفعل ذلك بسلاسة وبدون ازدحام. ويتبع النمل مسارات الفيرمونات (وهي مركبات كيميائية معقدة مستخدمة في نقل الإشارة من حيوان لآخر بتخصيص أكبر من الروائح) والتي يضعها قائد المجموعة، حيث يتحرك في تشكيلات متتابعة بفجوات صغيرة وبدون تجاوز.
أظهرت الدراسة أيضاً أن النمل يحل مشاكل المرور المعقدة باستخدام قواعد بسيطة ومنظمة ذاتياً، دون الحاجة إلى قواعد خارجية مثل تلك التي تنظم حركة المرور التقليدية. وتنشأ هذه القواعد من تواصل مباشر أو إشارات كيميائية فيما بين النمل، مما يجعل سلوكه أكثر تعاوناً إذا ما قورن بالمركبات على الطرق التقليدية للجنس البشري.
بناء على ما جرى استخلاصه في الدراسة من ملاحظة المتغيرات الدقيقة وتحليلات الاستراتيجيات الجماعية التي يتبعها النمل في مساراته، اقترح الباحثون منهجيات لتنظيم حركة المرور مستوحاة من سلوك النمل.
يتضمن ذلك في المقام الأول خلق تقنيات اتصالات متقدمة في المركبات الذاتية القيادة للتفاعل مع بعضها البعض ومع البنية التحتية للطرق، لتشكيل تشكيلات منسقة، كما هو الحال في تواصل النمل عبر الفيرمونات. بما يسمح للمركبات بالتحرك بسرعات عالية مع تباعد ضيق عبر المسارات المتوازية، مما يحسن كفاءة المرور ومستوى الخدمة، ويقلل من الانبعاثات الغازية.
لكن تنبغي الإشارة إلى بعض القيود والعوامل التي أتت على ذكرها الدراسة، وأحدها أن بيانات حركة المرور التي تم جمعها ركزت على نوع واحد فقط من النمل، ولا مجال لتعميم النتائج على جميع الأنواع. بالإضافة إلى ذلك، جرى التحليل استناداً إلى مقطع واحد من مسار مستقيم، دون وجود منحنيات أو تقاطعات أو مناطق نزاعات بين تدفقات النمل.
علاوة على ذلك، لا تزال المركبات ذاتية القيادة تقنيات ناشئة ومستجدة فعلياً، ولا توجد بيانات تجريبية من تطبيقات حقيقية على الطرق السريعة لدعم نتائج تلك الدراسة على أرض الواقع حالياً.