دراسة تتحدى الصورة النمطية: الألعاب مفيدة في بيئة العمل والتوظيف
⬤ كشف بحث جديد عن الأثر الإيجابي لممارسة الألعاب الإلكترونية على بيئة العمل.
⬤ يربط البحث هواية الألعاب بتنمية المهارات الناعمة، والقدرات المعرفية، والذاكرة.
⬤ لا تزال فوائد الألعاب خارج اهتمام الشركات اليوم، مع سيطرة الانطباع السلبي حيالها.
عن حسن أو سوء نيّة، يحظى هواة الألعاب الإلكترونية بسمعة كونهم غير منتجين ومنفصلين عن المجتمع، وهي صفات أبعد ما تكون عن التقدير في معظم بيئات العمل. ولكن بخلاف السائد، قد تكون تلك السمعة والانطباعات غير عادلة البتّة، لا بل ومضرة بالشركات نفسها أيضاً، حسبما أشار المحاضر الباحث في جامعة ملبورن، جييسي أولسن، في بحث نُشر مؤخراً.
يتحدى أولسن في بحثه الافتراضات القديمة حول ألعاب الفيديو في مكان العمل، في ظل التقدير المتزايد لأثر الألعاب في تطوير القدرات المعرفية والاجتماعية والعاطفية. وتلك هي المهارات الناعمة التي يثمنها الجميع في بيئة العمل، خاصة عند مواجهة الشركات للتغيرات والتحديات السريعة. ويصل الأمر به للجدال بأن الألعاب هي ـ على أقل تقدير ـ مؤشر إيجابي على قدرات كامنة لدى الموظف؛ مثل المشاركة في الرياضات، أو العمل التطوعي، أو الطهي والهوايات الأخرى.
تقدم أنواع مختلفة من الألعاب فوائد مختلفة؛ إذ تشجع ألعاب الطاولات (لوحات اللعب) على التفاعل الاجتماعي وتعزز التوازن بين المنافسة والتعاون، الأمر الذي يحاكي جداً بيئة الأعمال، وفقاً للباحث. كما وتُسهم ألعاب تقمص الأدوار في تعزيز الإبداع والعمل الجماعي والتعاطف، وذلك نقيض الصور النمطية والافتراضات التي تُسبغ سمة الانطوائية الاجتماعية والقلق والانعزال على أولئك اللاعبين.
في مناسبة أخرى سابقة، وبعد مراقبة وتتبع سلوك 25 لاعباً بالغاً لعبوا لعبة Dungeons & Dragons بانتظام على مدار عام كامل، لاحظت إحدى الدراسات انخفاض مستويات القلق والتوتر والاكتئاب، إلى جانب زيادة في احترام الذات والفعالية الذاتية. فيما وجدت مقارنة أخرى أوسع نطاقاً شملت 801 فرداً أن لاعبي Dungeons & Dragons أظهروا مستويات أعلى من المرح، والانفتاح على التجربة، والاستقرار العاطفي، مقارنة بأولئك الذين لم يلعبوا.
فضلاً عن ذلك، يمكن أن تحسن ألعاب الفيديو من المهارات المعرفية، مثل زمن رد الفعل، وسرعات المعالجة، والذاكرة، كما وتساعد أيضاً في إدارة التوتر من خلال تعزيز المرونة.
ليست تلك الملاحظات جديدة أو غريبة أبداً، كما لاحظ أولسن، مشيراً إلى دراسة عمرها عشر سنوات أجراها مايكل شرايج، وهو زميل زائر في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، والذي وجد أن ألعاب تقمص الأدوار متعددة اللاعبين عبر الإنترنت، مثل World of Warcraft وMinecraft، عززت المهارات المعرفية والاجتماعية، والتكيف والانضباط الذاتي.
لكن بخلاف ذلك، لا تزال العديد من الشركات اليوم إما غير مهتمة أو غير مدركة للأدلة التي تدعم فوائد الألعاب، وتستمر في شجب هذا النمط من الأنشطة والممارسات، في حين تُشيد بأنواع نشاطات أخرى ذات صلة بالرياضات البدنية التقليدية، كالتطوع لتدريب فريق أطفال مشارك في مسابقة رياضية ما. وغالباً ما يُنصَح الباحثون عن عمل بتجنب ذكر تجارب الألعاب الإلكترونية في السير الذاتية أو المقابلات، إلا إن كانوا ينشدون وظيفة داخل قطاع صناعة الألعاب.
تبعاً لذلك، يشير أولسن إلى أن عشاق الألعاب الإلكترونية سيستمرون بكتم شغفهم تجاه ما يستمتعون بقضاء وقتهم فيه، في حين لن يواجه غيرهم من هواة الأنشطة على أرض الواقع هذ النوع من التثبيط.
في النهاية، يكرر أولسن دعوته للمدراء لرفض هذا السياق من التفكير، داعياً مسؤولي التوظيف إلى مناقشة المرشحين حيال تجربتهم في الألعاب وأهميتها بالنسبة للوظيفة. مؤكداً أنه لا يدعو إلى توظيف مهووسي الألعاب الإلكترونية مهما كانوا، إنما «القادرين منهم على إدراك قيمة تجربتهم في الألعاب،» ونوه كذلك إلى أن تطبيع المحادثات بشأن الألعاب في مكان العمل من بين العوامل المساعدة في تحجيم تلك التصورات السلبية السائدة.