خوفاً من التجسس: المفوضية الأوروبية تزود موظفيها بهواتف وحواسيب للاستخدام مرة واحدة

⬤ وفق التقارير، بات موظفو المفوضية الأوروبية المسافرون للولايات المتحدة يستخدمون «أجهزة مؤقتة» خوفاً من التجسس.
⬤ تأتي الخطوة بعد أنباء عن تفتيش لهواتف المسافرين إلى الولايات المتحدة قبل السماح بدخولهم، مما وتر العلاقات الأوروبية الامريكية.
⬤ الهدف من استخدام الإلكترونيات المؤقتة هو تقليل احتمال الوصول غير المشروع لأية معلومات عالية السرية، وبالأخص لمنظمات حكومية.
في انعكاس لحالة التوتر المتفاقمة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، بدأت المفوضية الأوروبية بتزويد كبار مسؤوليها المسافرين إلى الولايات المتحدة بهواتف وحواسيب محمولة للاستخدام المؤقت (Burner) ومن طرازات عادية، وهي إجراءات أمنية عادة ما يتم اتخاذها عند السفر إلى دول يُتوقع فيها وجود رقابة حكومية صارمة. حسبما ذكرت تقارير إخبارية عدة.
يأتي هذا التحرك قبيل انطلاق اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في العاصمة الأمريكية واشنطن، والمقرر عقدها بين 21 و26 أبريل الجاري. وبحسب مصادر مطلعة على التعليمات الداخلية، تخشى المفوضية من احتمال سعي أجهزة الاستخبارات الأمريكية لاختراق أنظمتها الرقمية. وهو ما عبر أحد المسؤولين الأوروبيين صراحة عن القلق حياله.
تمثل هذه الإجراءات تحولاً كبيراً في تصنيف الولايات المتحدة ضمن دائرة الدول مصدر التهديد أمنياً، بعد أن كان هذا الأمر مقتصراً على خصوم جيوسياسيين تقليديين. في إشارة إلى عمق الأزمة الحالية التي يشهدها التحالف عبر الأطلسي.
في حين أكدت المفوضية الأوروبية أنها قامت مؤخراً بتحديث نصائح السفر الأمنية الخاصة بالولايات المتحدة، بالتنسيق مع جهازها الدبلوماسي، فقد نفت وجود تعليمات مكتوبة تلزم باستخدام هواتف مؤقتة. ومع ذلك، أقر متحدث باسم المفوضية بتعديل التوصيات لتعكس «الزيادة العامة في التهديدات السيبرانية على مستوى العالم.» كما نصحت المفوضية مسؤوليها الكبار بربط تأشيراتهم الإلكترونية بوثائق جواز السفر الدبلوماسي الصادرة عن الاتحاد الأوروبي بدلاً من جوازات سفرهم الوطنية، بهدف التأكيد على الطابع الرسمي للزيارة وتيسير الإجراءات القنصلية.
رغم نفي وجود تعليمات حرفية مباشرة بذلك الخصوص، فقد كشف تقرير من صحيفة Financial Times الموضوع، وتستمر الصحيفة الشهيرة بتأكيد مصداقية تقريرها، وسرعان ما لفت إعلاميون النظر إلى كون المفوضية الأوروبية سبق أن أنكرت تقارير إعلامية عديدة في الماضي قبل أن تعود وتعترف بها لاحقاً.
في سياق متصل، لا تقتصر المخاوف الأمنية على التجسس السيبراني من قبل أجهزة الدولة، بل تشمل كذلك الإجراءات الحدودية الصارمة في الولايات المتحدة، حيث يمتلك مسؤولو الجمارك صلاحيات تفتيش الأجهزة الإلكترونية ومصادرتها. وقد سُجّلت بالفعل حالات منع دخول لأوروبيين، من أكاديميين وسياح، بعد العثور على تعليقات أو ملفات تنتقد السياسات الأمريكية على هواتفهم أو حواسيبهم. وفي الشهر الماضي، تقدمت الحكومة الفرنسية بشكوى رسمية بعد منع باحث فرنسي من دخول الولايات المتحدة، بزعم أن جهازه تضمن ذكرا «آراء شخصية،» بينما بررت السلطات الأمريكية القرار بأن المعني كان بحوزته معلومات أمريكية سرية.

في ضوء هذه المخاوف، تضمنت التوصيات الموجهة إلى موظفي الاتحاد الأوروبي تعليمات بإغلاق الأجهزة عند عبور الحدود، واستخدام أغلفة واقية في حال ترك الأجهزة دون رقابة.
كما أقدمت عدة دول أوروبية، من بينها ألمانيا والدنمارك وفنلندا وهولندا وإيرلندا، على تحديث إرشادات السفر إلى الولايات المتحدة بشكل مستقل، داعية مواطنيها إلى الالتزام الصارم بإجراءات الدخول، بل وأوصت بعضها بإعادة النظر في السفر لشرائح معينة.
يرى الخبراء أن التجسس بين الحلفاء ليس سابقة، مشيرين إلى ما كشفته وثائق في عام 2013 حول قيام وكالة الأمن القومي الأمريكية (NSA) خلال إدارة باراك أوباما بالتنصت على هاتف المستشارة الألمانية السابقة، أنجيلا ميركل. لكن التوصية باستخدام أجهزة وحيدة الاستخدام ومنفصلة بالكامل عند السفر إلى الولايات المتحدة تمثل تصعيداً نوعياً في التعامل الأمني.