حلم Meta في الصين: كشف المستور عن عقد من المساعي والتنازلات المعروضة

⬤ كشفت شكوى قانونية مؤخراً عن مساعي Meta المطولة لدخول السوق الصينية بتقديم تنازلات كبيرة.
⬤ تضمنت جهود Meta تطوير أدوات الرقابة وحجب محتوى، ومشاركة بيانات المستخدمين مع السلطات.
⬤ رغم عقد من المحاولات، تخلت Meta عن خططها عام 2019، بينما تسعى الآن لمنافسة TikTok.
كشفت مديرة سابقة للسياسات في Meta عن جهود مكثفة امتدت لعقد من الزمن، بذلتها شركة التواصل الاجتماعي العملاقة سعياً لدخول السوق الصينية المربحة، لكنها باءت بالفشل في نهاية المطاف. ووفقاً لشكوى قدمتها سارة وين-ويليامز إلى هيئة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، فإن Meta، تحت قيادة مارك زوكربيرغ، أبدت استعداداً لاتخاذ تدابير قصوى، بما في ذلك تطوير نظام رقابة متطور والنظر في مشاركة بيانات المستخدمين، في محاولة لكسب رضا الحزب الشيوعي الذي يحكم الصين منذ سبعين عاماً.
جاء في الشكوى، التي تتألف من 78 صفحة وحصلت صحيفة The Washington Post على نسخة منها، أن Meta، التي كانت تُعرف حينها باسم Facebook، سعت بشكل حثيث للوصول إلى قاعدة مستخدمي الإنترنت الضخمة في الصين، حتى لو كان ذلك يعني التنازل عن التزامها بحرية التعبير وخصوصية المستخدمين. وتزعم وين-ويليامز، التي كانت ضمن الفريق المسؤول عن سياسة الشركة تجاه الصين قبل أن يتم فصلها في عام 2017، أن الشركة طورت نظام رقابة منذ عام 2015، يتيح لما يُسمى «بالمحرر الرئيسي» حذف المحتوى الذي تعتبره السلطات الصينية غير مرغوب فيه، بل وإيقاف المنصة بالكامل خلال فترات «الاضطرابات الاجتماعية.»
كما تفيد الشكوى بأن زوكربيرغ نفسه وافق على حجب حساب ناشط صيني معارض مقيم في الولايات المتحدة استجابة لضغوط مسؤول صيني رفيع المستوى. بالإضافة إلى ذلك، يُزعم أن كبار المسؤولين التنفيذيين في Meta ضللوا المستثمرين والجهات التنظيمية الأمريكية مراراً بشأن مساعيهم لدخول السوق الصينية.
إلى جانب ذلك، تشير وثائق داخلية في Meta، اطلعت عليها الصحيفة المذكورة، إلى أن الشركة تعرضت أيضاً لضغوط مكثفة من السلطات الصينية لإجبارها على تخزين بيانات المستخدمين الصينيين في مراكز بيانات محلية، وهو ما اعتبره نشطاء الخصوصية تهديداً خطيراً، ومطية لممارسات الرقابة والقمع. ومن المفارقات أن Meta نفسها سبق أن وصفت الصين بأنها تهديد لحرية الإنترنت العالمية، حين حذر زوكربيرغ في عام 2019 من أن الصين «تصدر رؤيتها الخاصة للإنترنت.»
حملت مساعي Meta لدخول السوق الصينية الاسم الرمزي «Project Aldrin،» وشملت منذ 2014 محاولات عدة لإثبات استعداد الشركة للامتثال لمتطلبات السلطات الصينية، من بينها صياغة رسالة في عام 2014 تعرض فيها المساعدة للقنصلية الصينية في سان فرانسيسكو لحذف «المواقع الإرهابية،» فضلاً عن اقتراح تعزيز التعاون مع السفارات والقنصليات الصينية حول العالم. كما درست الشركة خيار إضعاف إجراءات حماية خصوصية المستخدمين في هونغ كونغ لتعزيز موقفها التفاوضي. وفي عام 2015، انتشرت تقارير تفيد بأن Meta طورت أداة رقابة مخصصة للصين، ورغم اعتراف الشركة بوجودها، إلا أنها زعمت أن لم يجر استخدامها قط.
رغم عقد من المحاولات وإنشاء بنية تحتية كاملة للرقابة، تخلت Meta في النهاية عن طموحاتها في الصين عام 2019 مع تصاعد التوترات التجارية بين واشنطن وبكين. ومن المفارقات أن الشركة باتت تنظر اليوم إلى الفشل في الصين كفرصة لتحقيق مكاسب؛ إذ أفادت تقارير بأن زوكربيرغ يرى أن حظر التطبيق الصيني الشهير TikTok في الولايات المتحدة سيصب في مصلحة Meta، باعتباره منافساً رئيسياً لها.
أما وين-ويليامز، التي تعمل الآن كمستشارة في سياسات التقنية، فتؤكد أن من حق الجمهور معرفة حقيقة تعاملات Meta مع الصين. وفي المقابل، أقرّ المتحدث باسم Meta، آندي ستون، بأن الشركة كانت مهتمة بالعمل في الصين، مشيراً إلى أن ذلك «لم يكن سراً،» وأن الأفكار التي تمت مناقشتها لم يتم تنفيذها، وهو ما أعلنه زوكربيرغ رسمياً في 2019.