ثورة جديدة في التنبؤات الجوية بفضل نموذج ذكاء اصطناعي أوروبي جديد للطقس

⬤ أعلن المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى عن نظام الذكاء الاصطناعي للتنبؤات الجوية AIFS.
⬤ أثبت AIFS كفاءته ودقته الفائقة في الاختبارات، متنبئاً بمسار إعصار قبل 12 ساعة من النماذج التقليدية.
⬤ تمتد دقة التنبؤات في أوروبا إلى ستة أو سبعة أيام للأمطار والرياح، وإلى 14 أو 15 يوماً لدرجات الحرارة.
تستعد أوروبا لمرحلة جديدة في مجال التنبؤات الجوية، مع إطلاق نظام ذكاء اصطناعي ثوري يعيد تعريف كيفية توقع الأحوال الجوية والاستعداد لها. فقد أعلن المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى (ECMWF)، وهو مؤسسة حكومية دولية رائدة، عن إطلاق نظام الذكاء الاصطناعي للتنبؤات الجوية AIFS، ليكون طفرة حقيقية، متفوقاً على أساليب التنبؤ التقليدية بنسبة مذهلة بلغت 20%، مع قدرته على تقديم توقعات دقيقة تصل حتى 15 يوماً.
يأتي هذا الابتكار في وقت يشهد العالم تزايداً في الظواهر الجوية المتطرفة، والتي تتفاقم بفعل الاحتباس الحراري المتسارع. وفي بادرة تعكس التزام المركز الأوروبي بالتقدم العلمي العالمي، سيتم توفير هذه التوقعات بشكل مجاني ومتاح للجميع في أي وقت.
على مدار عقود، اعتمدت نماذج التنبؤ التقليدية على تحليل ملايين الملاحظات الجوية العالمية من خلال معادلات فيزيائية تتم معالجتها في الحواسيب الفائقة. ورغم نجاح هذه الأساليب، تبرز الحاجة لتوظيف نماذج الذكاء الاصطناعي بقدرتها على التعلم انطلاقاً من كميات هائلة من البيانات، مما يمكنها من الكشف عن ديناميكيات الطقس المعقدة التي قد تعجز النماذج التقليدية عن تمثيلها بدقة.
تجلت تلك القدرات بوضوح في الاختبارات التجريبية لنظام AIFS، حيث أثبت تفوقه الملحوظ، وتمكن من تحديد مسار أحد الأعاصير المدارية قبل 12 ساعة من التوقعات التقليدية، مانحاً وقتاً إضافياً بالغ الأهمية لحماية المجتمعات المتضررة.
إلى جانب ذلك، برهن AIFS على كفاءته الحوسبية الفائقة أيضاً. إذ يعمل النموذج الجديد بسرعات مذهلة ويستهلك طاقة أقل بألف مرة مقارنة بالنماذج التقليدية القائمة على الفيزياء.
رغم إرثه الممتد لأزيد من 50 عاماً في مجال التنبؤات الجوية، ليس المركز الأوروبي للتنبؤات الجوية متوسطة المدى وحده في السباق نحو الذكاء الاصطناعي، بل إلى جانبه عمالقة التقنية، مثل Google DeepMind، عبر نماذجها GenCast وGraphCast، وهواوي من خلال نموذج Pangu-Weather، إضافة إلى FourCastNet من Nvidia ونظام FuXi التابع لأكاديمية الذكاء الاصطناعي في شنغهاي وجامعة فودان. لكن اللافت أن هذه النماذج، بما فيها AIFS، تعتمد على قاعدة بيانات ECMWF التي تضم ملاحظات جوية تمتد لأربعة عقود.
بطيبعة الحال، يتسم مشهد التنبؤات الجوية بالذكاء الاصطناعي بالتنوع، حيث تتفوق أنظمة مختلفة في مجالات محددة. لكن الذكاء الاصطناعي عامل من شأنه أن يُحدث الفارق. ورغم اشتداد المنافسة، يلتزم ECMWF بمبدأ التعاون والانفتاح، حيث أطلق إطار عمل تقني مفتوح المصدر لأنظمة الذكاء الاصطناعي للتنبؤ الجوي، يحمل اسم Anemoi، بالاستناد إلى هندسة «الشبكات العصبية البيانية» المشابهة لما هو موجود في نماذج الطقس من Google DeepMind.
في ضوء ذلك، يبدو أن المستقبل متجه نحو تكامل الذكاء الاصطناعي مع النماذج الفيزيائية التقليدية، والتي لا تزال تلعب دوراً محورياً، خاصة في عمليات تحليل البيانات الأولية اللازمة لتدريب النماذج الذكية، حسبما أشار ماثيو تشانتري، رئيس الاستراتيجية في ECMWF.
في الوقت الحالي، تمتد دقة التنبؤات اليومية الموثوقة في أوروبا إلى ستة أو سبعة أيام للأمطار والرياح، وإلى 14 أو 15 يوماً لدرجات الحرارة. ولكن مع دخول الذكاء الاصطناعي إلى هذا المجال، يبدو أن هذه الحدود مرشحة للتوسع.