تحولات المشهد الترفيهي في الشرق الأوسط في ظل التطورات التقنية المتسارعة

يشهد المجال الترفيهي في السنوات الأخيرة ثورة حقيقية من حيث طريقة توزيع المحتوى والوصول إليه وتخصيصه لرغبات المستخدمين وتفضيلاتهم. وفي وسط هذا المشهد سريع التحول، بات معظم المشاهدين يفضلون منصات البث عبر الإنترنت كمنفذهم الأساسي للتعرف على المحتوى ومشاهدته. وفي وسط هذا التحول، تعد منصة «ستارزبلاي» واحدة من رواد شركات البث والمحتوى في المنطقة العربية. حيث تتضمن كماً كبيراً من المحتوى المتنوع الذي يتراوح بين المسلسلات والأفلام بالإضافة للمحتوى المخصص والرياضي. وبفضل الشراكات الكبيرة التي قامت بها الشركة، فقد باتت تمتلك اسماً قوياً في الصناعة، وهو ما تحدثنا عنه في مقابلة أخيرة أجريناها مع كل من السيد كالباش باروت، نائب رئيس المنتجات في ستارزبلاي، وفراز أرشد، الرئيس التنفيذي للتكنولوجيا في ستارزبلاي.

كيف توازنون تخصيص المحتوى عبر منصتكم؟
باروت: يتمحور تخصيص المحتوى لدينا حول إيجاد التوازن الصحيح بين الانسجام والاكتشاف. فعلى الرغم من أننا نولي الاهتمام لتقديم محتوى يتماشى مع تفضيلات المشاهدين، فنحن نحرص أيضاً على تشجيعهم على استكشاف محتوى جديد ومختلف. وتتيح لنا أحدث تكاملات الذكاء الاصطناعي، التي تم تعزيزها من خلال شراكتنا الأخيرة مع Seekr، تقديم توصيات محتوى مخصصة لمشاهدينا. وفي الوقت عينه، ساهمت هذه الشراكة في تمكين جهودنا لتعزيز وظائف البحث لضمان اكتشاف المستخدمين لمحتوى جديد بأساليب تناسبهم، إذ يمزج نظام التوصيات القائم على الذكاء الاصطناعي لدينا بين الرؤى المستندة إلى البيانات وإدارة المحتوى. نعمل على تحليل سلوك المستخدم مما يشاهده ويتفاعل معه ويعود إليه، وفي الوقت عينه نراعي الاتجاهات الشاملة والمحتوى المميز الذي قد يكون خارج اختياراته المعتادة. توفر الميزات المتواجدة على منصتنا مثل «لأنك شاهدت»، و«الأكثر رواجاً الآن»، و«موصى به لك» توازن بين المحتوى المفضل والمحتوى المكتشف حديثاً.
ما هي أهم الاختلافات التي لاحظتموها في سلوك وتفاعل المستخدمين عبر المنطقة؟
باروت: لقد تمكنا في ستارزبلاي من إدراك وجود تباينات واضحة في سلوك المستخدم عبر منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتتأثر هذه الفوارق بخيارات المشاهدة المحلية، وعادات المشاهدة، وتفضيلات المحتوى.
لعل أحد أبرز هذه التباينات هي تفضيلات المحتوى، فمثلاً في الإمارات العربية المتحدة لدى المشاهد اهتمام قوي بأفلام هوليوود الضخمة، والمسلسلات التلفزيونية الراقية، والرياضات الحية وبخاصة الكريكيت والفنون القتالية المختلطة. وفي المقابل، يميل المشاهدون في مصر وشمال إفريقيا أكثر إلى المحتوى المدبلج إلى العربية، والإنتاجات المحلية، والأفلام التقليدية الكلاسيكية.
أيضاً تظهر اختلافات في سلوكيات المشاهدة. بينما يعتبر وقت الذروة شائعاً على مستوى العالم، نلاحظ في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا زيادة في المشاهدة خلال ساعات متأخرة من الليل، وخاصة في عطلات نهاية الأسبوع وخلال شهر رمضان، حيث يستمر استهلاك الوسائط الترفيهية إلى ما بعد منتصف الليل.
من خلال فهم هذه الفروقات الإقليمية، يمكننا الاستمرار في تحسين استراتيجيتنا للمحتوى، نماذج التسعير، وتجربة المنصة بشكل عام، ما يتيح لنا تلبية احتياجات الجمهور المتعدد في مختلف أنحاء المنطقة.
كيف تضمنون أمان وخصوصية البيانات على منصتكم من الهجمات؟
أرشد: نؤمن بشدة بأهمية الحفاظ على أمان البيانات وضمان استخدامها بطريقة مسؤولة وشفافة لصالح المستخدمين، ويعتبر ضمان أمان وخصوصية البيانات ومراعاة المبادئ الأخلاقية في استخدام تفضيلات المستخدمين مسؤولية محورية لدينا حيث نولي الاهتمام لتدقيق ضوابط البيانات بانتظام لضمان تطبيق جميع إجراءات الأمان اللازمة خلال تخزين ونقل البيانات، كما نلتزم بمنهجيات التطوير والدمج الآمنة لحماية البيانات بشكل كامل.
بالنسبة لخصوصية المستخدم، يتم إخفاء البيانات الشخصية من خلال استبدال البيانات الأصلية بمعرفات أو رموز غير مرتبطة بالهوية الحقيقية للفرد (Pseudonymization)، ما يعني أننا لا نجمع أي معلومات تعريف شخصية قابلة للتحديد (PII) ونحرص أيضاً على ضمان الشفافية في عمليات جمع البيانات وإجراءات الاحتفاظ بها على مستوى كل مستخدم، ما يحقق الالتزام الكامل بحقوق الخصوصية. لذا تسمح لنا تدابير الأمان والخصوصية هذه، بتجنب التخصيص المفرط وغير المتوازن، معتمدين إطار عمل الذكاء الاصطناعي الأخلاقي لضمان سلامة البيانات.
كيف تستخدمون الذكاء الاصطناعي في منصتكم؟
باروت: يُشكل الذكاء الاصطناعي جزءاً جوهرياً من تحسين تجربة المستخدم لدينا. فنحن نستفيد من الذكاء الاصطناعي عبر عدة نقاط تفاعل لضمان اكتشاف المحتوى بسلاسة، والتخصيص الفعّال، وتحسين أداء المنصة.
من خلال تقديم توصيات محتوى مخصصة، تعمل خوارزمياتنا على تحليل أنماط المشاهدة وتفضيلات المحتوى وسلوك المستخدملتوفير اقتراحات شاملة وذات صلة، وعدم عرض نفس المحتوى أو الأفكار، فتقدم محتوى جديداً خارج نطاق سجل المشاهدة المعتاد، ما يحقق التوازن بين الانسجام والاكتشاف. كما نعمل على تعزيز إمكانيات البحث لتسهيل اكتشاف المحتوى من خلال تحسين البحث باللغة الطبيعية (أي اللغة اليومية) بعيداً عن اللغات البرمجية التي تستخدمها الحواسيب. ويساعد الذكاء الاصطناعي في وضع علامات على المحتوى، ما يسهل على المستخدمين العثور على ما يبحثون عنه.
نحن أيضاً نواكب اتجاهات الصناعة ورؤى المستخدم لفهم تفضيلات استهلاك المحتوى وتنفيذ التغييرات وفقاً لذلك، وذلك من خلال تعاوناتنا الجارية مع مقدمو خدمات الذكاء الاصطناعي، التي تمكننا من إضافة العديد من الميزات الجديدة إلى المنصة لتحسين تجربة البث ورفعها إلى مستوىً جديد. كما نقوم باستمرار بتحسين نماذجنا باستخدام ملاحظات المستخدمين الفعلية وبيانات الأداء لضمان تقديم الذكاء الاصطناعي قيمة حقيقية، مع الالتزام الصارم بممارسات الذكاء الاصطناعي الأخلاقية والخصوصية. ويتمحور هدفنا حول إنشاء تجربة بث مخصصة وفعالة وجذابة، حيث يعزز الذكاء الاصطناعي سهولة الاستخدام دون إرهاق المستخدمين بالأتمتة المفرطة.
ما هي أهم الاتجاهات التقنية التي تلاحظونها في مجال المحتوى الإلكتروني، وكيف تعملون على تبنيها؟
أرشد: شهد العالم تحولاً كاملاً نحو استهلاك المحتوى الإلكتروني، حيث يركز مقدمو الخدمات مثل ستارزبلاي بشكل كامل على تبني التقنيات الحديثة والاستفادة من الذكاء الاصطناعي. نحن نستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي في مجالات متعددة مثل إنتاج المحتوى القصير وتقديم التوصيات، بالإضافة إلى تحديث تخصيص المحتوى من خلال إعداد البيانات التفسيرية والتفريغات مع دعم التعليق الصوتي متعدد اللغات.
نعمل أيضاً على تطوير روبوتات المحادثة التفاعلية الشخصية، وتوفير بحث موحد لتسهيل اكتشاف المحتوى، ودمج التجارة الإعلامية وعناصر التلعيب (Gamification) لتحسين تجربة المستخدم وزيادة تفاعله ومشاركته.