تريد بيع لعبتك في الصين؟ قائمة المحظورات المطولة ستجعل المهمة صعبة جداً
تعرف الصين اليوم بأنها أكبر سوق للترفيه في العالم بأكمله. حيث أن عدد السكان الهائل للبلاد يجعلها مكاناً مغرياً لأي شركة تعمل في أي مجال وبالأخص في مجال الترفيه. حيث أن البلاد سوق أكبر من أي مكان آخر لمشاهدة المباريات الرياضية والأفلام وسواها. وبالنسبة للصناعة الترفيهية الأكبر دون منازع: الألعاب، يظهر الأمر بشكل أكبر حتى.
وفق التقديرات، هناك أكثر من 740 مليون لاعب للألعاب الرقمية في البلد الأكبر في العالم. ويوازي هذا العدد سكان الولايات المتحدة ومعها كامل العربي أيضاً. لذا تعد الصين السوق الذهبية التي تريد أي شركة ألعاب في العالم النجاح ضمنها، فهي أكبر بمراحل من أي منافس آخر. وبالنتيجة تتسابق كبرى شركات الألعاب اليوم لبيع ألعابها في الصين، ولو أن ذلك يكلف الكثير من الجهد في الواقع.
ربما تكون الصين هي أكبر سوق للترفيه في العالم، لكن إيصال الترفيه إلى الصين ليس بالمهمة السهلة أبداً نتيجة القيود الكبيرة. حيث تعرف الصين بتقييد العديد من الأمور من دخولها من العالم الخارجي. وفي عالم الترفيه تتلقى الألعاب بالتحديد المصير الأسوأ مع مستوىً عالٍ من الرقابة. وفي هذا الموضوع سنتناول بعض النواحي الأغرب لتحكم الصين بسوق الألعاب الخاص بها.
لتنشر اللعبة في الصين، يجب أن تمتلك شريكاً صينياً
بدأ تطبيق هذه القاعدة قبل أكثر من عقد من الزمن عندما عادت البلاد للسماح بدخول الألعاب إليها بعد حظر امتد سنوات. حيث تم فرض تعاون أي ناشر ألعاب أجنبي مع شريك صيني محلي ليتمكن من العمل، وبالطبع كان هناك وفرة من الشركاء. وكانت عمالقة التقنية الصينية التي تم تنميتها بحظر منافستها العالمية هي الفائز الأكبر.
حيث استفادت شركات مثل Tencent من القاعدة لتنمو بشكل هائل وتأكل صناعة الألعاب بشكل حقيقي. حيث قامت الشركة بشراء العديد من استديوهات تطوير الألعاب حول العالم بشكل كامل أو بالاستحواذ على حصص كبيرة. وبالنتيجة تعد Tencent أكبر ناشر ألعاب في العالم اليوم.
لا يوجد نظام تصنيف عمري: على كل الألعاب أن تناسب الأطفال
على عكس معظم الأماكن الأخرى في العالم، لا يتم تصنيف الألعاب لفئات عمرية مختلفة في الصين. بل أن جميع الألعاب متاحة لجميع اللاعبين، وبالتالي يجب أن تكون مناسبة لهم. وبالمحصلة على الألعاب أن تراعي عدم وجود عنف مفرط أو أي نوع من العري، وحتى أمور مثل ظهور الدماء محظورة تماماً.
في الواقع لا يمكن عرض هياكل عظمية أو أجزاء مبتورة من الأجساد في الألعاب أبداً. فإن كانت اللعبة تتضمن هياكل عظمية يجب أن تكسى لحماً، وإن كانت تتضمن دماً يجب أن يتغير لونه. حيث أن العديد من الألعاب المسوقة للصين تستبدل اللون الأحمر المعروف للدماء باللون الأسود أو حتى الأخضر. والنتيجة هي تصعيب الأمور بشدة على مطوري الألعاب، وبالأخص في الألعاب القتالية التي تحتاج لظهور الدماء بوضوح.
لا يقتصر الأمر على العنف والعري فحسب، بل تمتد القائمة إلى أي شيء تعتبره الحكومة الصينية لا أخلاقياً أو غير مقبول. حيث يحظر عرض أي شيء متعلق بالمقامرة كما هو متوقع. لكن المحظورات تمتد لتشمل أموراً غريبة مثل الغيلان والزومبي مثلاً، وتتضمن مفاهيم ممنوعة تماماً مثل التقمص أو أي شيء يشير إليه.
أي تلميح ولو بعيد لموقف سياسي مختلف عما تفضله الحكومة الصينية محظور
تريد نشر لعبة تتضمن شخصية شريرة هي مسؤول حكومي صيني؟ حظاً أفضل في أي مكان سوى الصين. تتضمن لعبتك ذكراً لكون هونغ كونغ أو حتى تايوان مستقلة؟ لا أمل بالنشر في الصين ولو في الأحلام. تتضمن لعبتك تلميحاً لمواقف سياسية معادية للشيوعية أو تسلط أي ضوء سلبي على الحكومة الصينية؟ انسى نشر لعبتك الحالية في الصين، وربما لا يسمح لك بنشر أي ألعاب في المستقبل حتى.
ولا تقتصر المشكلة هنا على انتقاد الحكومة الصينية أو سلوكها فحسب، بل أن أي شيء تراه الصين مهيناً يكفي لحظرك. ومجرد التلميح لوجود التبت كدولة مستقلة مثلاً أو إلى مظاهرات سكان مدينة هونغ كونغ يكفي لإغضاب الرقابة الصينية منك. وفي بعض الحالات تصل الشركات بمرحلة الحظر الذاتي إلى معاقبة أي لاعب يهاجم الصين أو يعارضها. حيث قامت شركة Blizzard الأمريكية بحظر أحد أفضل لاعبي لعبة Hearthstone عام 2019 لأنه أيد مظاهرات هونغ كونغ. وحتى أنها طردت موظفيها الذين قابلاه عند إدلائه بالتصريح.
حيث تقوم Blizzard ومعظم الشركات الكبرى في عالم الألعاب اليوم بتطبيق سياسة حظر داخلي لتجنب أي إهانة للصين. حيث أن “مشاعر” الحاظرين رقيقة ومن السهل أن يقرروا منع أي لعبة يريدونها وحرمان الشركة المطورة من ملايين الدولارات.
القواعد ليست ثابتة أصلاً، وعند الرغبة قد يكون أي شيء قابلاً للحظر
تمت صياغة القواعد التي يستخدمها موظفو الرقابة الصينية لحظر الألعاب بشكل عام جداً وفضفاض. حيث يمكن تفسير هذه القواعد بأي شكل يريده موظفو الرقابة، وعند وجود رغبة كفاية يمكن أن يعد أي شيء كتهديد للأخلاقيات او العادات الصينية مثلاً. أو أنه وهن لعزيمة الأمة ربما ويؤثر على شبابها وأسسها بشكل سلبي.
نتيجة هذه الصياغة الفضفاضة وقابلية التفسير بأي شكل كان، لا يمكن ضمان أن أي لعبة ستعبر عبر الرقابة الصينية. وحتى في حال قمت بتعديل اللعبة لتكون مناسبة بشكل كامل للصين وقواعدها الصارمة فربما تفاجئ بقاعدة أو توجه جديد أو حتى تفسير مختلف يترك لعبتك حبيسة السوق السوداء في البلاد الأكبر في عالم الألعاب.
مواضيع قد تهمك:
- “جيجابايت” تعتذر من الصين بعد حظر منتجاتها ومقاطعة أودت بسعر أسهمها
- عمالقة التقنية يتعاملون مع شركات متورطة باستغلال مسلمي الإيغور في الصين وفق التقارير
التأثير عالمي وغير محصور بالصين وحسب
قد يبدو ما يجري في الصين غير مهم للكثير من الأشخاص لأنه لا يمتلك أي تأثير مباشر عليهم. لكن الواقع مختلف عن ذلك، وما يحدث في عالم الألعاب في الصين ينعكس بشكل مباشر وواضح على نطاق عالمي. حيث أن الرقابة الصينية لا توقف اهتمامها بما هو متاح في الصين فحسب، بل بكل ما يقوم به الناشر في أي مكان من العالم. وفي الكثير من الحالات يمتد التأثير إلى العلاقات والتعاون ومجرد التعاون مع جهة لا تحبها الصين قد يكفي للحظر.
بالنتيجة باتت العديد من الشركات إما متواطئة بشكل مباشر مع الصين بحيث تصنع المحتوى ليكون مناسباً لرغبات الصين ولو كان موجهاً لأي مكان آخر في العالم. كما أن أي شركة تجرب السير بشكل مختلف لأنها لا تكترث للسوق الصينية تخاطر بعزلة مفروضة بواقع أن التعاون معها سيصبح محرماً بنظر الشركات الأخرى.