هل يمكن لشبكات الجيل الخامس 5G إصابتنا بالأمراض؟
في أوائل شهر أبريل الماضي، ظهرت بعض المزاعم من المجموعات التي تتبنى نظريات المؤامرة داخل المملكة المتحدة، وتزعم بأنّ شبكات الجيل الخامس (5G) تُسبب انتشار فيروس كورونا الجديد، ورغم أنّها بعيدة كل البُعد عن الحقيقة، إلا أنّ هناك بعض الناس الذين يعتقدون بأنّ شبكات 5G يمكن أن تصيبهم بالأمراض.
لكن على ما يبدو فهناك تفسير علمي لهذا الأمر، حيث يوجد شيء يُطلق عليه «عدم تحمّل البيئة مجهول السبب» أو الحساسيات الكيميائية المتعددة (MCS) أو الأمراض البيئية، وتحدث عندما توجد أعراض لا يمكن تفسيرها.
ويُشير هذا المفهوم إلى مجموعة من الأعراض المتكررة التي يعاني منها بعض الأشخاص والتي لا يمكن إرجاعها إلى مشكلة طبية تم تشخيصها، حيث يقول عنه أومير فان دن بيرج: «يبدو أن هناك معدلًا أساسيًا في عدد السكان الذين يُبلّغون عن أعراض لا يمكن ربطها بخلل جسدي».
ويضيف أستاذ علم النفس الصحي بجامعة لوفين في بلجيكا: «هناك مجموعة من الأشخاص يميلون إلى نسب هذه الأعراض إلى أسباب بيئية، وهؤلاء هم الأشخاص الذين نُطلق عليهم ما نسميه القلق الصحي الحديث».
فبدلًا من تعرضهم لأنواع الحساسية المعروفة طبيًا مثل العطور والمنظفات المنزلية، تميل هذه المجموعة من الأشخاص إلى ربط تلك الأعراض إلى الإشعاع الكهرومغناطيسي في البيئة، ومن هنا تبدأ نظرية المؤامرة حول شبكات اتصالات الجيل الخامس.
يقول البروفيسور أومير إنّ الناس يربطون الأعراض الجسدية عادةً بسبب فسيولوجي، وعندما تكون هناك أعراض بدون سبب فسيولوجي يبدأ الشخص بالبحث عن أي سبب يُرضيه، وفي هذه الحالة يمكن أن يعثر على مجموعة تتبنى نظرية الإشعاع الكهرومغناطيسي، ويبدأ في الاقتناع بأنّها السبب في ما يحدث له.
أضرار شبكات الجيل الخامس 5G
تم وصف آثار إشعاعات الجيل الخامس على أنّها ضارة من قِبل البعض على الرغم من وجود الكثير من الأدلة التي تثبت عكس ذلك، وكما ذكرنا في مقدمة هذا التقرير، ذهب البعض إلى ما هو أبعد من ذلك، واتهموا شبكات 5G بأنّها السبب في انتشار فيروس كورونا الجديد، وهو أمر بعيد عن الصواب تمامًا.
لكن محاولات العلماء والجهات الرسمية لنشر المعلومات الصحيحة في هذا الخصوص، لم يمنع المتظاهرين الغاضبين من إحراق أبراج الاتصال ونشر جداريات مناهضة للجيل الخامس في جميع أنحاء العالم.
وحتى الآن لا يوجد أي دليل دامغ على أنّ شبكات الاتصالات الجديدة تُسبب أضرار جسدية أو تمتلك مستويات إشعاعية أكثر ضررًا من الموجودة بالفعل، بل إن التقنية المستخدمة في شبكات الجيل الخامس كانت موجودة من قبل على نطاق أقل تركيزًا، وتحديدًا في أنظمة الستالايت التي تعمل على الطيف عالي التردد.
ويعتقد العلماء أنّ السبب في تمسّك بعض الناس بهذه الفكرة يكمن في الإيحاء الذي يجعلهم يشعرون بالأعراض طوال الوقت، ويعتقدون دومًا أنّهم محاطون بمصادر الإشعاع، مثل أجهزة توجيه الواي فاي (الراوتر) أو غيرها من المعدات.
كل هذا في رأسك فقط!
يُشير البروفيسور أومير إلى أنّك عندما تُخبر شخص مقتنع بهذه الأوهام بأنّ «كل شيء في رأسك» ليس مفيدًا على الإطلاق، حيث إن الأعراض تكون موجودة فعلًا، وهذا أمر طبيعي حيث أن المُخ يقتنع بوجود الأعراض ومن ثم يُرسل إلى المستقبلات العصبية في المناطق المسؤولة عنها، مثل ألم الرأس أو ارتعاش الجسد.
وأوضح أيضًا أن بداية العلاج عادةً ما تكون المواجهة، حيث يجب على الشخص الذي يتخوف من مصادر الإشعاع المحتملة، كأبراج شبكات الجيل الخامس، مواجهتها والتواجد بالقرب منها حتى يزول خوفه واقتناعه بضررها.