تعرف على Kin، هاتف مايكروسوفت الذي صدر وألغي بعد 48 يوم فقط
مع أن سمعة مايكروسوفت الحالية باتت مستقلة وبعيدة للغاية عن عالم الهواتف الذكية، فالأمور لم تكن دائماً كذلك في الواق. وقبل الفشل الكبير للاستحواذ على نوكيا ونظام Windows Phone كان للشركة تاريخ طويل من العمل الناجح في مجال الهواتف الذكية وأنظمتها وحتى أنها تنبأت بالعديد من التوجهات المهمة في عالم الهواتف ولو أنها لم تنجح باستغلالها بشكل حقيقي في معظم الحالات.
كواحدة من أول وأكبر حالات فشل مايكروسوفت في مجال الهواتف كان هناك هاتفان ذكيان من طراز باسم Kin عام 2010، لكن على عكس أي توقع منطقي لمنتج من شركة كبرى كان الهاتفان مشروعاً فاشلاً بامتياز يقدر أنه كلف مايكروسوفت قرابة مليار دولار أمريكي ولم يقدم سوى هاتفين استمرا طوال 48 يوم فقط وباعا أقل من 9000 نسخة فقط.
في هذا الموضوع سنتناول هواتف Microsoft Kin التي صدرت قبل أكثر من عقد من الزمن، وكيف قادت عدة عوامل معاً إلى فشل كبير لهذه الهواتف.
هاتف للتواصل الاجتماعي
اليوم بات التواصل الاجتماعي جزءاً من حياة الجميع تقريباً في الواقع، ومن المنطقي أن يكون أي هاتف مباع قادراً على استخدام منصات التواصل الاجتماعي بسهولة. لكن في عام 2008 عندما بدأت فكرة Kin كان العالم مختلفاً وكان المتوقع هو أن يكون للتواصل الاجتماعي تأثيراً عملاقاً على حياتنا بحيث يكون كل شيء متمحوراً حوله من حيث المبدأ.
نتيجة هذا التفكير الطموح بشكل مبالغ به تم تصميم نظام هاتف Kin بحيث أن واجهة الهاتف مكونة من آخر التحديثات على حسابات المستخدم المختلفة على التواصل الاجتماعي، وحتى أنه كان يتضمن مكاناً مخصصاً من الشاشة يمكن سحب المحتوى إليه من أي مكان للمشاركة إلى التواصل الاجتماعي بشكل مباشر.
من حيث المبدأ كانت هواتف Kin ممهورة بشعار Windows Phone على غطائها الخلفي، لكن الواقع أنها كانت تستخدم نظاماً خاصاً بها مختلف وغير متوافق أصلاً مع نظام ويندوز فون ومشاريع مايكروسوفت التالية المرتبطة به. وكان الأمر مبرراً بكون ويندوز فون موجهاً للمحترفين عادة فيما أن جمهور هواتف Kin المتوقع هو فئة اليافعين والشباب دون 30 عاماً.
الجمهور المتوقع للشباب، لكن السعر من عالم رجال الأعمال
على عكس الهواتف التي تصمم لتناسب الجميع، فقد كان هاتف Kin مصمماً للتركيز والهيمنة على جزء محدد من السوق: اليافعون والشباب المهتمون بالتواصل الاجتماعي والراغبون بالبقاء متصلين مع الآخرين طوال الوقت ويشاركون التحديثات بشكل مستمر، وهذا ما يفسر تسويق الهاتفين الصادرين على أنهما متصلان بالإنترنت بشكل دائم وقادران على المشاركة من أي مكان بسهولة.
المشكلة هنا هي أن الفئة التي كانت مايكروسوفت تستهدفها ليست معروفة بقدرتها الشرائية حقاً وبالأخص في ذلك الوقت. ومع أن هاتفي Kin كانا متاحين مقابل 50 و100 دولار أمريكي (على الترتيب) فقط، فهذا السعر لم يكن نهائياً بل كان يأتي ضمن عقد مع شركة الاتصالات وكان العقد يتضمن خطة بيانات واتصالات تكلف حوالي 30 دولاراً شهرياً طوال عامين لأن الهاتف كان مصنفاً كهاتف ذكي.
باحتساب تكاليف خطة الاتصالات الإلزامية، كان هاتفا Kin ليكلفا أكثر من هواتف iPhone الصادرة في ذلك الوقت والتي كانت تعد باهظة للغاية حينها. وبالطبع فسعر مرتفع جداً لأداة موجهة لفئة ذات قدرة شرائية ضعيفة هو وصفة مثالية للفشل التجاري، كما أن فئة الهاتف عنت أن المستخدمين كانوا ليتمكنوا من شراء أي هاتف ذكي آخر أفضل بنفس السعر تقريباً مما يزيل أي حافز لشراء Kin.
العديد من الميزات المفقودة
مع كونه هاتفاً موجهاً للتواصل الاجتماعي وليس لرجال الأعمال أو المستخدمين التقليديين للهواتف الذكية، فقد كان هاتف Kin يفتقدان للعديد من الميزات الأساسية التي يتوقع وجودها في أي هاتف مصنف على أنه ذكي، حيث كان الهاتفان دون تطبيق للتقويم أو متجر للتطبيقات أو أي طريقة حقيقية لإضافة تطبيقات أو ألعاب أو سواها.
الغريب أكثر ربما هو أن الهاتفين الذين يفترض أن يستهدفا المستخدمين دائمي الاتصال لم يدعما أي خدمة تراسل مباشر عبر الإنترنت في الواقع، وبالنتيجة فقد كانت ميزة متوقعة لهاتف تواصل اجتماعي ومتاحة في جميع منافسيه فعلياً مفقودة مما جعل الهاتف بأكمله دون أي هوية وأسوأ للتواصل من الهواتف العادية من حيث المفعول.
لماذا صدر الهاتف بهذا الشكل السيء؟
يمكن تفسير كل شيء ربما بكون Kin لم يكن مشروعاً من مايكروسوفت حقاً، بل أنه كان تطويراً لفكرة هاتف سابق هائل النجاح مطلع الألفية وكان يعرف باسم “Sidekick” وتميز بلوحة مفاتيح كاملة لتسهيل التراسل والقدرة على إرسال البريد الإلكتروني والاتصال بخدمة AOL للتراسل المباشر وحتى أنه كان يتضمن متجر تطبيقات أيضاً.
في عام 2008 قامت مايكروسوفت بالاستحواذ على الشركة المنتجة للهاتف والتي كان اسمها Danger, Inc. ودمجت فريقها مع قسم الهواتف ضمنها للعمل على المشروع التالي الذي كان تطويراً لهاتف Sidekick وهو ما أصبح هاتف Kin.
كما العديد من حالات استحواذ مايكروسوفت في تلك الفترة كان هناك صدام كبير بين الموظفين والمسؤولين للشركتين، وخلال وقت قصير كانت النسبة الأكبر من فريق Danger الأصلي قد تركت الشركة مما زاد من مشاكل مشروع الهاتف الجديد وأفقده العديد من ميزاته وأدى إلى التسرع بإصداره.
مواضيع قد تهمك:
- بمناسبة رحيلها أهم ميزات ظهرت في هواتف LG الذكية قبل البقية
- أي علامات تجارية للهواتف أنجح بالحفاظ على مستخدميها؟ إحصائيات وأرقام
- لماذا لا تضع المزيد من الشركات مفتاح كتم الصوت في هواتفها؟
السحب من السوق ومحاولة إعادة التسويق
خلال 48 يوم من إصداره، كانت مايكروسوفت قد أدركت كون إصدار الهاتف خطء كبير جداً وأن مصيره هو الفشل دون شك ولا فائدة من محاولة تسويقه وإنتاج كميات كبيرة منه. بالنتيجة وخلال 48 يوم فقط كانت الشركة قد أعلنت أنها لن تستمر بالهواتف وستلغي كامل مشاريعها المتعلقة به والتي تتضمن إطلاقه في أوروبا وأماكن أخرى من العالم. وخلال أسابيع تالية كانت شركات الاتصالات الأمريكية قد أوقفت بيع الهاتف وأعادت المخزون غير المباع إلى مايكروسوفت.
بالمحصلة بيع أقل من 9000 هاتف Kin فقط، مما يجعله واحداً من أندر المقتنيات التقنية اليوم وبالأخص مع كون الغالبية العظمى من الهواتف التي بيعت قد أعيدت إلى مايكروسوفت بعد إيقاف دعمها مما يعني أن هناك بضعة مئات على الأكثر من طرازي الهاتف.
بعد أشهر من إلغاء هواتف Kin، حاولت مايكروسوفت تدارك الأمر وتعويض خسارتها جزئياً بإزالة وصف الهاتف الذكي وإزالة دعم الويب وخدمات الإنترنت والتواصل الاجتماعي من الهاتفين وبيعهما بسعر أدنى كهاتفين تقليديين غير ذكيين ولا يدعمان بيانات الهاتف حتى. لكن حتى هذه المحاولة كانت فاشلة إلى حد بعيد وخلال أقل من عام من إطلاق هاتفي Kin الأصلي كان كامل المشروع قد تهاوى وزال من الوجود ليفسح المجال لتطوير هواتف Windows Phone التي قاومت لبعض الوقت قبل أن تصل لمصير مشابه.