تعرف على FLoC طريقة جوجل الجديدة لتتبعك على الإنترنت
في حال عدنا حوالي عقد من الزمن إلى الخلف، فقد كانت الغالبية العظمى من المستخدمين جاهلة بمفاهيم الخصوصية على الإنترنت وغير مكترثة بكون العديد من المنصات الكبرى تتعقبها طوال الوقت وتجمع معلوماتها وتتاجر بها حتى. لكن الأمور تغيرت بشكل تدريجي وعبر السنوات ازداد اهتمام الأفراد بالخصوصية لتصبح أولوية لدى الكثيرين اليوم وأداة تسويق كبرى لبعض الشركات مثل Apple التي تبني جزءاً كبيراً من صورتها التجارية كالمدافعة عن الخصوصية.
عموماً ومع أن الكثيرين بدأوا يهتمون بالخصوصية في السنوات الأخيرة، فالواقع هو أن معلوماتنا كمستخدمين لا تزال مستباحة إلى حد بعيد من عمالقة التقنية مثل جوجل وفيس بوك وجميع منصات التواصل الاجتماعي ومزودي الخدمات الإلكترونية المجانية. لكن الأمور لن تستمر كذلك، وبالنسبة لشركة يتلخص كامل عملها بجمع بيانات المستخدمين، فقد كان على جوجل التحرك لحماية مصدر دخلها، والنتيجة هي تقنية FLoC التي ستكون محور موضوعنا هذا.
كيف كان تتبع المستخدمين يتم ولماذا؟
الفارق بين الإعلانات الرقمية والتقليدية هو مستوى التخصيص في الواقع، فالإعلان التقليدي موجه للجميع سواء كانوا مهتمين ام لا ومن الصعب تخصيصه كفاية لفئات صغيرة من الزبائن المحتملين المستهدفين. لكن في الإعلانات الرقمية يختلف الأمر حيث يتم توجيه الإعلان إلى فئات محددة بدقة للحصول على أفضل تفاعل ممكن، حيث يمكن تخصيص استهداف جنس وعمر وجنسية واهتمامات محددة للمستهدفين بالإعلان.
للقيام بتخصيص الإعلانات بالشكل الكافي، كانت العديد من خدمات الإعلانات تعتمد على إحدى ميزات الويب اليوم: ملفات تعريف الارتباط، أو كما تلقب: كوكيز. حيث أن هذه الملفات هي مستندات نصية صغيرة تسمح للموقع بمعرفة بعض المعلومات عن المستخدم مثل تفضيلاته السابقة والمواضيع التي شاهدها مسبقاً لتحسين تجربته بشكل عام.
للأسف فملفات تعريف الارتباط ليست حصرية للمواقع التي ترسلها لك فقط، بل يمكن أن ترسل من طرف ثالث عبر الموقع، كأن ترسل فيس بوك أو جوجل هذه الملفات لك وتستفيد منها لتعقب نشاطك الإلكتروني والصفحات التي تدخل إليها وبالنتيجة تشكيل هوية إلكترونية أكثر دقة عنك لعرض إعلانات أدق لك عبر المزايدة على معلوماتك الشخصية من حيث المبدأ.
حظر ملفات تعريف الارتباط من الطرف الثالث
مع تزايد الجدل حول الخصوصية، بدأت العديد من المتصفحات بحظر إرسال المواقع لأي ملفات تعريف ارتباط من طرف ثالث، أي أن الملفات المخصصة لتتبع المستخدمين عبر عدة مواقع وعدة جلسات تصفح لم تعد مدعومة. حيث بدأ الأمر من متصفحات معنية بالخصوصية مثل Brave وFirefox، وانتقل بعدها إلى المتصفحات الأكبر مثل Edge من مايكروسوفت وSafari من Apple، وأخيراً استسلمت جوجل وأعلنت أن متصفحها Google Chrome سيقوم بدوره بحظر ملفات تعريف الارتباط من الطرف الثالث بحلول عام 2022.
في حال قامت جوجل بالخطوة حقاً، سيعني الأمر أن تتبع المستخدمين عبر ملفات تعريف الارتباط سيصبح محدوداً جداً وسيصبح المعلنون مجبرين على اتباع أسلوب آخر هو توجيه الإعلانات إلى مواقع معينة معروفة التوجه والاهتمام بغض النظر عن مستخدميها مما يقلل من التخصيص بشكل واضح.
البديل من جوجل: FLoC
مع أن جوجل كانت قد تعهدت بأنها لن تحاول تقديم بديل لملفات تعريف الارتباط من الطرف الثالث، فقد قامت بذلك تماماً عندما أعلنت عن تقنية جديدة للتتبع: Federated Learning of Cohorts التي تعني “التعلم المتحد للمجموعات” ويرمز لها باسم FLoC اختصاراً.
المميز في هذه التقنية هو أنها لا تعتمد على المواقع بالدرجة الأولى بل على متصفح الويب ليقوم بتتبع تصفح المستخدم وما يقوم بعرضه، لكن بدلاً من رفع معلوماته إلى السحابة وتشكيل صورة إلكترونية خاصة له، يتم وضع المستخدم ضمن مجموعات (Cohorts) تبعاً لما يفضله، حيث يمكن أن تكون هذه المجموعات واسعة مثل محبي السيارات أو محبي ألعاب الفيديو أو خاصة لتشمل فئات جزئية كمشجعي نادٍ رياضي محدد مثلاُ.
في الحالة العادية وعندما تقوم شركة ما بالإعلان، فهي تستهدف الأفراد وتقوم خدمة الإعلانات بجعل الإعلان يظهر لدى الأشخاص الموافقين لتفضيلات المعلنين. لكن في الطريقة الجديدة من جوجل يتم الأمر لمجموعات كاملة من المستخدمين حيث يمكن للمعلن أن يستهدف مجموعات وليس أفراد، كما أن معلومات المستخدم تبقى على حاسوبه وتتم معالجتها بالكامل ضمن المتصفح.
مواضيع قد تهمك:
- تعرف على التغييرات الجديدة لتوزيع أرباح متجر Google Play للمطورين
- أبرز الخدمات والمنتجات التي قتلتها شركة Google خلال عام 2020 الماضي
- أفضل البدائل المتاحة لخدمات Google الأساسية لتحمي خصوصيتك بشكل أفضل
العيوب في النمط الجديد من الإعلانات ومستقبل الإعلانات الاحتكاري
اليوم هناك عدة لاعبين أساسيين في مجال الإعلانات الإلكترونية مثل جوجل وفيس بوك وحتى مايكروسوفت، لكن هناك بالإضافة لهم العديد من الشبكات الإعلانية الأصغر أو حتى شبكات المواقع التي تتفاوض مع المعلنين بشكل مباشر كمجموع. وفي السابق كانت كل من هذه المنصات المختلفة للإعلانات تستخدم ملفات تعريف الارتباط لتتبع المستخدمين وتسجيل سلوكهم وتخصيص الإعلانات لهم.
الآن ومع حظر ملفات تعريف الارتباط من الطرف الثالث سيفقد الجميع القدرة على التتبع واسع المدى، لكن جوجل ستكون في حالة خاصة كونها تمتلك تقنية تتبع خاصة بها وبالتالي ستخصل على أفضلية كبرى تجعل مجال الإعلانات الإلكترونية يخضع للاحتكار أكثر من أي وقت مضى.
بالطبع فالشركات الأخرة مدركة جيداً للأمر، وسرعان ما أعلنت جميع المتصفحات الكبرى في السوق اليوم أنها لن تسمح بتقنية FLoC ضمنها، لكن حتى مع هذا الجهد لا تزال جوجل تمتلك الأفضلية مع كون متصفحها جوجل كروم هو المهيمن الوحيد على سوق المتصفحات ودون أي منافس مباشر حقاً.
في الواقع من الممكن لحظر التقنية أن يتسبب برد فعل عكسي، حيث أن تقنية FLoC ستعني على الأرجح ربحاً أفضل للناشرين مقارنة بعدم وجودها، وبالتالي سيكون هناك حافز قوي للعديد من المواقع لتحظر أي متصفحات باستثناء جوجل كروم وأن تشجع المستخدمين على استخدام كروم فقط لاستخدام الموقع مما سيزيد بدوره من احتكار جوجل لسوق المتصفحات بالإضافة لاحتكارها لسوق الإعلانات الرقمية.
حالياً لا يزال مصير تقنية FLoC وعالم الإعلانات الرقمية الموجهة مجهولاً إلى حد بعيد ولا يمكن التنبؤ به حقاً، لكن ومع مرور الوقت سيكون من المثير للاهتمام مراقبة جوجل والمنافسة بين الشركات الكبرى اليوم في مجال الإعلانات وصراعها المستمر مع دعاة الخصوصية.