مسؤولو التوظيف يحذرون: تزايد المرشحين الزائفين للوظائف بفضل تقنيات التزييف العميق

⬤ كشفت مسؤولة توظيف محاولة احتيال بتقنية التزييف العميق خلال مقابلة عمل عن بعد.

⬤ يؤكد الخبراء تصاعد ظاهرة المرشحين الزائفين ويعتبرونها تهديداً حقيقياً لمجال التوظيف الرقمي.

⬤ يوصي المختصون باستخدام وسائل تحقق متعددة والبقاء على اطلاع بالمستجدات التقنية.

في واقعة تثير القلق حول تطور أساليب الاحتيال في عالم التوظيف عن بعد، كشفت مسؤولة توظيف في شركة دولية محاولة متقدمة لانتحال الهوية باستخدام تقنيات التزييف العميق، في تجربة وصفتها «بالمرعبة للغاية،» موجهة بذلك إنذاراً لا لبس فيه لأرباب العمل في العصر الرقمي.

بيتينا ليبورازي، المسؤولة عن التوظيف في شركة Make المتخصصة بالإنتاج الرقمي عن بعد (letsmake[.]com)، اصطدمت بهذه الحيلة في مارس الماضي. وقد كانت البداية طبيعية إجمالاً، حين تواصل معها شخص يزعم أنه مهندس برمجيات عاطل عن العمل. ورغم أن شركتها لم تكن بصدد التوظيف في هذا التخصص آنذاك، إلا أن ليبورازي، بدوافع إنسانية ومتأثرة بظروف المتقدم في ظل صعوبات السوق، حسبما أفادت لموقع HR Brew، قررت منحه فرصة لمكالمة تعريفية قصيرة بعد مراجعة سيرته الذاتية التي وصفتها بأنها «متوسطة.»

غير أن علامات الريبة بدأت في الظهور سريعاً، إذ لاحظت أن رسالة التقديم كانت مطابقة تقريباً، على نحو يثير الشك، لرسالة استلمتها قبلها بساعة من مرشح آخر. وبتتبعها للأمر، اكتشفت نمطاً مماثلاً لرسائل مشابهة في تواريخ محددة خلال عامي 2023 و2025، صادرة كما يبدو عن الجهة نفسها. ورغم أن طبيعة الرسائل المنشأة بالذكاء الاصطناعي لم تعد مفاجئة، فإن تكرارها دفعها للتحقق بجدية أكبر.

تعمقت الشكوك أكثر أثناء ترتيبات المقابلة. إذ لم يقم المرشح بتأكيد دعوة Google Meet وفقاً للأصول المتبعة، وظهر أنه انضم عبر متصفح خاص، ما دفع النظام إلى إظهار تحذير بأنه «قد لا يكون الشخص الذي يدعيه». ثم ادعى لاحقاً أن الكاميرا لديه لا تعمل، وهو عذر كثير التداول، لكن ليبورازي لم تعد تقبله، وحول ذلك قالت: «لا أعرف أحداً يعمل عن بعد وكاميرته معطلة. لا يمكنني المجازفة، فالأمر لم يعد آمناً.»

بعد إصرارها على ضرورة تشغيل الكاميرا، غادر المرشح الاتصال وعاد مرتين متذرعاً بإعادة تشغيل جهاز الحاسوب. وفي كل مرة، كرر Google تحذيره الأمني. وعند المحاولة الثالثة، عملت الكاميرا أخيراً، لكن الصورة التي ظهرت على الشاشة لم تكن طبيعية.

مواضيع مشابهة

لاحظت ليبورازي أن حركات العينين والفم بدت غير متزامنة مع الكلام، وأن أطراف الوجه مشوهة بعض الشيء، كما لو أن فلتراً رقمياً مطبقاً. وبما أنها قرأت سابقاً عن حالات مشابهة، أدركت فوراً أنها تواجه حالة تزييف عميق. فبادرت باستخدام حيلة يعرفها المختصون في كشف هذه الخدع، وطلبت منه وضع يده أمام وجهه، لأن ذلك من شأنه إزالة الغطاء الرقمي. إلا أن المرشح رفض، وغادر المكالمة بعد ثلاثين ثانية فقط من تشغيل الكاميرا، ما جعل ليبورازي تشعر بالذعر. وعلقت قائلة: «أنت لا تعرف فعلياً من الذي تتحدث إليه».

لاحقاً، نشرت ليبورازي مقطعاً مصوراً من هذه المقابلة على حسابها في LinkedIn، وسرعان ما انتشر بشكل واسع وحصد تفاعلاً كبيراً، وأبدى العديد من المستخدمين ذهولهم من وجود مثل هذه الأساليب، فيما أشاد آخرون بقدرتها على كشف الخدعة والتصرف السليم سريعاً.

لكن هذه الحادثة ليست فريدة من نوعها، وفقاً لخبراء الأمن السيبراني. وبهذا الصدد، أشار بن كولمان، الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة Reality Defender المتخصصة في كشف محتوى التزييف العميق، إلى أن التلاعب بالذكاء الاصطناعي في مجال التوظيف «ليس سوى قمة جبل الجليد،» وأن الاعتماد على الحدس البشري وحده لم يعد كافياً، حتى أن فريقه يعاني أحياناً في كشف هذه الحالات.

من جانبه، أوضح بن ووكر، المدير التنفيذي للعمليات في منصة Glider لتقييم المهارات بالذكاء الاصطناعي، أن مرشحي التزييف العميق باتوا أكثر شيوعاً، ويكون السبب من وراء ذلك أحياناً أن بعض الباحثين الحقيقيين عن عمل يستعينون بمحترفين لأداء المقابلات بدلاً منهم. والهدف الأكثر تفضيلاً هو وظائف تكنولوجيا المعلومات عموماً، مع وجود حالات عمليات تقف خلفها جهات خبيثة ذات نيات تخريبية أوسع.

لتفادي هذا التهديد المتزايد، ينصح الخبراء بمجموعة من التدابير اليقظة. أبرزها مراقبة تزامن تعبيرات الوجه، لاسيما العينين والفم، والانتباه لأي تأخير في الردود أو نغمة صوت غير طبيعية. إلى جانب اعتماد نهج أمني متعدد الطبقات يجمع بين الملاحظة البشرية والتحقق التقني، مثل فرض تشغيل الكاميرا وعدم استخدام الفلاتر أو الخلفيات الافتراضية، وطلب حركات فورية من المرشح كتحريك اليد أو إمالة الرأس.

في حين تعمل الشركات المعنية بجد على تطوير أدوات تقنية لفضح تلك الخدع، يرى بعض العاملين في المجال أن هذا الحال قد يصبح الوضع الطبيعي الجديد في بيئة العمل عن بعد، مع التأكيد على ضرورة تبادل المعرفة في أوساط مجتمع الموارد البشرية والبقاء على اطلاع دائم بأحدث الابتكارات والمستجدات على الساحة التقنية.

شارك المحتوى |
close icon