فرص عمل البرمجة تتراجع لأدنى مستوياتها منذ سنوات، والذكاء الاصطناعي متهم

⬤ شهدت وظائف هندسة البرمجيات تراجعاً بنسبة 35% خلال خمس سنوات، رغم نمو سوق العمل عامة.

⬤ أدى انتهاء أسعار الفائدة الصفرية وصعود الذكاء الاصطناعي إلى تغيير استراتيجيات التوظيف في الشركات.

⬤ يعزو الخبراء الأمر لاعتماد الذكاء الاصطناعي من جهة، وأن ما يحصل ناتج عن مستويات التوظيف الهائلة أثناء Covid-19.

يشهد سوق التوظيف في مجال هندسة البرمجيات انخفاضاً حاداً، إذ وصلت فرص العمل إلى أدنى مستوياتها خلال خمس سنوات، وفقاً لتحليل بيانات منصة Indeed أجراه جيرجلي أوروز، ونشره على مدونته، Practical Engineer.

تشير الإحصاءات إلى تراجع بنسبة 35% في إعلانات وظائف تطوير البرمجيات مقارنة بما كان عليه الوضع قبل خمس سنوات، في تحول جذري في المشهد الوظيفي لهذا القطاع. ويزداد الانخفاض وضوحاً عند مقارنته بقطاعات أخرى، حيث سجل سوق العمل بشكل عام نمواً بنسبة 10% منذ فبراير 2020، بينما شهدت مجالات أخرى نمواً أكبر في عدد الوظائف المتاحة مثل البناء (25%)، والمحاسبة (24%)، والهندسة الكهربائية (20%).

ترتسم معالم الصورة بالتقلبات الكبيرة في قطاع تطوير البرمجيات خلال السنوات الأخيرة. فخلال ذروة ازدهار القطاع في 2021 و2022، تضاعف عدد الوظائف المطروحة متجاوزاً جميع الصناعات الأخرى، وأعقب ذلك النمو انهيار مماثل، فتراجعت فرص العمل الحالية إلى مستوى أدنى بمقدار 3.5 مرة مقارنة بذروتها منتصف 2022.

مواضيع مشابهة

تتعدد عوامل هذا التراجع الحاد، ولعل أبرزها انتهاء عصر أسعار الفائدة الصفرية، الذي أثر بشكل كبير على قطاع التقنية، سواء فيما يخص سياسات التوظيف، أو تمويل رأس المال الاستثماري، أو حتى استمرارية الشركات الناشئة. ومع ذلك، لا يمكن إرجاع التباطؤ في التوظيف وتسريح الموظفين في كبرى الشركات مثل Microsoft وMeta وAmazon وGoogle إلى هذا العامل وحده.

يرى صاحب الدراسة أن الكثير من الشركات لا تزال في مرحلة التكيف بعد موجة التوظيف المفرط خلال 2021 و2022، وهو ما يدفعها إلى اتباع نهج أكثر حذراً في التوظيف حالياً.

إلى جانب ذلك، قد يكون صعود الذكاء الاصطناعي التوليدي والنماذج اللغوية الكبيرة أحد العوامل المؤثرة في سوق العمل. فقد أظهرت هذه التقنيات إمكانيات واعدة في مجال البرمجة، حيث أفاد 75% من المهندسين باستخدامهم لأدوات البرمجة المعتمدة على الذكاء الاصطناعي في استطلاع حديث. ويعتقد بعض المحللين أن الشركات تتبنى نهج انتظار وترقب، بهدف تقييم الفوائد الإنتاجية لهذه الأدوات قبل توسيع فرقها الهندسية.

يترسخ ذلك التوجه بقرار Salesforce الأخير بالإبقاء على عدد مهندسي البرمجيات لديها دون تغيير، رغم تحقيق زيادة 30% في الإنتاجية بفضل أدوات الذكاء الاصطناعي. إلا أن هذه الاستراتيجية تثير تساؤلات حول تطوير المنتجات ومدى توافقها مع متطلبات السوق، لا سيما مع إعلان الشركة عن خطط لتوظيف المزيد من مندوبي المبيعات.

في سياق متصل، تظهر بعض الاتجاهات الجديدة في هيكلة الفرق الهندسية، حيث نجحت شركات مثل Linear وBluesky في تحقيق انتشار واسع بفرق تطوير صغيرة للغاية، مما يشير إلى تحول محتمل نحو عمليات تطوير أكثر رشاقة وكفاءة.

عموماً، يشير الكاتب إلى أن بيانات Indeed قد لا تعكس الصورة الكاملة لسوق العمل، إذ يبدو أن المنصة تفقد شعبيتها كوجهة رئيسية لنشر إعلانات وظائف هندسة البرمجيات، خاصة بين الشركات الناشئة وبعض عمالقة القطاع. فعلى سبيل المثال، تعرض Microsoft على موقعها الرسمي عدداً أكبر من الوظائف المرتبطة بالبرمجيات مقارنة بتلك المدرجة على Indeed. لكنها تظل مؤشراً سليماً من ناحية الدلالة على التوجه العام، وإن اختلفت الأرقام حيال حجمه ومتغيراته.

شارك المحتوى |
close icon