كوريا الجنوبية تريد أن تكون أول دولة تستخدم الذكاء الاصطناعي للتدريس، لكن الأهالي رافضون
⬤ أعلنت كوريا الجنوبية عن خطة لإدخال تقنيات الذكاء الاصطناعي إلى صلب النظام المدرسي بدءاً من العام القادم.
⬤ يتضمن النظام الجديد أجهزة لوحية مدعومة بالذكاء الاصطناعي لتقييم الطلاب وإيكال الوظائف إليهم في معظم المواد الدرسية.
⬤ واجهت الفكرة معارضة من الأهالي بدعوى الإفراط في اعتماد الأطفال على التكنولوجيا، في حين رحبت بها أكثرية المعلمين.
ظهرت موجة ردود فعل غاضبة في كوريا الجنوبية تجاه خطط إدخال الكتب المدرسية الرقمية المدعومة بالذكاء الاصطناعي في مدارس البلاد. في حين ذكرت الحكومة المحلية على لسان وزير التربية، لي جو هو، أن هذه المبادرة «محورية» ضمن خطط إعادة هيكلة النظام المدرسي. ومن المقرر إدخال تلك التقنية بدءاً من العام المقبل 2025 إلى الفصول للتلاميذ من عمر 8 سنوات فما فوق.
مع كونه الأول من نوعه في العالم، على حد وصف مسؤولين حكوميين، واجه ذاك المقترح معارضة العديد من الأهالي والأكاديميين، بفعل قلق ومخاوف متعلقة باحتمال الوقوع في فخ المعلومات المضللة، والإفراط في تعريض الأطفال للأجهزة الرقمية، وهم الذين يستخدمون الهواتف والأجهزة اللوحية في منازل أهاليهم على كل حال.
تحتل كوريا الجنوبية على الدوام مرتبة متقدمة بين الدول الأعلى أداء في اختبارات البرنامج الدولي لتقييم الطلبة من قبل منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية. لكن مع ذلك، فإن الحكومة في سيئول قلقة من أن التركيز التقليدي على أساليب الحفظ ممارسة تثبط الابتكار، في وقت تسعى فيه البلاد إلى تقليل اعتمادها على الصناعات التحويلية التقليدية.
وفقاً لوزارة التعليم في كوريا الجنوبية، ستكون الأجهزة اللوحية قابلة للتخصيص بحيث يمكن لبرمجياتها تقييم «المتعلمين السريعين» و«المتعلمين البطيئين»، لإعطائهم مهام مختلفة من إنشاء الذكاء الاصطناعي، وبمستويات متباينة من التعقيد.
بدورها، لم تقدم الحكومة إلا القليل من التفاصيل حول كيفية عمل الكتب المدرسية الرقمية وأدوات التعليم الأخرى المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تطورها شركات التقنية في كوريا الجنوبية، بما في ذلك LG وSamsung، كما ولم تتطرق أيضاً إلى سبل تفادي ميل الذكاء الاصطناعي إلى ما يشبه الهلوسة وإنتاج الأخطاء.
سيتم اعتماد تطبيقات الذكاء الاصطناعي لجميع المواد باستثناء الموسيقى، والفن، والتربية البدنية، والتربية الأخلاقية بحلول العام 2028، مع مراقبة المعلمين للنشاط من خلال لوحة معلومات رقمية. وسيُعطى التلاميذ دروساً في الثقافة الرقمية لمساعدتهم على توظيف أدوات الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول.
من بين أدوات الذكاء الاصطناعي الأخرى التي سيجري إدخالها في الفصول الدراسية الكورية هنالك برامج يمكنها نسخ ملاحظات المعلم على السبورة الإلكترونية أثناء تجوله في الفصل. وفي وقت سابق، تم إجراء تجارب باستخدام روبوتات متنقلة مهمتها تقديم ردود على استفسارات الطلاب من إنشاء الذكاء الاصطناعي.
في المقابل، كان الحذر سمة أغلب المراقبين وذوي الاطلاع على الأمر. فمنهم من أشار إلى تعجل حكومة البلاد في أمر كهذا دون تقييم سليم للآثار الجانبية، وبتأثر ظاهر بكون الذكاء الاصطناعي موضة الحين الرائجة.
في خطوة فعلية تعبر عن المعارضة، وقّع أكثر من 50 ألف من الأهالي على عريضة تطالب الحكومة بإيلاء مزيد من الاهتمام فيما يخص السلامة العامة للطلاب. مشيرين إلى أنهم «يواجهون بالفعل العديد من المشاكل، وبمستويات غير مسبوقة، ناجمة عن تعرض الأطفال للأجهزة الرقمية.»
على المقلب الآخر، حظي الأمر بترحيب من العديد من المعلمين، ففي استطلاع شمل عدداً من معلمي المدارس الحكومية أجراه الاتحاد الكوري لنقابات المعلمين، عبّر نحو 54% من المشاركين عن دعمهم للإجراء الجديد.
من اللافت أن خطوة كوريا الجنوبية تتعارض مع الاتجاه السائد في عدد من الدول المتقدمة الأخرى، والتي اتجهت حكوماتها إلى تقييد أو إلغاء وصول الأطفال إلى الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية في المدارس. وبالنظر إلى قصور نماذج الذكاء الاصطناعي وابتعادها عن مستوى الكمال المنشود في المرحلة الراهنة، يبزر جدياً احتمال انتشار ظواهر مثل المعلومات المضللة، وانتهاكات الخصوصية في الوسط التعليمي.