هاتف كوري يملك ذكاء اصطناعي يستطيع استنساخ شخصيتك

في زمن تتسابق فيه الشركات لتقديم أحدث ما توصلت إليه تقنيات الذكاء الاصطناعي، يبدو أن كوريا الجنوبية — أحد أعمدة الثورة الرقمية في آسيا — قد تجاوزت كل التوقعات. فقد أعلنت إحدى الشركات الكورية الرائدة عن هاتف ذكي جديد مزوّد بتقنية ذكاء اصطناعي متقدمة قادرة على “استنساخ شخصية المستخدم”، بما يشمل أسلوب الحديث والتفكير وحتى الانفعالات! هذه الخطوة غير المسبوقة تمثل تطورًا كبيرًا في عالم الهواتف الذكية، لكنها تطرح في الوقت ذاته تساؤلات أخلاقية وقانونية عميقة.
في هذا المقال، نستعرض بالتفصيل مفهوم استنساخ الشخصية بالذكاء الاصطناعي، ونتعرف على ميزات هذا الهاتف الكوري الثوري، ونتطرق إلى آراء الخبراء والمستخدمين، وأخيرًا نحلل التحديات المستقبلية التي قد تترتب على هذا الابتكار.
ما هو استنساخ الشخصية بالذكاء الاصطناعي؟
استنساخ الشخصية هو قدرة نظام الذكاء الاصطناعي على التعرف على أنماط حديث وسلوك وتفكير المستخدم، ومن ثم بناء نموذج رقمي يُحاكي شخصيته بدقة. هذا لا يشمل فقط طريقة الكتابة أو التحدث، بل يتعداها إلى كيفية اتخاذ القرار، والردود العاطفية، والنغمة الصوتية، وتفاعله مع الآخرين.
تُجمع هذه البيانات من مصادر متعددة مثل:
-
المحادثات النصية والصوتية
-
البريد الإلكتروني والتطبيقات الاجتماعية
-
سجل التصفح وتفضيلات البحث
-
أنماط السلوك اليومي مثل المواعيد والتفاعلات
وبناءً على هذه المدخلات، يستطيع الذكاء الاصطناعي توليد نسخة رقمية “شخصية” تتصرف وتتحدث وكأنها المستخدم نفسه!
اقرأ أيضا: كيف تقدر تستخدم الذكاء الاصطناعي بالعربي مجاني ؟
الهاتف الكوري: الميزات التقنية الفريدة
الهاتف الذي تم الكشف عنه مؤخرًا يحمل اسمًا رمزيًا داخليًا “Newnal“. هو من إنتاج شركة كورية جنوبية متخصصة في تقنيات التعلم العميق، وتم تطويره بالتعاون مع مركز أبحاث جامعي رائد في سيول. إليك أبرز ميزاته:
ذكاء اصطناعي شخصي مدمج
الهاتف يحتوي على وحدة NPU (معالج الذكاء الاصطناعي) متقدمة قادرة على تنفيذ ملايين العمليات في الثانية، مما يتيح له تحليل بيانات المستخدم بسرعة فائقة وإنشاء نموذج شخصي يتطور بمرور الوقت.
مساعد رقمي يستنسخ شخصيتك
يُطلق عليه اسم “التوأم الرقمي”، وهو مساعد صوتي ونصي يمكنه الرد على الرسائل والمكالمات وحتى إدارة الاجتماعات والاجتماعات نيابة عنك بأسلوبك ونبرة صوتك.
أمان وحماية خاصة
تم دمج بروتوكولات تشفير قوية جدًا لحماية البيانات الشخصية، بما في ذلك التعرف على الوجه متعدد الأبعاد والتوثيق الصوتي الحيوي، لضمان عدم استغلال النسخة الرقمية دون إذنك.
تفاعلات عاطفية واقعية
الميزة الأبرز هي قدرة الهاتف على التعرف على حالتك النفسية وتقديم تفاعلات ذكية بناءً على ذلك — فإذا كنت حزينًا، سيواسيك، وإذا كنت غاضبًا، سيحاول تهدئتك، وهكذا.
كيف يتم تدريب “التوأم الرقمي” على شخصيتك؟
بمجرد تشغيل الهاتف لأول مرة، يُطلب من المستخدم الإذن بتجميع بيانات متعددة لتشكيل النموذج الأولي. ومن ثم تبدأ مرحلة التدريب، والتي تمر بالمراحل التالية:
-
جمع البيانات الأولية: تشمل الرسائل، والمكالمات، وسجل التطبيقات، والأنشطة اليومية.
-
تحليل الأسلوب: يتم استخراج سمات الأسلوب اللغوي والنفسي، مثل استخدام العبارات، والسرعة، والنبرة، والقرارات.
-
التعلم التكيفي: يبدأ الهاتف في محاكاة تفاعلات المستخدم في مواقف افتراضية.
-
المراجعة البشرية: يُمنح المستخدم القدرة على مراجعة أداء التوأم وتعديله.
اقرأ أيضا: هل الذكاء الاصطناعي في التعليم صديق أم عدو؟ وما أهم التطبيقات الحالية
بعد فترة تتراوح بين أسبوعين وشهر، يكون “التوأم الرقمي” قادرًا على التفاعل بشكل طبيعي جدًا، حتى أن البعض قال إنه “تحدث مع نفسه ولم يشعر بالفرق”!
الاستخدامات المحتملة للهاتف
قد يتساءل البعض: ما الحاجة لمثل هذا الجهاز؟ إليك بعض الاستخدامات الفعلية التي تم الترويج لها:
-
الرد على الرسائل أو الاجتماعات أثناء انشغالك، بأسلوبك الخاص.
-
إجراء محادثات عاطفية أو تحفيزية وقت شعورك بالوحدة.
-
تمثيلك في تطبيقات العمل التعاونية.
-
مساعدة الأطفال وكبار السن عبر نموذج يعرفهم جيدًا.
-
التدريب على اتخاذ قرارات عبر نماذج سلوكك السابقة.
آراء الخبراء والمستخدمين
رغم الحماس الكبير الذي أثاره الإعلان عن الهاتف، إلا أن الآراء انقسمت بين مؤيد ومعارض:
المؤيدون:
-
يرون أن الهاتف يوفر تجربة استخدام فائقة الخصوصية.
-
يعتقدون أنه سيغير الطريقة التي نتفاعل بها مع أجهزتنا.
-
يرون أنه حل ممتاز لتحسين الإنتاجية والراحة النفسية.
المعارضون:
-
يحذرون من مخاطر الخصوصية في حال اختراق الهاتف.
-
يتخوفون من إمكانية استخدام “الشخصية الرقمية” في عمليات احتيال.
-
يرون أنه قد يحدث فجوة بين الإنسان الحقيقي ونسخته الرقمية، مما يؤدي إلى عزلة اجتماعية.
تحديات قانونية وأخلاقية
من أخطر الجوانب التي أثارها الهاتف الجديد هو غياب تشريعات واضحة تحكم استخدام “النسخة الرقمية” للفرد. هل تُعتبر شخصية قانونية؟ من المسؤول في حال استخدامه في جريمة؟ هل يحق للجهات الأمنية استخدامه دون إذن المستخدم؟
كل هذه الأسئلة لا تزال محل جدل بين الجهات الحقوقية والحكومات، خاصة أن الحدود بين “أنا الحقيقي” و”أنا الرقمي” بدأت تذوب بسرعة.
مستقبل الهواتف ذات الذكاء الاصطناعي الشخصي
رغم المخاوف، يرى الخبراء أن مثل هذه الهواتف ستكون جزءًا من الحياة اليومية خلال العقد المقبل. من المتوقع أن:
-
تدخل هذه التقنية في الهواتف الذكية حول العالم خلال 5 سنوات.
-
يتم دمجها في الأنظمة الصحية والتعليمية لتوفير دعم شخصي.
-
تستخدم في التفاعل مع الروبوتات المنزلية والمساعدين الذكيين.
اقرأ أيضا: كيف تعزز وجودك باستخدام الذكاء الاصطناعي على لينكد ان والتحسين من حسابك الشخصي؟
الهاتف الكوري الذكي المزود بذكاء اصطناعي قادر على استنساخ الشخصية ليس مجرد خطوة تقنية، بل يمثل قفزة ثقافية وأخلاقية واجتماعية كبرى. إنه يفتح أبوابًا غير مسبوقة للإبداع والإنتاجية، ولكنه في الوقت ذاته يفرض علينا إعادة التفكير في مفاهيم الخصوصية والهوية الذاتية.
وفي حين أن البعض قد يرى فيه وسيلة لتحسين الحياة اليومية، قد يراه آخرون بداية لواقع رقمي موازٍ يهدد بطمس إنسانيتنا. لكن في النهاية، يبقى السؤال الأهم: هل نحن مستعدون للتعايش مع نسخة رقمية من أنفسنا؟