معالجة مشكلة تزايد الاحتيال الإلكتروني خلال ذروة موسم التسوق في دولة الإمارات

مقال ضيف بقلم ساندر مارتينز، رئيس قسم الشرق الأوسط في شركة أدين


بالتزامن مع استعداد قطاع التجزئة في دولة الإمارات لاستضافة موسم جديد للتسوق، تواجه الشركات تحديات متزايدة تتمثل في تعرّضها لأنشطة احتيال  إلكتروني تعيق نجاحها.

أجرينا مؤخراً في أدين دراسة محلية من أجل فهم الاتجاهات والتحديات التي تواجهها الشركات في قطاع التجزئة فيما يتعلق بتأثير عمليات الاحتيال الإلكتروني على أعمالهم. وكشفت هذه الدراسة عدداً من الأفكار المهمة، والتي جاء في طليعتها تزايد عدد أنشطة الاحتيال الإلكتروني خلال ذروة مواسم التسوق، حيث أبلغت 59% من الشركات عن زيادة في الهجمات الإلكترونية خلال هذه الفترات، مما قيّد قدرتها على الاستفادة الكاملة من فعاليات التجزئة الكبرى مثل الجمعة البيضاء/السوداء  (White/Black Friday) ويوم العزّاب (Single’s Day) والإثنين السيبراني (Cyber Monday) وعيد الميلاد (Christmas).

كان لقطاعي التجارة الإلكترونية والتجزئة النصيب الأكبر من الضرر، حيث سببت عمليات الاحتيال الإلكتروني متوسط خسائر للشركات بقيمة حوالي 11.3 مليون درهم العام الماضي. ورغم أنّ هذه المشكلة عالمية في الواقع ولا تقتصر على دولة الإمارات فحسب، فإنها تظل تحدياً كبيراً يجب على الشركات المحلية مواجهته أثناء التخطيط والاستعداد لمواسم التسوق.

يعد فهم طبيعة الاحتيال الإلكتروني الخطوة الأولى لتقليل تأثيره، ففي دولة الإمارات، يعتبر الاحتيال في استرداد المبالغ المدفوعة مسؤولاً عن 27% من الخسائر المالية المرتبطة بعمليات الاحتيال الإلكتروني. وينجم هذا النوع من الاحتيال عن ادعاء العملاء زوراً أن معاملة مشروعة حصلت من دون تصريح من أجل استرداد الأموال. ونتيجة لذلك، تتجه 69% من الشركات إلى إبرام شراكات مع مزودي خدمات الدفع لمعالجة هذه المشكلة ومكافحة الأنشطة الاحتيالية الأخرى مثل الاحتيال على بطاقات الائتمان واسترداد الأموال.

إدراكاً لهذه المشكلة، تدرس 57% من الشركات في دولة الإمارات زيادة عدد موظفيها في فرق مكافحة الاحتيال والمخاطر لتعزيز قدراتها الأمنية. ومع ذلك، قبل اتخاذ هذه الخطوات، من المهم استكشاف البدائل المحتملة من أدوات إدارة المخاطر، حيث يمكن لأحدث الأدوات أن توفر حلولاً سلسة وموثوقة لمكافحة الاحتيال، خاصة خلال مواسم ذروة التسوق، وذلك من دون الحاجة إلى زيادة عدد الموظفين. وسنركز فيما يلي على أنشطة الاحتيال الإلكتروني الأكثر شيوعاً خلال مواسم التسوق إضافة إلى الإجراءات التي يمكن للشركات اتباعها للحد من هذه المخاطر بكفاءة.

استرداد المبالغ المدفوعة

غالباً ما تشهد الشركات تزايداً في عدد المعاملات خلال مواسم التسوق الحافلة، ما يجعل معالجة النزاعات الاحتيالية المرتبطة بمطالبات استرداد المبالغ المدفوعة تحدياً صعباً، حيث يمكن أن تستغرق هذه العملية وقتاً طويلاً وتستهلك الكثير من الموارد من أجل التحقيق فيها. ويستغل المحتالون الطبيعة المحمومة لهذه الفترات المزدحمة، مدركين لصعوبة مواجهة الشركات هذا العدد الكبير من النزاعات.

كما يمكن أن يؤثر هذا النوع من الاحتيال الإلكتروني في استرداد المبالغ المدفوعة بشكل كبير على أرباح الشركة، حيث يؤدي إلى الخسائر المالية وزيادة النفقات التشغيلية والأضرار المحتملة بسمعتها. إضافة إلى ذلك، يمكن أن تؤدي معدلات استرداد المبالغ المدفوعة العالية أيضاً إلى فرض عقوبات من شبكات الدفع أو حتى إلغاء حسابات التجار.

الحل

عند البحث عن الأدوات الأكثر فعالية لمكافحة عمليات استرداد المبالغ المدفوعة، من الضروري النظر في الحلول التي توفر تنبيهات في الوقت الفعلي عند بدء عملية استرداد المبالغ المدفوعة، ما يتيح للشركات الاستجابة بسرعة وفعالية. إضافة إلى ذلك، من المفيد اختيار أداة مؤتمتة لإدارة النزاعات، وذلك من أجل تبسيط عملية استرداد المبالغ المدفوعة وبالتالي تخفيف عبء العمل على فريق الشركة.

وتستخدم الحلول الرائدة في الوقت الحالي خوارزميات تعلم الآلة المتطورة لتحليل بيانات المعاملات وتحديد النشاطات المشبوهة قبل الوصول إلى مرحلة استرداد المبالغ المدفوعة. ومن خلال الكشف عن الاحتيال المحتمل في وقت مبكر، يمكن للشركات تنفيذ إجراءات استباقية لمنع النزاعات وحماية إيراداتها.

مواضيع مشابهة

الاحتيال على البطاقات الائتمانية

غالباً ما يستهدف المحتالون الشركات خلال ذروة نشاطها، مستفيدين من كم المعاملات الكبير لتجنب اكتشاف أنشطتهم الاحتيالية بسرعة. يمكن أن يؤدي الاحتيال على البطاقات الائتمانية إلى خسائر مالية كبيرة، إضافة إلى فرض غرامات وعقوبات من شبكات الدفع إذا تبين أن الشركات تفتقر إلى التدابير الكافية لمنع الاحتيال.

الحل

هناك العديد من الأدوات الفعالة المتاحة لمساعدة الشركات على مكافحة الاحتيال على البطاقات الائتمانية بكفاءة. تتمثل إحدى هذه الأدوات في نظام الأمن الثلاثي (3D Secure)، الذي يقدم مرحلة إضافية من المصادقة تتحقق من هوية حامل البطاقة قبل إكمال المعاملة، وذلك من خلال مطالبة العملاء بالمصادقة على مشترياتهم من خلال كلمة مرور لمرة واحدة أو التحقق عبر السمات الحيوية البيومترية.

في المقابل، تعد المصادقة القوية للعملاء (Strong Customer Authentication) أمراً ضرورياً لتلبية المتطلبات التنظيمية وتعزيز الأمان، حيث تفرض توفير أسلوبين أو أكثر من أساليب المصادقة، مثل كلمة المرور وبصمة الإصبع، وذلك للتأكد من أن المعاملات مشروعة ومصرح بها من قبل حامل البطاقة الشرعي.

اختراق البيانات

يصاحب كم المعاملات المتزايد خلال مواسم التسوق المزدحمة ارتفاع في عدد عمليات اختراق البيانات، حيث يستغل محتالو الإنترنت النشاط المتزايد عبر الإنترنت لسرقة بيانات العملاء. وتتجاهل العديد من الشركات أهمية الاستثمار في الأنظمة الأمنية القوية، ما يعرّض معلوماتها وبيانات عملائها للخطر. وعلى الرغم من أن عمليات اختراق البيانات يمكن أن تحدث في أي وقت، فإنها أكثر شيوعاً خلال مواسم ذروة التسوق عندما تكون أنظمة الشركات الأمنية تحت ضغط كبير، ما يجعل من الصعب اكتشاف الاختراق الأمني على الفور.

الحل

يجب على الشركات التفكير في استخدام تقنيات الترميز كإجراء أمني رئيسي لحماية بياناتها. ويتضمن الترميز استبدال البيانات الحساسة، مثل أرقام البطاقات الائتمانية، بمُعرّف فريد أو رمز مميز لا معنى له للمستخدمين غير المصرح لهم، ما يجعل من الصعب للغاية استغلال البيانات إذا وقعت في الأيدي الخطأ، ويتيح للشركات تقليل التأثير الناجم عن اختراق البيانات بشكل كبير، حتى لو تمكن المحتالون من اختراق أنظمتهم.

إضافة إلى ذلك، يعد تعلم الآلة أداة قيمة في مثل هذه الحالات. في الواقع، قامت العديد من الشركات بدمج أنظمة الكشف عن الاحتيال المعتمدة على تعلم الآلة في عملياتها، وذلك لكونها قادرة على تحليل كميات كبيرة من بيانات المعاملات وتحديد الأنماط والحالات الغريبة التي قد تشير إلى النشاط الاحتيالي، مثل طلبات استرداد الأموال المتكررة من نفس الحساب أو سلوكيات الإرجاع المشبوهة. ومن خلال استخدام هذه التقنية، يمكن للشركات اكتشاف أنشطة الاحتيالية المحتملة لاسترداد الأموال والإبلاغ عنها بسرعة في الوقت الفعلي، ما يتيح التحقيق الفوري فيها ومنعها.

رغم الضرر الذي قد تسببه هذه المشكلات الثلاثة على الشركات، أصبح الوصول للحلول اللازمة من أجل الحد منها سهلاً للغاية قي قطاع المدفوعات. ففي عالم اليوم، لم يعد التفكير الابتكاري وسيلة دفاعية ضد الخسائر المالية فحسب، بل وسيلة لتوفير التكاليف. ومع تطور أساليب الاحتيال يوماً بعد يوم، أصبح من الضروري أيضاً أن تتطور أدوات إدارة المخاطر المناسبة. ويمكن للشركات حماية إيراداتها مع تحسين عملياتها من خلال تسخير الحلول المتطورة والذكية، وبالتالي ضمان قدرتها على المنافسة في بيئة الأعمال دائمة التغير.

شارك المحتوى |
close icon