شركة Meta تطلق نموذج ذكاء اصطناعي يقرأ الأفكار ويحولها إلى نصوص مكتوبة

⬤ أحرزت Meta تقدماً كبيراً في فك شفرة النشاط الدماغي لإعادة بناء الجمل المكتوبة باستخدام الذكاء الاصطناعي.
⬤ أظهرت التجارب قدرة النظام على التنبؤ بالحروف بدقة تصل إلى 80% رغم معدل الخطأ المرتفع نسبياً عند 32%.
⬤ لا تزال التقنية غير عملية للاستخدام والتطبيق التجاري بسبب حجم الأجهزة الكبير، وتكاليفها العالية وحساسيتها للحركة.
حققت Meta تطوراً كبيراً في تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي القادرة على فك شفرة النشاط الدماغي لإعادة بناء الجمل المكتوبة وفهم العمليات العصبية المرتبطة بإنتاج اللغة. ورغم أن هذه التقنية تمثل قفزة نوعية في مجالي علم الأعصاب والذكاء الاصطناعي، إلا أنها لا تزال محصورة داخل المختبر نظراً لعدم قابليتها للتطبيق في العالم الواقعي.
تستند الأبحاث إلى طموحات سابقة للشركة، إذ أعلنت Facebook عام 2017 عن مشروع قبعة ذكية لقراءة الدماغ تتيح للمستخدمين الكتابة بمجرد التفكير. ورغم أن هذا التصور لم يتحول بعد إلى منتج استهلاكي، تُظهر تجارب Meta الأخيرة تقدماً ملموساً في هذا النحو.
أُجريت الأبحاث في مختبر Fundamental Artificial Intelligence Research (FAIR) التابع لشركة Meta في باريس، بالتعاون مع Basque Center on Cognition, Brain, and Language في سان سيباستيان بإسبانيا، وبمشاركة 35 متطوعاً قضى كل منهم نحو 20 ساعة داخل جهاز تخطيط مغناطيسية الدماغ (MEG)، حيث طُلب منهم كتابة جمل معينة، بينما جرى تسجيل إشاراتهم الدماغية وتحليلها باستخدام نظام ذكاء اصطناعي متطور يُعرف باسم Brain2Qwerty، وهو نظام مستوحى من تخطيط لوحة المفاتيح QWERTY، مصمم لتحديد الإشارات الدماغية المرتبطة بكل ضغطة مفتاح.
أظهرت النتائج، التي نُشرت في ورقتين بحثيتَين ومدونة Meta نفسها، قدرة نموذج الذكاء الاصطناعي لدى Meta على التنبؤ بالحرف الذي يضغطه المدون الماهر بدقة تصل إلى 80%، مع معدل خطأ متوسط يبلغ 32%.
يُعد هذا الإنجاز الأكثر دقة حتى الآن في مجال الطباعة عبر إشارات الدماغ باستخدام طرق غير جراحية ولوحة مفاتيح كاملة. ومع ذلك، لا تزال هذه التقنية بعيدة عن التحول إلى منتج تجاري، إذ يعتمد نظام MEG على جهاز ضخم يزن نصف طن وتكلفته مليونا دولار، ويتطلب غرفة محمية مغناطيسياً للعمل. كما أن أي حركة طفيفة للرأس يمكن أن تؤثر على الإشارة، مما يجعل الاستخدام اليومي لهذه التقنية غير عملي. وفي هذا السياق، أكد جان-ريمي كينغ، رئيس فريق أبحاث الدماغ والذكاء الاصطناعي في Meta، أن المشروع يقتصر على البحث الأساسي ولا يستهدف تطوير منتجات استهلاكية.
سلطت أبحاث Meta الضوء على كيفية معالجة الدماغ للغة عصبياً، إذ اكتشف العلماء أن إنتاج اللغة في الدماغ يتم وفق بنية هرمية، تبدأ بإشارة أولية للجملة، تليها إشارات منفصلة للكلمات، ثم المقاطع الصوتية، وأخيراً الحروف الإفرادية.
في دراسة ثانية، استخدم باحثو Meta بيانات الطباعة نفسها لاستكشاف كيفية تحول الأفكار إلى لغة. وكشفت النتائج أن الدماغ ينتج تمثيلات متسلسلة تبدأ بمفاهيم مجردة مثل معنى الجملة، ثم يصقلها تدريجياً إلى أفعال محددة، مثل حركة الإصبع لطباعة الأحرف. ويسمح هذا «الترميز العصبي الديناميكي» للدماغ بربط التمثيلات المتتابعة مع الحفاظ عليها لفترات ممتدة.
برغم تحديات الطبيعة المادية والفيزيائية، ودقة فك التشفير غير المثالية، تحمل تلك الخروقات إمكانات واعدة في المجال الطبي، لا سيما لمساعدة الأشخاص الذين فقدوا القدرة على الكلام بسبب أمراض مثل التصلب الجانبي الضموري (ALS). وتُعتبر توجهاً مخالفاً ومكملاً في نفس الوقت لأبحاث شركة إيلون ماسك، Neuralink، التي تركز حالياً على غرسات الدماغ، في حين تلتزم Meta بالأساليب غير الجراحية حالياً، والتي رغم كونها أقل دقة، إلا أنها تتلافى أخطار الجراحة الدماغية.