شركة أسستها مسؤولة سابقة في OpenAI تحطم الأرقام القياسية وتجمع مليار دولار في أولى جولاتها

⬤ رفعت شركة Thinking Machines Lab الناشئة هدف تمويلها إلى أكثر من ملياري دولار وسط اهتمام استثماري غير مسبوق.

⬤ يقود المشروع فريق نخبوي من خبراء OpenAI السابقين، ما يعزز جاذبيته في سوق يعاني من نقص الكفاءات.

⬤ رغم الغموض حول خططها، يعكس هذا التمويل القياسي استمرار قوة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي المتقدم.

في خضم موجة حماس جديدة تهز وادي السيليكون، رفعت ميرا موراتي، المدير التنفيذي السابق للتقنية في OpenAI، سقف الطموحات التمويلية لشركتها الناشئة Thinking Machines Lab إلى مستوى غير مسبوق، إذ تسعى لجمع تمويل يتجاوز ملياري دولار، وفقاً لمصادر مطلعة على الصفقة.

يعادل هذا الرقم المذهل ضعف الهدف المُعلن قبل أقل من شهرين، حين كانت الشركة تستهدف نحو مليار دولار على أساس تقييم يبلغ 9 مليارات دولار. وفي حين لم يتم الكشف عن التقييم الجديد رسمياً، تشير مصادر إلى أنه قد يتجاوز 10 مليارات دولار. وفي حال تحقق ذلك، فسيسجَّل كأكبر جولة تمويل أولي (Seed Round) في تاريخ قطاع التقنية، في إشارة قوية إلى استمرار شهية المستثمرين تجاه مشاريع الذكاء الاصطناعي المتقدمة، بل ربما تسارعها، رغم القلق العام بشأن التباطؤ الاقتصادي العالمي.

أسست موراتي شركتها الجديدة عقب مغادرتها OpenAI في الخريف الماضي بعد مسيرة امتدت لنحو 6 سنوات ونصف، تضمنت قيادتها لتطوير ChatGPT وتوليها منصب المدير التنفيذي المؤقت لفترة وجيزة. ومنذ انطلاقة Thinking Machines Lab، نجحت في تشكيل فريق نخبوي يتمتع بخبرة عميقة في مجال الذكاء الاصطناعي، يضم عدداً من الأسماء البارزة من OpenAI، من بينهم جون شلمان، الشريك المؤسس في OpenAI والعقل المشارك في تطوير ChatGPT والذي يشغل حالياً منصب كبير العلماء بعد فترة قصيرة في Anthropic، وبوب ماكجرو، الرئيس السابق لقسم الأبحاث.

شكل هذا التركيز غير المعتاد للخبرات العليا عامل جذب رئيسياً للمستثمرين، في ظل الندرة العالمية في هذه الكفاءات. ومن منظور آخر، تُعد التكاليف الباهظة لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، والاحتفاظ بهؤلاء الخبراء، من الدوافع الرئيسية لحجم التمويل المطلوب.

رغم الزخم الإعلامي والاهتمام الواسع، لا تزال أهداف الشركة واستراتيجيتها الإنتاجية محاطة بالكتمان. وفي تدوينة سابقة، وصفت موراتي المشروع بأنه «مختبر أبحاث ومنتجات في مجال الذكاء الاصطناعي، يهدف إلى جعل الأنظمة أكثر قابلية للفهم، وأسهل في التخصيص، وأكثر قدرة بشكل عام.» غير أن الطريقة التي تنوي بها الشركة التميز وسط ساحة مكتظة بالعمالقة مثل OpenAI، وAnthropic، وGemini من Google، فضلاً عن xAI التابعة لإيلون ماسك، تبقى محل تكهنات واسعة.

بينما لا تزال جولة التمويل قيد التنفيذ، ومع احتمال تغير تفاصيلها، امتنعت موراتي وThinking Machines Lab عن التعليق على الموضوع، مما يزيد من غموض المشهد في وقت يتجلى فيه تساؤل جاد حول مدى استمرارية طفرة الذكاء الاصطناعي. إذ ظهرت إشارات متباينة مؤخراً، منها استقبال بارد من وول ستريت لطرح CoreWeave للاكتتاب العام، وتوجّه Microsoft لتقليص بعض مشروعاتها في البنية التحتية الخاصة بالذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى الضغوط التي تواجهها شركات رأس المال المغامر بسبب محدودية فرص الخروج.

لكن جمع هذا التمويل الضخم، إذا ما تحقق، سيكون بمثابة رد صارخ على تلك الشكوك، ويؤكد أن موجة الاستثمار في الذكاء الاصطناعي لا تزال قوية. وتشير مقارنات حديثة إلى نجاحات مماثلة، منها ما حققه إيليا سوتسكيفر، الشريك المؤسس في OpenAI، الذي جمع مليار دولار في جولة تمويل لشركته Safe Superintelligence، التي يُقدّر تقييمها اليوم بنحو 30 مليار دولار، وكذلك شركة Sierra للذكاء الاصطناعي التفاعلي، التي بلغت قيمتها 4.5 مليار دولار، وتأسست على يد بريت تايلور، رئيس مجلس إدارة OpenAI.

تبرز هذه الأرقام في سياق تحولات أعمق في مشهد رأس المال المغامر، حيث ارتفعت أحجام الجولات التأسيسية تدريجياً على مدار العقد الماضي، حتى قبل انفجار الذكاء الاصطناعي. وتوضح بيانات PitchBook هذا التحول؛ ففي عام 2015، كانت جولة تمويل بقيمة 50 مليون دولار لشركة Addyi تُصنف على أنها ضخمة، أما اليوم، فقد أصبحت صفقات بحجم 200 مليون دولار مثل تلك التي حصلت عليها Lila Sciences هذا العام، أمراً أكثر شيوعاً، خاصة في ظل ازدياد كلفة تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.

في سياق آخر، إذا نجحت Thinking Machines Lab في إغلاق جولة التمويل التاريخية هذه، فستكون شهادة قوية على سمعة موراتي، والإمكانات الاستثنائية لفريقها، كما قد تعيد رسم حدود التمويل في المراحل المبكرة، وتؤكد، بما لا يدع مجالاً للشك، أن صنابير التمويل لا تزال مفتوحة على مصراعيها أمام النخبة من مشاريع الذكاء الاصطناعي.