زور الذكاء الاصطناعي بموظفين في الفلبين: القضاء يلاحق مؤسس شركة تقنية مالية «ثورية»

⬤ يواجه مؤسس شركة Nate تهمة الاحتيال على المستثمرين بجمع 50 مليون دولار لمشروع ذكاء اصطناعي وهمي.
⬤ كشفت تحقيقات السلطات أن الشركة استخدمت عمالاً في الفلبين ورومانيا لتنفيذ المهام بدلاً من الذكاء الاصطناعي.
⬤ هذه ليست الحالة الأولى من نوع تزييف قدرات الذكاء الاصطناعي، لكنها تضمنت خداع المستثمرين مما أوصلها للقضاء.
تلقت وعود التسوق الإلكتروني المدعوم بالذكاء الاصطناعي صفعة موجعة بعد توجيه اتهامات خطيرة إلى ألبرت سانيغر، المؤسس والرئيس التنفيذي السابق لشركة Nate الناشئة في مجال التقنية المالية، بتهمة الاحتيال على المستثمرين واستدراجهم لضخ أكثر من 50 مليون دولار في مشروع تبين لاحقاً أنه كان يستند إلى «وهم تقني.»
وفقاً للادعاء العام الأمريكي، فإن تطبيق Nate، الذي جرى الترويج له كحل شامل لتسوق إلكتروني بلمسة واحدة عبر الذكاء الاصطناعي، اعتمد في الحقيقة على مئات العمال البشر في الفلبين ورومانيا لتنفيذ عمليات الشراء يدوياً، بعيداً عن أي خوارزميات متقدمة.
تأسست Nate عام 2018، ونجحت في استقطاب اهتمام المستهلكين ومستثمرين بارزين مثل Coatue، وForerunner Ventures، وRenegade Partners، التي قادت جولة تمويل من الفئة A بقيمة 38 مليون دولار في عام 2021. وقدم سانيغر شركته آنذاك كتطبيق تسوق شامل يتيح للمستخدمين شراء المنتجات من أي موقع إلكتروني بلمسة واحدة، متجاوزاً خطوات الدفع التقليدية، مؤكداً أن ذلك يتم عبر تقنية ذكاء اصطناعي متقدمة «دون تدخل بشري،» إلا في حالات استثنائية.

لكن، بحسب لائحة الاتهام، التي تم الكشف عنها يوم الأربعاء الفائت، كانت الحقيقة مغايرة تماماً. إذ أوضح الادعاء العام أن نسبة العمليات الآلية التي كانت تتم بواسطة الذكاء الاصطناعي داخل Nate كانت معدومة فعلياً، رغم شراء الشركة لبعض تقنيات الذكاء الاصطناعي وتوظيفها لعلماء بيانات.
تكشف التحقيقات أن وراء واجهة التطبيق الأنيقة كانت هناك شبكة من مئات المتعاقدين البشر، يطلق عليهم أحياناً «مساعدو الشراء،» يعملون في مركز اتصال بالفلبين، ويتولون يدوياً المهام المؤتمتة المزعومة، من اختيار المقاسات، إلى إدخال معلومات الدفع والشحن، وإتمام عملية الشراء.
وصف مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) هذه العملية بأنها «خدعة مليئة بالدخان والمرايا،» في إشارة إلى التضليل المتعمد. ومن جانبه، أدان المدعي العام الأمريكي بالإنابة، ماثيو بودولسكي، هذا الخداع، قائلاً إن «ألبرت سانيغر ضلل المستثمرين من خلال استغلال جاذبية الذكاء الاصطناعي وبناء سردية زائفة حول ابتكار لم يكن له وجود.» وأضاف أن «مثل هذا النوع من الخداع لا يقتصر ضرره على المستثمرين فحسب، بل يعرقل تدفق رؤوس الأموال نحو الشركات الناشئة الحقيقية، ويغذي شكوك المستثمرين في الابتكارات الحقيقية، مما يبطئ من تقدم قطاع الذكاء الاصطناعي برمته.»
كانت أولى مؤشرات الانكشاف العلني قد ظهرت عام 2022 بعد تحقيق أجرته صحيفة The Information، أشار إلى اعتماد Nate الكثيف على العمالة البشرية، وإلى أن تطبيقها لم يصل مطلقاً إلى القدرة على إتمام عمليات الشراء تلقائياً بواسطة الذكاء الاصطناعي.
لم يدم هذا الوهم طويلاً، إذ أفادت تقارير أن الشركة استنفدت تمويلها بحلول يناير 2023 واضطرت إلى بيع أصولها، ما ألحق خسائر شبه كاملة بالمستثمرين، وفقاً لما ذكرته وزارة العدل الأمريكية.
يحمل سانيغر شهادة ماجستير في إدارة الأعمال من كلية لندن للأعمال (LBS)، وعمل لفترة وجيزة في أمازون، وقد تنحى عن منصب المدير التنفيذي في Nate بحلول عام 2023، بحسب ما يظهر في ملفه على LinkedIn. ويشغل حالياً منصب شريك إداري في شركة Buttercore Partners، وهي شركة استثمارية مقرها نيويورك. ولم يصدر أي تعليق منه أو من Buttercore Partners بشأن القضية.
حالياً، يواجه سانيغر تهمتين؛ الاحتيال في الأوراق المالية، والاحتيال الإلكتروني، وتصل العقوبة القصوى لكل منهما إلى 20 عاماً من السجن. ولم يُحدّد بعد موعد مثوله أمام المحكمة.
تأتي قضية Nate في سياق التدقيق المتزايد في مزاعم الذكاء الاصطناعي ضمن قطاع التقنية، حيث تكررت الحالات التي تبين فيها أن شركات ناشئة بالغت في قدراتها التقنية أو مارست التحايل بخصوصها، ومن أمثلتها شركة Presto Automation، التي اقتحمت مجال خدمة الطلبات في مطاعم الوجبات السريعة، وشركة EvenUp المختصة في التقنية القانونية، التي اعتمدت بدرجة كبيرة على جهود بشرية في مهام ادعت أنها مؤتمتة.
في وقت يسعى فيه المستثمرون للتمييز بين الابتكار الحقيقي والضجة الإعلامية الزائفة، تمثل الاتهامات الموجهة إلى سانيغر تذكيراً جاداً بالمخاطر الكامنة خلف شعارات الذكاء الاصطناعي، والتي قد تسهم في ترسيخ الشكوك في حين يشهد هذا القطاع نمواً متسارعاً.