ربع العائدات مخصصة لغايات للبحث والتطوير – مقابلة مع نائب الرئيس للتسويق في Huawei
تعرف شركة Huawei بكونها واحدة من رواد مجال الاتصالات حول العالم. حيث تعد الشركة في مقدمة المشاركين في البحث وتطوير معايير الاتصال الحديثة، كما أنها من أهم مزودي البنية التحتية للاتصالات في العالم. لذا وخلال تغطيتنا لقمة قادة مجلس SAMENA (الذي يمثل جنوب آسيا، والشرق الأوسط، وشمال إفريقيا)، استغلينا الفرصة للقاء السيد محمد مدكور، نائب الرئيس للتسويق وحلول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في شركة Huawei. حيث يركز السيد مدكور على أعمال الشركة في منطقة SAMENA، وحدّثَنا عن أهم التطورات في مشهد الاتصالات الإقليمي والعالمي. واقتطفنا من الحديث الأسئلة التالية:
من منظورك، ما هو التحدي الأكبر الذي يواجه الاتصالات والبنية التحتية، وخاصة في المنطقة؟
لا أعتقد أن هناك تحدياً مميزاً لهذه المنطقة بالنسبة للاتصالات اللاسلكية، فنحن نمر بلحظة ثورية، حيث نريد التركيز على كيف يمكن للاتصالات تحقيق عالم، وأعمال، وصناعة، واقتصاد أفضل. وفي الوقت نفسه، نريد التركيز على الاتصالات من حيث سد الفجوة الرقمية. وبالنسبة للمنطقة، بالتحديد دول مجلس التعاون الخليجي، فهي مركز لاستخدام التقنية المتقدمة في العالم بأسره. حيث تتصدر المنطقة في اعتماد التقنيات الأكثر تقدماً، كما حقق مشغلو شبكات الجيل الخامس نجاحات كبرى خلال السنوات الخمس الماضية. وبنفس الوقت، حققت المنطقة مستوىً عالٍ من التحول الرقمي بجهود حكومية وتنظيمية.
أعتقد أن الأسباب السابقة كافية لتضع المنطقة في الريادة الإقليمية، بل حتى العالمية ربما. لذلك أنا أرى الكثير من الفرص الرائدة في المنطقة. لكن ولو أردنا الحديث عن التحديات، فربما يكون أبرزها هو الحاجة للعمل بشكل أفضل من حيث جلب التقنية والذكاء الرقميين لكل شخص ومنظمة، وسد فجوات الاتصالات والتقنيات.
كم حققنا من تقدم تجاه استدامة قطاع الاتصالات؟ وكم هو الطريق طويل أمامنا؟
في شركة Huawei، نعتقد أنه لا يكفي تقديم الأداء العالي، أو رفع السرعات، سواء كان ذلك للشركات أو المنظمات أو الدول. بل نعتقد أن علينا تحقيق هذه الإنجازات بطريقة خضراء ومستدامة للغاية. نحن لا نريد أن نؤذي كوكب الأرض ولن يتوقف العمل من أجل الاستدامة أبداً، لأنه يمكنك أن تكون أفضل دائماً.
نسعى جميعاً اليوم تجاه تحقيق صافي الانبعاثات الصفري ولكل بلد خطته الخاصة، وكذلك الأمر لمشغلي الشبكات. ولدينا عبارة تلخص مساعينا نحو الاستدامة: «تدفق بيانات أسرع، مع صرف طاقة أدنى». إذ نريد جميعاً أن يكون لدينا اتصال أفضل، وسرعة أعلى، وأداء قوي، ولكن يجب أن يكون كل ذلك مترافقاً مع استهلاك أدنى للطاقة، وهو ما نقدمه اليوم بفعالية عالية في معداتنا.
عندما تتحدث عن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات نفسها، لا أعتقد أنها منتج كبير حقاً للانبعاثات الكربونية، لكنها جزء أساسي من الحل. حيث ستجلب تكنولوجيا المعلومات والاتصالات الاستدامة لجميع الصناعات الأخرى باعتقادي، وهذا جزء أساسي من أهمية شبكات 5GA، ليس فقط لأنها توفر إنترنت بسرعة 10 جيجا بت بالثانية فقط، وهو أمر جميل بالمناسبة، وإنما توفر الفاعلية وأسس الاستدامة لجميع الصناعات الأخرى.
كيف تتخيل مستقبل الاتصالات اللاسلكية وما هي ملامح القفزة التالية في المجال؟
نتفق جميعنا على أن شبكة الجيل الخامس قد حققت نجاحاً هائلاً، ويشمل ذلك فوائدها على أعمال مشغلي الشبكة، أو دورها في تحول البلدان خلال السنوات الخمس الماضية، ولعل دول مجلس التعاون الخليجي مثال ممتاز لذلك. والآن أتى دور شبكات 5GA التي تعد التطور التالي لشبكات الجيل الخامس، وتوفر تجربة مميزة حقاً تشمل السرعة، والموثوقية، والتوافر، وسرعة الاستجابة، وذلك بجانب جلب الكثير من سيناريوهات الاتصال لإنترنت الأشياء.
لقد عملنا على هذا المشروع بشكل وثيق مع منظمة 3GPP المعنية بوضع معايير الاتصالات الخلوية، وأعتقد أنه سيكتمل في وقت ما من الشهر المقبل. حيث سيصل الشكل الأول لجيل شبكات 5GA خلال السنوات الثلاث أو الأربع القادمة، وخلال عشر أعوام من الآن ستكون شبكات 5GA هي المعيار الأكثر استخداماً في الصناعة.
بالنسبة لشبكات الجيل السادس، فهي محل أبحاث الآن، لكن كما أسلفت، أعتقد أن اتصالات 5GA سترسم ملامح السنوات العشر التالية. فمن المُفترض أن يصدر أول إصدار من معايير شبكات الجيل السادس من منظمة 3GPP بعد عام 2030 على الأقل، وبالطبع لا أعرف حالياً قدرات أو احتياجات شبكات الجيل السادس، لكننا نعرف ما تستطيع شبكات 5GA فعله، وعلينا التركيز على الاستفادة منها خلال السنوات القادمة.
كيف تتكامل اتصالات الأقمار الصناعية مع الشبكات الخلوية الحالية والمستقبلية؟
رأينا الكثير من العمل والنشاط من الأقمار الصناعية، ويتمثل الجزء الرئيسي منها في توفير الإنترنت عالي السرعة في المناطق الريفية والنائية التي لا تصلها الشبكات التقليدية. أعتقد أن هذه الاتصالات تلعب دوراً تكميلياً للشبكات الخلوية، فبغض النظر عن التطورات الكبرى التي يحققها مشغلو الشبكات وبالأخص على مدار السنوات الماضية، لا يزال هناك بعض الفجوات والفراغات في الوصول. وهنا تأتي الاتصالات عبر الأقمار الصناعية لسد هذه الفجوات، ونعتقد أن الشراكة مع الأقمار الصناعية المقدمة للشبكات غير الأرضية (NTN) ممتازة لهذه الغاية.
هناك اليوم العديد من الأمثلة لتعاون مشغلي الشبكات الخلوية مع مزودي خدمات الاتصالات الفضائية، وقد شاهدنا ذلك في ألمانيا، والصين، وسواها، وفي الصين، قدمت شركة China Telecom تقنية الاتصال عبر الأقمار الصناعية مؤخراً. تعد هذه الأمور مفيدة للغاية، وتخلق الكثير من الفرص. لكن من المهم أن يحافظ مشغلو الشبكات الخلوية على جهودهم في تطوير خدماتهم وموثوقيتها مع الاستفادة من التقنيات المكملة لسد الثغرات المحتملة.
ما هو أكبر تهديد سيبراني ضد الاتصال والشبكات حالياً؟
هنا في قمة قادة SAMENA، ناقشنا مواضيع الصلابة والأمن السيبرانيين في جلسة موسعة تضم الكثير من الخبراء. حيث كلما انتشرت تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، زاد اندماجها بحياتنا، وزاد تغلغلها في جميع الصناعات الأخرى. وبينما يحمل ذلك العديد من الفوائد، فهو يحمل معه تزايد الهجمات أيضاً. لذا أعتقد أن الأمن السيبراني للشبكات أمر بغاية الأهمية وهو مسؤولية الجميع، بما يشمل مطوري البنية التحتية مثل Huawei، ومشغلي الشبكة، والحكومات، والنظام البيئي. يجب أن يتعاون الجميع معاً للتعامل مع هذا التحدي المتنامي والمستمر. وقد قمنا بدورنا عبر مساعدة الكثير من زبائننا حول العالم على استخدام الخدمات الأمنية المدارة، بحيث يتمكنون من الارتكاز على شركات متخصصة لإدارة النواحي الأمنية لعملياتهم.
ما مدى تركيزكم على البحث والتطوير للتقنيات الجديدة؟
البحث والتطوير هو حمضنا النووي، فلطالما كانت شركة Huawei رائدة من حيث حجم الاستثمار الذي تضعه في البحث والتطوير. وفي عام 2023، أعتقد أننا خصصنا أكثر من 23% من عائداتنا لغايات البحث والتطوير. وأعتقد أن إنفاقنا الكبير والتزامنا المستمر بالبحث والتطوير هو سبب وجودنا واستمرارنا حتى الآن رغم البيئة السلبية التي نعمل ضمنها أحياناً.
كما ذكرت، دائماً ما نخصص أكثر من 20% من عائداتنا لأغراض البحث والتطوير، ونتخذ عبر ذلك نهجاً مستقبلياً يركز على ما هو قادم. وبالطبع لا نكتفي بإجراء أبحاث في مجال البنية التحتية للاتصالات فحسب، بل أننا نجري أبحاثاً في علم المواد وتكنولوجيا التبريد، وسواها. حيث نعمل على تقديم ابتكارات تكمل منتجاتنا وتحسنها للعملاء.
كذلك، نركز في عملنا على البحث والتطوير على الناحية التعاونية، حيث نركز دائماً على الزبائن، ونبحث لنعرف ما هي المشاكل التي يواجهونها، وكيف يمكن أن نستثمر في حلها.
كيف تساعد تقنيات الاتصالات بلدان المنطقة على تحقيق أهدافها للتحول الاقتصادي؟
نحن نؤمن بأن تكنولوجيا المعلومات والاتصالات هي جوهر الاقتصاد الرقمي وفي السنوات القليلة المقبلة، سيشكل الاقتصاد الرقمي حصة متزايدة من الاقتصاد العالمي. ونرى العديد من الأمثلة على ذلك في منطقة مجلس التعاون الخليجي، فدول المنطقة تريد أن تكون مركزاً تقنياً إقليمياً وحتى عالمياً. ويعكس ذلك النهج المستقبلي الذي تتبناه دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية مثلاً، فهم يدركون قيمة تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، فهي أساس الاقتصاد الرقمي.
مع استثمار الكيانات، والمنظمات، والدول في التحول الرقمي، فالسماء هي الحد الوحيد لمقدار نمو الناتج المحلي الإجمالي. ولدينا إيمان كامل بذلك، لأننا نمارس ذلك في الصين، كما نفعل ذلك مع جميع مشغلي الشبكة، حتى هنا في دول مجلس التعاون الخليجي. لقد أجرينا تعاوناً كبيراً مع جميع الحكومات هنا لدعم الاقتصاد الرقمي، ويجب أن أخبرك أن الفرصة هي الآن وهنا، لكن يحتاج الأمر لناحية أخرى هي تنمية المواهب الرقمية، لأنه بدون المواهب، لن نتمكن من استغلال التقنية حقاً.
فنحن نعتقد أن جلب التكنولوجيا على هيئة بنية تحتية، أو محتويات، أو سحابة، أو أي شيء آخر ليس كافياً، بل يجب أن نخطط لتنميتها، وبذلك نحصل على اقتصاد رقمي كبير ومتين.