رئيس شركة تقنية: 10 مبرمجين يستخدمون الذكاء الاصطناعي يضاهون 100 مبرمج عادي

⬤ يغير مفهوم «vibe coding» الجديد ملامح البرمجة التقليدية بالاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي.
⬤ يرى الخبراء أن هذا التطور قد يضاعف إنتاجية المبرمجين أو قد يؤدي إلى تقليص الحاجة إليهم مستقبلاً.
⬤ رغم الإمكانات الهائلة، تثار مخاوف كثيرة بشأن أمان الأكواد والاستغناء المبكر عن المهندسين ذوي الخبرة.
تشغل وادي السيليكون موجة جديدة من التغير الممزوج بالحماس في كواليس الوظائف المرتبطة بالبرمجة، حيث لم يعد الحديث يدور حول كتابة أكواد برمجية معقدة، بل عن مفهوم جديد يُعرف باسم «vibe coding.»
ظهر هذا المصطلح حديثاً على يد الشريك المؤسس لمنصة OpenAI، أندريه كارباثي، ويشير إلى اتجاه يعتمد على استخدام التعليمات النصية الطبيعية بدلاً من البرمجة التقليدية، ما قد يجعل كتابة الأكواد يدوياً شيئاً من الماضي. وقد وصف كارباثي هذا المفهوم عبر منصة X قائلاً إنه يتطلب من المبرمج «الانغماس الكامل في الأجواء، وتبنّي النمو المتسارع، ونسيان وجود الأكواد تماماً.»
There's a new kind of coding I call "vibe coding", where you fully give in to the vibes, embrace exponentials, and forget that the code even exists. It's possible because the LLMs (e.g. Cursor Composer w Sonnet) are getting too good. Also I just talk to Composer with SuperWhisper…
— Andrej Karpathy (@karpathy) February 2, 2025
يقوم هذا النهج على توظيف منصات برمجية تعتمد على الذكاء الاصطناعي، مثل Cursor، وBolt، وClaude، لإنشاء أكواد وظيفية من خلال أوامر مكتوبة أو صوتية بسيطة، وتنفيذ المهام التي كانت تستغرق من قبل ساعات أو أياماً في ثوانٍ معدودة. وسواء كان الأمر يتعلق بإصلاح خطأ برمجي أو تعديل ميزة معينة، يكفي التوجه صوب الذكاء الاصطناعي.
لا يقتصر الأمر على توقعات المستقبل البعيد. ففي تصور مشابه، يرى داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة Anthropic، أن الذكاء الاصطناعي سيصبح قادراً على كتابة جميع الأكواد خلال الأشهر الثلاثة إلى الستة المقبلة. وتزداد الشواهد على إقبال المستخدمين على هذا الاتجاه الجديد وأدواته المتكاثرة. فمثلاً، تتيح منصة Bolt عبر المتصفح لأي شخص، حتى دون خبرة برمجية، إنشاء مواقع إلكترونية، أو تطبيقات للأجهزة المحمولة، أو حتى ألعاب فيديو عبر إدخال جملة واحدة فقط.
على بساطتها، تنطوي أمثلة توظيف الذكاء الاصطناعي في هذا المجال على إمكانيات كبيرة يمكن أن تغير طريقة عمل الشركات، بالأخص مع القدرة على إتمام النماذج الأولية في لحظات بدلاً من أيام.
من جانبه، يرى غاري تان، الرئيس التنفيذي لشركة Y Combinator، أن هذا التطور قد يفتح آفاقاً جديدة للشركات الناشئة، حيث يمكن لفريق صغير من عشرة «مبرمجين بالأسلوب الجديد» تحقيق إنتاجية تضاهي ما يقدمه 50 إلى 100 مهندس برمجيات تقليدي، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى ظهور شركات ناشئة بملايين الدولارات. ووفقاً لما صرح به تان في حديث له مع CNBC، قد نرى مستقبلاً يمكن فيه لمهندس لم يتسنَّ له الحصول على وظيفة في شركات كبرى مثل Meta أو Google أن يطلق مشروعاً مستقلاً يدر ما بين 10 إلى 100 مليون دولار سنوياً بفضل هذه التقنيات.
بطبيعة الحال، ليس استخدام الذكاء الاصطناعي في تطوير البرمجيات بالأمر المستجد. لكن تكريس مصطلح جديد مثل «vibe coding» قد يسهم في تسريع الإقبال على تعلم مهارات الذكاء الاصطناعي، والتي تُعدّ الأسرع نمواً في الولايات المتحدة وفقاً لمنصة LinkedIn. وبهذا الصدد، يرى جولز وايت، أستاذ علوم الحاسوب في جامعة فاندربيلت، أن «جميع الأساليب البرمجية التي اعتمدنا عليها لعقود قد انتهت،» مشيراً إلى أن هذا التحول يمثل «ولادة جديدة» لمجال البرمجة.
لكن رغم هذا الحماس، لا يزال هناك بعض الشكوك حول مدى واقعية هذا التوجه. إذ يرى البعض أن المصطلح بات يُستخدم بشكل مفرط ليشمل جميع أشكال البرمجة بمساعدة الذكاء الاصطناعي، ما قد يدفع الشركات إلى الاستغناء المبكر عن المهندسين ذوي الخبرة، وهو ما قد يكون قراراً متسرعاً. وفي هذا السياق، استشهد الرئيس التنفيذي في Salesforce، مارك بينيوف، بزيادة الإنتاجية بنسبة 30% بفضل الذكاء الاصطناعي كأحد أسباب تجميد شركته توظيف مهندسي البرمجيات لعام 2025، في حين تفاخر مسؤولون في Google وMeta بقدرات منصاتهم في البرمجة المدعومة بالذكاء الاصطناعي.
بما يتعدى قدرة مضامين مفهوم «vibe coding» على إنشاء نماذج أولية وبرمجيات بسيطة، يبرز موضع تساؤل آخر حول إمكانية تلبية متطلبات تطوير تطبيقات بمستوى مؤسسي، مثل الوظائف الخلفية المعقدة أو التعامل مع بيانات حساسة، مثل معلومات الدفع، وما خلا ذلك من التفاصيل التي تحتاج مراجعة دقيقة من قبل المبرمجين المخضرمين.
لقد شهد القطاع التقني غير حادثة تجلت فيها أخطار الاعتماد المفرط على الذكاء الاصطناعي، وما ترتب على ذلك من مشاكل وصلت حد الكوارث بعض الأحيان. وتتجاوز المخاوف مجرد جودة الكود، إذ أظهرت الأبحاث أن أدوات البرمجة القائمة على الذكاء الاصطناعي قد تُخدع لإنتاج أكواد غير آمنة، مما يفتح الباب أمام ثغرات أمنية أو حتى بوابات خلفية يمكن استغلالها دون علم المطور. كما قد تشتمل المستودعات البرمجية التي تُستخدم لتدريب هذه النماذج على أخطاء أو أكواد ضارة.
من منظور آخر، ينصح كريم ميغجي، رئيس المنتجات في Code.org، المبرمجين الشباب يعدم الانجراف وراء ما وصفه «بالضجة الإعلامية،» مؤكداً على أهمية بناء أساس متين من مهارات البرمجة التقليدية إلى جانب تعلم كيفية الاستفادة من الأدوات الحديثة. ويتفق معه العديد من الخبراء الذين يرون أن النهج الأمثل نحو الابتكار الحقيقي والمجدي ليس في الاستغناء عن المهندسين البشريين، بل في دمج الذكاء الاصطناعي معهم لتعزيز كفاءتهم.