باعتراف مثير للجدل: فيسبوك كاد يحذف قوائم أصدقاء الجميع عام 2022

⬤ اقترح مارك زوكربيرغ في 2022 فكرة حذف قوائم أصدقاء جميع المستخدمين «لإحياء فيسبوك».
⬤ انكشف الأمر من رسائل بريد إلكترونية ظهرت على العلن ضمن محاكمة تتهم ميتا فيها بالسلوك الاحتكاري.
⬤ كشفت المحاكمة تفاصيل مثيرة مثل كون شركة فيسبوك اشترت إنستاجرام لإدركاها لتفوق التطبيق على خدماتها.
كشفته جلسات محاكمة قضية مكافحة الاحتكار التي تخوضها شركة Meta أمام القضاء الفيدرالي الأمريكي عن توجه غريب كان يراود مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي للشركة. إذ طرح عام 2022 فكرة وصفها نفسه «بالجنونية»، تقضي بمحو قوائم الأصدقاء لكافة مستخدمي فيسبوك، في محاولة لإعادة إحياء المنصة التي كانت قد بدأت فقدان بريقها الثقافي، لا سيما بين الأجيال الشابة.
ظهرت الفكرة في رسالة بريد إلكتروني داخلية أرسلها زوكربيرغ إلى عدد من كبار التنفيذيين بالشركة، وعرضتها لجنة التجارة الفيدرالية كدليل، وورد فيها قوله: «الخيار 1: التركيز مجدداً على مفهوم الصداقة. فكرة قد تكون جنونية: أن نمحو وصلات الجميع ونبدأ مجدداً.» في إشارة إلى شبكة العلاقات الشخصية التي تشكل العمود الفقري للتواصل عبر فيسبوك.
جاء ذلك التصور المثير في سياق تزايد قلق Meta من تراجع شعبية فيسبوك، واعتباره «منصة كبار السن»، بعد أن كان ذات يوم سيد ساحات التواصل، خاصة في أوساط الشباب الذين باتوا ينجذبون بشكل متزايد إلى منصات منافسة مثل TikTok.
نظراً لطابع الفكرة الذي يتضمن تحولاً جذرياً، فقد قوبلت بتحفظ داخلي فوري. لكن زوكربيرغ لم يتراجع، بل استفسر عن مدى إمكانية تحويل الملفات الشخصية إلى نموذج المتابعة بدلاً من الصداقة.
خلال شهادته، التي امتدت لسبع ساعات وفقاً للمصادر، أقر زوكربيرغ لدى استجوابه من قبل محامي لجنة التجارة الفيدرالية بعدم تطبيق فكرة «إلغاء الصداقات الجماعية» نهاية المطاف، قائلاً: «على حد علمي، لم نقم بذلك مطلقاً.»
كما اعترف زوكربيرغ بأن طبيعة فيسبوك تغيرت كثيراً منذ انطلاقته قبل أكثر من عقدين، مشيراً إلى تنامي «عنصر الاهتمام» على حساب «عنصر الصداقة». وواصفاً خلاصة فيسبوك الحديثة بأنها «مساحة اكتشاف وترفيه عامة» يغلب عليها المحتوى المُقترح والإعلانات، بدلاً من منشورات الأصدقاء والعائلة فقط.
في محاولة لتدارك هذا التراجع، أعلنت Meta مؤخراً عن جهود لإعادة «التجربة الأصلية» في فيسبوك، وكان آخرها إطلاق تبويب مخصص للأصدقاء.
تتهم لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية شركة Meta باحتكار غير قانوني لسوق الشبكات الاجتماعية الشخصية، باستحواذها على إنستاجرام عام 2012 مقابل مليار دولار، وعلى واتساب عام 2014 مقابل 19 مليار دولار. وتزعم اللجنة أن هذه الصفقات كانت جزءاً من استراتيجية «الشراء أو الإفناء»، مستشهدة برسالة داخلية أرسلها زوكربيرغ عام 2008 كتب فيها: «من الأفضل أن نشتريهم بدلاً من أن ننافسهم.»
حول ذلك، قال المحامي دانيال ماثيسون، ممثل لجنة التجارة الفيدرالية، في مرافعة الافتتاح: «حققت Meta أرباحاً اقتصادية ضخمة على مدى سنوات، تفوق ما هو متوقع في بيئة تنافسية». وترى الجهات القانونية أن القاعدة الجماهيرية الضخمة للشركة (نحو 3.3 مليار مستخدم على مختلف منصاتها)، تعود جزئياً إلى غياب البدائل الحقيقية للمستخدمين في مجال مشاركة المحتوى مع الأصدقاء والعائلة، بفعل سيطرة Meta عليه احتكارياً.
لكن Meta تنكر هذه الاتهامات بشدة، وتعتبرها «خليط نظريات تتعارض مع الحقائق والقانون». وتؤكد احتدام المنافسة في السوق، مستشهدة بمنصات TikTok، وYouTube، وX، وiMessage من Apple. مضيفة أن هذا التحدي القانوني المتأخر بأكثر من عقد يبعث برسالة مقلقة مفادها أن «لا صفقة تُعتبر نهائية». كما ترى Meta أن هذه الدعوى قد تضر بالابتكار الأمريكي وتصب في مصلحة المنافسين الصينيين، خاصة في مجالات التقنية الحساسة مثل الذكاء الاصطناعي.
على المقلب الآخر، يؤكد خبراء القانون أن لجنة التجارة الفيدرالية تواجه تحدياً صعباً، إذ يتعين عليها إثبات احتكار Meta للسوق في الوقت الراهن، وليس فقط في ظروف الماضي، وهو أمر معقد في ظل التطورات المتسارعة.
من المنتظر أن تستمر المحاكمة لنحو ثمانية أسابيع. فيما تشير التقديرات إلى أن نجاح لجنة التجارة الفيدرالية في كسب القضية قد يؤدي إلى تفكيك Meta بإجبارها على فصل إنستاجرام وواتساب عنها، ما قد يتسبب بانخفاض عائداتها الإعلانية بنسبة تصل إلى 50% ويعيد رسم خارطة نفوذها الرقمي من جديد.