الكل يبيع، والسر في التوزيع
التفوق بالبيع والتوزيع الجيد يؤدي إلى السيطرة على السوق والعكس ليس صحيح، حتى ولو كان منتجك هو الأفضل والناس تتبناه على الفور و يحبونه بمجرد تجربته لابد من دعمه بخطة توزيع قوية. وهنا يأتي مقياسين رئيسين لتقييم كفائة سياسة التوزيع، ماهي قيمة العميل المستحوذ (مشترياته مدى الحياة) مقابل ما هي تكلفة الإستحواذ على العميل في الأساس وكلما زاد سعر منتجك كلما زادت الحاجة للتسويق إليه.
المبيعات المعقدة
اذا كان معدل بيعتك فوق المليون دولار (على سبيل المثال) فإن كل تفصيل مهم جدا ويحتاج رعاية واهتمام دقيقين، وربما يأخذ الموضوع أشهر لتطوير علاقة شخصية أوعملية طيبة يمكن البناء عليها. وربما تكون البيعة مرة في السنة أو السنتين تكفي أو متوقعة وربما يجب عليك المتابعة بعد ذلك في التركيب او الصيانة. تمكن ايلون ماسك عن طريق شركة “سبايس اكس” من تحقيق ذلك، إذ قام بإقناع ناسا بتوقيع صفقة بمليارات الدولارات لاستبدال المكوك الفضائي الذي يتم تفكيكه عند الإطلاق لمكوك جديد طور من شركته قادر على الذهاب والعودة لمرات عديدة. السياسات تؤثر في الصفقات الكبيرة بقدر تأثير التقنية الحديثة إذ كانت ناسا توظف ما يزيد ٥٠٠ ألف موظف في قطاع الصناعات الفضائية في عدة ولايات بينما توظف سبايس اكس ٣آلاف موظف في كاليفورنيا من أجل تنفيذ هذه المهمة، وحتما إن السيناتورات لا يريدون توقف هذه الأموال الفدرالية عن ولاياتهم تمكن البائع الفذ إيلون مسك من إرضاء جميع الأطراف والتفوق على المعوقات الهيكلية والسياسية. بالعادة لا تحتاج المبيعات المعقدة الى مندوب مبيعات إذ يفضل الزبائن في صفقات بمثل هذا الحجم الى التعامل مع الرئيس التنفيذي او المالك مباشرة.
المبيعات الخاصة او الشخصية
أغلب المبيعات ليست معقدة إذ أن معدل الصفقات التجارية بشكل عام يتراوح بين ١٠آلاف و١٠٠ألف دولار وبالعادة لايضطر الرئيس للقيام بعملية البيع بنفسه، التحدي هنا ليس إتمام عملية بيع بحد ذاتها ولكن إنشاء آلية عمل تمكن فريق مبيعات حجمه محدود من إيصال المنتج لجمهور أكبر.
في العام ٢٠٠٨ قامت شركة “بوكس” بإنشاء مخزن من الذاكرة الحاسوبية وتسويقه عن طريق تأجير مساحة فيه أو ما سمي في وقت لاحق بالحوسبة الغيمية “كلاود كمبيوتنج” وإمكانية الوصول للمعلومات من أماكن مختلفة ما دام هنالك اتصال بالإنترنت ولم يدرك الناس مدى احتياجهم لمثل هذه الخدمات، إلى أن اضطرت الشركة لتوظيف مدير مبيعات يدعى “بليك” مع اثنين مساعدين له، وقاموا بدورهم بالتواصل مع مجموعات عمل لديها مشاكل في مشاركة الملفات وتداولها بين الأجهزة بسهولة وقاموا بالتفاعل مع العديد والعديد من هذه المجموعات إلى أن تمكنوا من إتمام صفقة مع مستشفى جامعة ستانفورد حيث كان الباحثون يبحثون عن طريقة لتسجيل بياناتهم إلى أن آصبح كل طالب في مستشفى الجامعة بإنشاء حساب بوكس واليوم كل أنظمة المستشفى تعمل على نظام بوكس. لو قامت بوكس بتسويق منتجها لمدير الجامعة لفشلت على الأغلب أو تعاملت مع الموضوع على أنها بيعة معقدة وحاولة مفاوضة تطبيق نظام معين لمستشفى جامعي عريق، ولكن الطريقة التي قام بها بليك هي إثبات الفائدة على المستوى الشخصي لمسجلي ومستخدمي البيانات من الباحثين، الأطباء الطلبة المتدربين ومدوني الأرشيف والبيانات في الأقسام المحددة.
المنتج هو الموزع
في بعض الأحيان يكون المنتج هو بذاته نوع من أنواع التوزيع إذ هنالك موقع “إي سمسار” أو موقع “ويب طب” أو تطبيق “طبي” على سبيل المثال، و “زوك دوك” أيضا، وهم عبارة عن منصات تتيح لأصحاب العقار في المثال الأول و بما يسمى بمحفظة مشاركين التي تساعد الناس على البحث، إيجاد، وحتى تأكيد موعد مع طبيب أو عيادة معينة عن طريق الانترنت، وتقوم مثل هذه المواقع بأخذ رسوم بسيطة من الأطباء مقابل إدراجهم على شبكاتها، و بمعدل صفقات لا تتعدى المئات من الدولارات تحتاج مثل هذه المواقع إلى الكثير من مندوبي المبيعات إذ لدى شركات مثل “زوك دوك” و حتى “مت لايف” فريق توظيف داخلي لا يفعل شيئا سوى توظيف المزيد، ولكن بيع المنتج بحد ذاته للطبيب ليس مصدر الدخل الرئيس بل أيضا زوار الموقع للتصفح كلما وجدوا أطباء أكثر كلما زادت فاعلية الموقع وزادت جاذبيته للطبيب) يستخدم مثل هذا التطبيق أكثر من ٥ ملايين مستخدم في الولايات المتحدة ويتوقع أن يشهد نمو هذا القطاع عالميا ليواكب موضة الانترنت في المجال الطبي.
الكل يبيع
قد يتمنى النردات أو المتملقين أن يزاح جميع البائعين إلى كوكب آخر أو أن يلغى التوزيع أو يهمش. كل منا يريد أن يقنع نفسه أن قراره بيده تماما وأنه يتمتع باستقلالية تامة ولكن هذا ليس صحيح، الكل يبيع، سواء كنت موظفا، صاحب عمل، مؤسس أو مستثمر، وحتى لو كانت شركتك تتكون فقط منك انت وكمبيوترك، انظر حولك، إن لم تجد أي ممثل مبيعات، فانت رجل المبيعات.
مستنبطة من نفس الكتاب، بيتر ثييل، الصفر إلى واحد