الذكاء الاصطناعي يهيمن ويحتكر 71% من كامل تمويل رأس المال المغامر في الربع الأول من 2025

⬤ شهد قطاع الذكاء الاصطناعي تدفقاً غير مسبوق من استثمارات رأس المال المغامر مدفوعاً بالخوف من تفويت الفرصة.
⬤ رغم جولات التمويل الضخمة، ظهرت مؤشرات تشكك في استدامة العوائد وفرص الخروج المستقبلية للمستثمرين.
⬤ زادت حالة عدم اليقين بسبب تباطؤ الطروحات العامة وتقلب السياسات، مما عقد بيئة الاستثمار بشكل ملحوظ.
شهدت شركات الذكاء الاصطناعي تدفقاً غير مسبوق من استثمارات رأس المال المغامر خلال الربع الأول من عام 2025، مدفوعاً بموجة عارمة من الخوف بين المستثمرين من تفويت الفرصة في هذه التقنية التحولية. وعلى الرغم من الصفقات الضخمة التي تصدرت العناوين، كشفت مؤشرات السوق الأساسية عن تصدعات محتملة ومشهد تحيط به حالة من الضبابية بشأن فرص الخروج المستقبلية والاتجاه العام.
وفقاً لبيانات PitchBook وNVCA، استحوذت شركات الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي على 71% من إجمالي قيمة صفقات رأس المال المغامر في الولايات المتحدة خلال الربع الأول، مقارنة مع 46.8% خلال الفترة نفسها من العام السابق. وكان تركيز رأس المال أعلى في أمريكا الشمالية، حيث شكل القطاع 70.2% من إجمالي قيمة الصفقات. وعلى الصعيد العالمي، جذبت شركات الذكاء الاصطناعي تمويلاً قدره 73.1 مليار دولار خلال الربع الأول وحده، وهو ما يمثل أكثر من نصف إجمالي استثمارات العام الماضي بأكمله.
أسهمت جولات التمويل الضخمة في هذا الارتفاع اللافت، إذ قادت OpenAI حملة تمويل استثنائية بلغت 40 مليار دولار، وُصفت بأنها أكبر جولة تمويل خاصة في التاريخ، بقيادة SoftBank على المستوى العالمي. وشهدت شركات أخرى استثمارات كبيرة، مثل Anthropic (4.5 مليارات دولار)، وGroq (1.5 مليار دولار)، وInfinite Reality (3 مليارات دولار). وحتى مع استبعاد صفقة OpenAI الهائلة، ظل الذكاء الاصطناعي بحصة 48.5% من إجمالي الاستثمارات في الولايات المتحدة خلال الربع الأول، وشكل ثلث عدد الصفقات المنجزة. كما سارت صناديق رأس المال المغامر التابعة للشركات الكبرى على النهج نفسه، حيث ركزت 41% من صفقاتها في الربع الأول على قطاع الذكاء الاصطناعي.
تُعزى هذه الطفرة الاستثمارية بالأساس إلى الخوف الشديد بين المستثمرين من أن يتفوق عليهم المنافسون في سباق الذكاء الاصطناعي المتسارع. مما يعزز شعورهم بضرورة ضخ أموال طائلة على عجل.
إلا أن هذا التدفق المالي الكثيف يثير مخاوف بشأن اختلالات محتملة في السوق ومصير الاستثمارات. وقد حذر بعض المراقبين من أن البيئة الحالية، التي تتميز بجولات تمويل ضخمة، قد تؤدي إلى نتائج متفاوتة بشدة، مع احتمالات كبيرة لفشل العديد من الاستثمارات في تحقيق عوائد نظراً لانفصالها عن الواقع، بحسب ما أشار إليه أحد الخبراء، والذي أضاف أيضاً أن ضخ تمويلات ضخمة قد يبعد الشركات الناشئة عن التركيز على بناء نماذج أعمال مستدامة في وقت مبكر.
في الواقع، ورغم الزخم الكبير في صفقات الذكاء الاصطناعي، يواجه السوق الأوسع لرأس المال المغامر تباطؤاً ملحوظاً في عمليات الخروج، مثل الطروحات العامة الأولية وعمليات الاستحواذ، التي تعد مصدر العائدات للمستثمرين. فقد تباطأت وتيرة هذه العمليات في الربع الأول من عام 2025 مقارنة بالربع السابق ونفس الفترة من العام الماضي، إذ تراجعت شركات بارزة مثل Klarna وHinge Health عن خططها للطرح العام، بينما واجهت CoreWeave تحديات مباشرة في السوق عقب إدراجها، وهو ما عزاه البعض إلى تقلبات السياسات الجمركية.
حتى مع تسجيل بعض عمليات الاستحواذ البارزة، مثل استحواذ Wiz الذي اعتُبر من الإيجابيات القليلة منذ أواخر عام 2021، تشير تقديرات PitchBook إلى أن معظم عمليات الاستحواذ المنجزة (76%) استهدفت شركات ناشئة صغيرة لم تتجاوز جولة التمويل من الفئة B، مما يقلل من فرص تحقيق العوائد الكبرى التي تسعى إليها صناديق رأس المال المغامر عادة. كما لا تزال عملية تأمين التمويل الأولي تواجه تحديات، حيث تم ضخ 3.8 مليارات دولار فقط عبر 892 صفقة تمويل أولية في الربع الأول، بانخفاض سنوي عن 4.1 مليارات دولار في الفترة نفسها من عام 2024.
زادت حالة عدم اليقين في السوق تعقيداً بفعل التقلبات الجارية، والتي يتصل جزء منها بالسياسات الجمركية المتغيرة في ظل إدارة ترامب. ومن المتوقع أن تمارس هذه التقلبات ضغوطاً إضافية على جهود جمع التمويل وإبرام الصفقات خلال المدى القريب، مع ترقب المستثمرين دلائل على استقرار السوق، في وقت يتعين فيه على الشركات التي تعتمد على الواردات وسلاسل الإمداد الدولية مواجهة مرحلة من التكيف.
هكذا، تتضح معالم الربع الأول من عام 2025 كسوق لرأس المال المغامر أعيد تشكيله بقوة تحت تأثير الذكاء الاصطناعي، حيث دفع التنافس الشديد المستثمرين إلى ضخ أموال هائلة. ومع ذلك، وتحت سطح هذه الاستثمارات الضخمة، تتواصل التحديات المرتبطة بفرص الخروج، وصعوبة الوصول إلى التمويل للشركات الناشئة في مراحلها الأولى، فضلاً عن الضغوط الاقتصادية الخارجية. ويبدو أن السوق يعيش حالة حركة مدفوعة بالسباق نحو الذكاء الاصطناعي، فيما يبقى الاتجاه والنتائج النهائية غير محسومة، مما دفع البعض إلى وصف هذا العام بأنه «عام بلا بوصلة.»