أكبر شركتي تصنيع شرائح إلكترونية في العالم ستتعاونان على إقامة مشروع مشترك

⬤ توصلت Intel وTSMC إلى اتفاق أولي لإنشاء مشروع مشترك لتشغيل مصانع شرائح داخل أمريكا.
⬤ تسعى الحكومة الأمريكية لدعم هذا التعاون لتعزيز الاستقلالية التقنية وحماية البنية التحتية المحلية.
⬤ يأتي الاتفاق في ظل تحديات تواجهها Intel تسببت مؤخراً بتغيرات هيكلية وإدارية في الشركة العريقة.
في خطوة من شأنها إعادة رسم ملامح صناعة أشباه الموصلات، توصلت شركتا Intel وTSMC إلى اتفاق أولي لتأسيس مشروع مشترك يُعنى بتشغيل مصانع Intel للشرائح الإلكترونية داخل الولايات المتحدة، وذلك وفقاً لما أوردته صحيفة The Information نقلاً عن مصدرين مطلعَين على مجريات المفاوضات.
بحسب المصادر، تستعد TSMC، وهي الشركة الأكبر عالمياً في مجال تصنيع الشرائح لصالح العملاء، للاستحواذ على حصة تقدر بنسبة 20% في الكيان الجديد المرتقب. ولم تكشف بعد تفاصيل الهيكلية الخاصة بتوزيع حصص 80% المتبقية. وتأتي هذه الأنباء بعد تقارير سابقة في مارس الماضي، أشارت إلى أن TSMC تواصلت مع عدد من أبرز شركات تصميم الشرائح الأميركية غير المالكة لمصانع تصنيع، ومنها AMD، وBroadcom، وNvidia، وQualcomm، لاستطلاع إمكانية استثمارها في المشروع ذاته. إلا أن كلاً من Nvidia وأحد أعضاء مجلس إدارة TSMC نفيا لاحقاً صحة تلك المناقشات.
لا يمكن النظر إلى هذه المبادرة بمعزل عن الأجواء السياسية. إذ أشار التقرير إلى ضغوط متزايدة من مسؤولين أميركيين، تحديداً من البيت الأبيض ووزارة التجارة، لحث الشركتين على التعاون. ويرى مراقبون أن السلطات الأميركية تنظر إلى مثل هذا الاتفاق كخطوة استراتيجية لدعم استقرار Intel، التي تعاني من تحديات كبيرة في سعيها لتنفيذ استراتيجيتها الطموحة، IDM 2.0، الهادفة لتحويل الشركة إلى مصنّع رئيسي لشرائح عملاء آخرين بالتوازي مع تصنيعها لمنتجاتها الخاصة.
من جانبها، تفضل الجهات الحكومية الأميركية الدفع نحو تأسيس مشروع مشترك على بيع مصانع Intel لكيان أجنبي مثل TSMC، في دلالة على الأهمية الاستراتيجية للحفاظ على البنية التحتية لصناعة الشرائح داخل الأراضي الأميركية.
تتضح حاجة Intel الملحة إلى دعم استراتيجي من خلال أدائها المالي مؤخراً. فقد عينت الشركة في مارس الماضي المخضرم في الصناعة، ليب-بو تان، في منصب الرئيس التنفيذي، وذلك في محاولة لقيادة الشركة وسط أزمات متعددة.
نتيجة الاستثمارات الكبيرة التي قامت بها الشركة ضمن مشاريع تحولها في عام 2024، سجلت Intel خسائر صافية بلغت 18.8 مليار دولار أمريكي، وهي أول خسارة سنوية لها منذ عام 1986. وفيما كانت هذه الخسائر ناتجة عن الاستثمارات المستقبلية وليست خسائر تشغيلية، فقد فرضت هذه الخسائر حالة من التوتر لدى بعض المستثمرين.
مع ذلك، تُثار تساؤلات عديدة حول التفاصيل التنفيذية لهذا المشروع المرتقب، خصوصاً بشأن طبيعة مشاركة TSMC في مصانع Intel الأميركية، والتي تُقدر استثماراتها بعشرات المليارات من الدولارات. فمعظم هذه المنشآت تعتمد على عمليات تصنيع مملوكة حصرياً لشركة Intel مثل Intel 3 وIntel 4، في حين تستعد منشأة أو اثنتين فقط ربما لاستقبال تقنية التصنيع الجديدة Intel 18A.
كما لم يتضح بعد كيف ستتوافق حصة TSMC البالغة 20% في هذا المشروع مع خططها التوسعية الخاصة في الولايات المتحدة، والتي تشمل استثمارات جديدة بقيمة 100 مليار دولار لبناء خمس منشآت إضافية، من بينها استثمار بقيمة 165 مليون دولار في منشأتها Fab 21 بولاية أريزونا، المخصصة لتزويد عملاء مثل Apple.
لم تؤكد أي من الشركتين رسمياً صحة الاتفاق من عدمها حتى الآن، وامتنعتا عن التعليق على الأمر تماماً، وذلك في ظل التزامهما بفترة الصمت المالي التي تسبق الإعلان عن النتائج، والتي تقيد قانونياً أي تصريحات عامة تتعلق بخطط مستقبلية أو أحداث ذات تأثير مادي.
في حال كُتب لهذا الاتفاق الأولي التطور إلى شراكة فعلية، فقد يشكل اصطفافاً استراتيجياً كبيراً بين اثنتين من أهم ركائز سلسلة الإمداد التقنية العالمية، بدفع من اعتبارات تجارية وضغوط جيوسياسية متزايدة.