أرامكو تعمّق استثماراتها مع الصين: رهانات كبرى على المستقبل وهيمنة في قطاع البتروكيماويات

⬤ تعزز أرامكو شراكتها الاستراتيجية مع الصين، مستفيدة من توسعها الصناعي وطلبها المتزايد على الطاقة.
⬤ بدأت أرامكو بناء مجمع بتروكيماوي ضخم في فوجيان بالشراكة مع شركات صينية، لاستكماله بحلول 2030.
⬤ تستكشف أرامكو فرص استثمار جديدة مع الصين، بما يعزز تحولها نحو قطاع البتروكيماويات المتنامي عالمياً.
تواصل شركة أرامكو السعودية تعزيز مكانتها في الصين، معتبرة إياها وجهة استثمارية رئيسية عالمياً، في ظل سعيها للاستفادة من التوسع الصناعي السريع للبلاد، والطلب المتزايد على الطاقة، والتوجه الاستراتيجي نحو تعزيز أمن الإمدادات.
في كلمته أمام منتدى التنمية الصيني في بكين، أكد رئيس أرامكو وكبير إدارييها التنفيذيين، المهندس أمين بن حسن الناصر، على الشراكة المستمرة مع الصين منذ ثلاثة عقود، والتزام شركته المتجدد بالنمو والابتكار، في إشارة واضحة إلى تعزيز العلاقات بين الجانبين. مشدداً على الأهمية الاستراتيجية للسوق الصيني بالنسبة لأكبر منتج للنفط في العالم.
تتوزع استثمارات أرامكو الحالية في الصين على عدة مناطق رئيسية، من بينها فوجيان، ولياونينغ، وتشجيانغ، وتيانجين، مع تلميح ناصر إلى خطط توسعية إضافية قيد الدراسة. وقد أشار أيضاً إلى أن الصين باتت تتصدر قطاع البتروكيماويات عالمياً كأكبر منتج ومستهلك للمواد الكيميائية، مستحوذة على ما يقرب من نصف الطلب العالمي.
تتوقع أرامكو تحولات جوهرية في أنماط استهلاك النفط في الصين خلال السنوات القادمة، مع تحول تدريجي نحو قطاع البتروكيماويات، مدفوعاً بالطلب المتزايد على البلاستيك، والألياف الصناعية، والمواد المتقدمة التي تُعتبر أساساً للنمو الصناعي عالي الجودة في الصين. ويشمل ذلك القطاعات الناشئة مثل طاقة الرياح والطاقة الشمسية، وصناعة السيارات والطيران، وقطاع البناء والتشييد. وحيال ذلك، أكد ناصر أن «توفير إمدادات موثوقة من هذه المواد سيكون أمراً ضرورياً لتحقيق نمو مستدام في القطاعات الحيوية داخل الصين.»
في خطوة عملية لترسيخ هذا التحالف الاستراتيجي، بدأت أرامكو في نوفمبر 2024، بالتعاون مع China Petrochemical & Chemical Corp (Sinopec) وشركة Fujian Petrochemical، أعمال البناء لمجمع ضخم متكامل للتكرير والبتروكيماويات في مقاطعة فوجيان. ومن المقرر أن يكتمل المشروع بحلول نهاية عام 2030، حيث سيضم مصفاة نفط بطاقة تكريرية تبلغ 320 ألف برميل يومياً، ووحدة إنتاج إيثيلين بطاقة 1.5 مليون طن سنوياً، ووحدة بارا-زيلين بطاقة 2 مليون طن، بالإضافة إلى سعة إنتاجية لمشتقات كيميائية أخرى، ومحطة لاستقبال النفط الخام بطاقة 300 ألف طن، في تكريس لتقدم أرامكو في استراتيجيتها للتحول من النفط إلى الكيميائيات.
إلى جانب هذا المشروع الضخم، تستكشف أرامكو فرصاً إضافية للتعاون، حيث تبحث إمكانية إنشاء مصانع لإنتاج المكونات الصناعية والمواد المتقدمة بالتعاون مع مجموعة الصين الوطنية لمواد البناء (China National Building Material Group). كما عززت، بالتعاون مع صندوق الاستثمارات العامة السعودي (PIF)، استثماراتها في مشروع مشترك لإنتاج ألواح الصلب مع إحدى الشركات الصينية، حيث رفعت قيمة الاستثمار إلى 500 مليون دولار في يوليو الماضي.
تعكس هذه الشراكة المتنامية تحولاً أوسع في المشهد الجيوسياسي، حيث برزت الصين كأكبر مستثمر أجنبي في المملكة العربية السعودية، إذ بلغ إجمالي استثماراتها 16.8 مليار دولار في 2023. وقد اكتسب هذا التوجه نحو الشرق زخماً كبيراً عقب زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ التاريخية إلى الرياض في ديسمبر 2022.
في وقت تواصل فيه أرامكو توسيع استثماراتها وشراكاتها على مستوى العالم، بما في ذلك استحواذها مؤخراً على شركة Primax لتوزيع الوقود في بيرو وكولومبيا والإكوادور بقيمة 3.5 مليار دولار، فإن تركيزها المستمر على الصين يؤكد الأهمية الاستراتيجية الهائلة لهذا السوق، بما ينبئ بمزيد من التعاون والاستثمارات الكبرى مستقبلاً، والتي ستعيد تشكيل مشهد الطاقة والبتروكيماويات لعقود قادمة.