مختصون يحذرون من خطر استهداف إيران لأميركا الكترونياً
من المنتظر أن يحذر اليوم متخصصون أمنيون في كلمات لهم أمام الكونغرس من إقدام إيران على تجنيد جيش من القراصنة الإلكترونيين لضرب شبكة الطاقة الأميركية وكذلك أنظمة المياه وغيرها من البنى التحتية الحيوية، استعداداً من جانبها لشن هجوم سيبراني في أي مواجهة مستقبلية قد تنشب مع الولايات المتحدة.
وفي هذا الصدد، قال فرانك سيلوفو، مدير معهد سياسة الأمن الداخلي في جامعة جورج واشنطن في الولايات المتحدة:"سعت بوضوح عناصر الحرس الثوري الإيراني لجذب القراصنة إلى قطيع الجيش السيبراني الذي يعمل وفقاً لدوافع دينية".
ولفتت في هذا السياق اليوم صحيفة واشنطن تايمز الأميركية إلى أن نوابًا من لجنتين فرعيتين للأمن الداخلي داخل مجلس النواب سيعقدون جلسة استماع مشتركة اليوم بشأن التهديد السيبراني الذي تشكله إيران، في وقت ما زالت تتصاعد فيه التوترات بشأن برنامج طهران النووي وتوشك إسرائيل ربما على مهاجمتها.
وقد تحصلت الصحيفة في هذا الخصوص على نسخ معدة سلفاً لشهادات جاهزة لمجموعة من شهود العيان، وأوضحت أن سيلوفو أشار في تعليقاته إلى أنه وبالإضافة إلى عمليات التجنيد التي يقوم بها الحرس الثوري، فإنه يتم دفع أموال لميليشيا متطرفة أخرى تعرف بـ "الباسيج" للقيام بهجوم سيبراني نيابةً عن النظام، وتوفير عدد كبير من الأشخاص كذلك لتنفيذ العمليات السيبرانية الخاصة بإيران.
ويعتقد أن "الحرس الثوري" و "الباسيج" يخضعان لسيطرة القيادة الدينية في إيران، التي يترأسها المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. فيما يتوقع أن يقول ايلان بيرمان، نائب رئيس مجلس السياسة الخارجية الأميركي المتشدد، في شهادته خلال جلسة الاستماع اليوم :" اهتم النظام الإيراني بشكل كبير طوال السنوات الثلاث الماضية بتعزيز القدرات الدفاعية والهجومية في مجال الفضاء الإلكتروني".
ورغم تفاوت التقديرات التي تتحدث عن مستوى المهارات التي يتمتع بها جيش إيران الإلكتروني، إلا أن سيلوفو عاود ليوضح أن تكوين سوق من الأسلحة السيبرانية هو أمر من الممكن تحقيقه. وتابع حديثه بالقول :" لا يحتاج الخصوم إلى قدرات وإمكانات، بل كل ما يحتاجون إليه هو توافر النية والسيولة النقدية اللازمة".
وقد تمت الاستعانة بسيلوفو من قِبل إدارة الرئيس جورج بوش في الثاني عشر من أيلول (سبتمبر) عام 2001، أي في اليوم التالي للهجمات الإرهابية التي استهدفت مبنى التجارة العالمي وكذلك مبنى البنتاغون. وقد ساعد في تأسيس مكتب الأمن الداخلي داخل البيت الأبيض ثم غادر بعدها إلى جامعة جورج واشنطن في العام 2003.
ومن الجدير ذكره في هذا الإطار أن البرنامج النووي الإيراني سبق له أن تعرض عام 2009 لهجوم بسلاح سيبراني أطلق عليه "ستوكسنت". ورغم عدم وجود أدلة قاطعة تبين مصدر هذا السلاح، إلا أن إيران اتهمت أميركا وإسرائيل بوقوفهما وراءه.
وعاود بيرمان يقول: "خلص النظام الإيراني إلى نتيجة واضحة من وراء الهجوم الذي تعرضت له من جانب ستوكسنت هي أن الحرب مع الغرب، على الجبهة السيبرانية على الأقل، قد برزت على الساحة بالفعل، وأن النظام الإيراني بدأ يحشد قوته".
هذا وقد بدأت تتخذ التوترات بين إيران والغرب عدة صور غير تقليدية جنباً إلى جنب مع الحرب السيبرانية. حيث زعمت إيران الشهر الجاري، أنه قد بات بمقدورها نسخ تكنولوجيا حساسة من طائرة آلية أميركية سقطت في الآونة الأخيرة داخل أراضيها. كما اتهمت الولايات المتحدة وإسرائيل بإقدامهما على قتل العديد من علمائها النوويين.
وفي بيان له مساء أمس، قال النائب الجمهوري دان لونغرين، رئيس اللجنة الفرعية للأمن السيبراني وحماية البنى التحتية وتقنيات الأمن، إنه في حالة ثبوت صحة التقارير الأخيرة التي تحدثت عن أن طهران تستثمر مليار دولار لتوسيع نطاق قدراتها المتعلقة بالحرب السيبرانية، فإنها ستصبح تهديداً سيبرانياً متنامياً على بلادنا".
ويأتي هذا كله في الوقت الذي ينتظر فيه العالم إجراء الجولة المقبلة من المحادثات بشأن برنامج إيران النووي، الذي تصر الجمهورية الإسلامية أنه مخصص لأغراض سلمية، في العراق خلال شهر أيار (مايو) المقبل. فيما قال النائب الجمهوري باتريك ميهان، رئيس اللجنة الفرعية للاستخبارات ومكافحة الإرهاب: "بدأت تتزايد التوترات بين الغرب وإيران بشأن برنامج البلاد غير الشرعي، وهو ما يجعل من احتمالية شن إيران هجوماً سيبرانياً على بلادنا احتمالية واقعية".
وعاود سيلوفو ليقول إن إيران ليست دولة متآلفة: وذلك من منطلق حالة الغموض التي تهيمن هناك على القيادة والتحكم، حتى بداخل الحرس الثوري، ناهيك عما يمكن الاستعانة به بمصادر خارجية. كما نوه بأن حزب الله اللبناني، الذي تستخدمه إيران في كثير من الأحيان كوكيل عنها في المنطقة، قد بدأ هو الآخر في تكوين قوته السيبرانية الخاصة عبر تجنيد مجموعة من القراصنة الإلكترونيين المهرة.
وورد أيضاً بشهادة سيلوفو: "تحظى إيران بتاريخ حافل من الاستعداد المثبت لتجنيد وكلاء يمكنهم تنفيذ أغراض إرهابية. وليس هناك من سبب للاعتقاد أن إيران ستتردد في التواصل مع وكلاء للقيام بهجمات سيبرانية ضد خصوم معروفين".
وأضاف سيلوفو: "في حالة حدوث صراع بمنطقة الخليج، فإن هجمات كتلك التي سبق شنها على موقع تويتر للتدوين المصغر ( عامي 2009 و 2010 ) قد تتيح لإيران إمكانية شن عمليات نفسية بشكل موجه ضد الشعب الأميركي. وفي حالة نشوب مواجهة عسكرية في الخليج، قد تدمج إيران أيضاً هجمات تتم عبر شبكات الحواسيب ضد نظم اتصال ومعلومات عسكرية أميركية مع تقنيات تشويش تقليدية لإضعاف أنظمة رادار الولايات المتحدة وحلفائها، ومن ثم تعقيد العمليات الدفاعية والهجومية".