ما هي أهم نماذج الذكاء الاصطناعي الصيني المتاحة حاليا؟

شهد العالم في العقد الأخير طفرة كبيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، وأصبحت الدول تتسابق في تطوير تقنيات ذكية قادرة على التعلم، والتحليل، والمحاكاة، والإبداع. بينما كانت الهيمنة في هذا المجال لصالح الدول الغربية، دخلت الصين بقوة في سباق تطوير النماذج الذكية، وبدأت تُطلق عددًا متزايدًا من النماذج المتقدمة التي تنافس نظيراتها العالمية.

وفي الوقت الذي أصبح فيه الذكاء الاصطناعي عنصرًا أساسيًا في قطاعات مثل التعليم، الرعاية الصحية، التجارة، والصناعة، تسعى الصين إلى ترسيخ مكانتها كقوة رائدة في هذا المجال من خلال نماذج ذكية متطورة تدعم اللغة الصينية، وتوظف إمكانات التحليل العميق والتفاعل اللغوي.

في هذا المقال، نستعرض أهم نماذج الذكاء الاصطناعي الصيني المتوفرة حاليًا، مع التركيز على قدراتها وتطبيقاتها واستخداماتها المتنوعة.

أهم نماذج الذكاء الاصطناعي الصيني

ما هي أهم نماذج الذكاء الاصطناعي الصيني المتاحة حاليا؟

نموذج تشيوين من شركة علي بابا

يعد نموذج “تشيوين” الذي طورته شركة “علي بابا” من أقوى نماذج الذكاء الاصطناعي الصيني، وقد تم تصميمه ليُستخدم في عدة مجالات تشمل التجارة الإلكترونية، تحليل البيانات، وتوليد المحتوى.

مميزات نموذج تشيوين:

  • يدعم أكثر من خمس وعشرين لغة، من ضمنها العربية.
  • يتمتع بقدرات فائقة في فهم النصوص الطويلة وتحليل المعاني العميقة.
  • يتوفر منه إصدار خاص بالصور والنصوص، يتيح التفاعل مع المحتوى المرئي والمقروء.
  • إصدار آخر مخصص للصوت، مما يجعله قادرًا على تحويل النصوص إلى صوت وتحليل الحديث البشري.

وقد تم إطلاق الإصدار الثاني من النموذج مؤخرًا، مع تحسينات كبيرة في السرعة والدقة، مما جعله منافسًا قويًا للنماذج العالمية.

نموذج إيرني من شركة بايدو

“إيرني” هو الذكاء الاصطناعي الصيني الذي طورته شركة “بايدو”، المتخصصة في البحث والتقنيات الرقمية، وقد بني هذا النموذج على عدة مراحل حتى وصل إلى النسخة الرابعة، والتي تُعد الأذكى والأكثر كفاءة حتى الآن.

خصائص نموذج إيرني:

  • يتمتع بقدرة عالية على فهم النصوص باللغة الصينية بدقة فائقة.
  • يستخدم في تلخيص الوثائق، الإجابة على الأسئلة، وتوليد نصوص إبداعية.
  • يمكنه التعامل مع النصوص التقنية والعلمية، ما يجعله مثاليًا للمجال الأكاديمي.
  • يعتمد على بنية تقنية متقدمة تجعله سريع الاستجابة ودقيق التحليل.

وقد بدأ استخدامه في تطبيقات حكومية ومؤسسات تعليمية، حيث يساهم في أتمتة المهام وتحسين جودة الخدمات.

اقرأ أيضا: كيف تستفيد من الدردشة مع الذكاء الاصطناعي ؟

نموذج ديب سيك من شركة ديب سيك

ظهر نموذج “ديب سيك” كمبادرة مفتوحة المصدر، وهو نموذج يعتمد على قاعدة بيانات ضخمة ومتنوعة، وقد تم تطويره ليكون بديلاً منخفض التكلفة للنماذج التجارية المعروفة.

أهم ما يميز نموذج ديب سيك:

  • يتمتع بقدرات استنتاجية ومنطقية قوية.
  • يدعم اللغتين الصينية والعربية، إلى جانب لغات أخرى.
  • مناسب لتوليد النصوص، كتابة الأكواد البرمجية، وتحليل البيانات.
  • يتميز بكفاءة تشغيلية عالية، حيث يتطلب موارد تقنية أقل لتشغيله.

وقد بدأ العديد من المطورين والباحثين في الصين بالاعتماد عليه لبناء تطبيقاتهم ومساعداتهم الذكية.

نموذج هونيوان من شركة تينسنت

قامت شركة “تينسنت”، المعروفة بتطبيقاتها الرقمية الواسعة مثل “وي تشات”، بتطوير نموذج “هونيوان” ليخدم قطاع الترفيه والتواصل الرقمي، مع التركيز على تحسين تجربة المستخدم.

وظائف نموذج هونيوان:

  • يستخدم في تحليل المحادثات وتحسين جودة الردود الآلية في تطبيقات التواصل.
  • أيضا يساهم في تطوير الألعاب الرقمية عبر تحليل سلوك اللاعبين وتقديم مقترحات ذكية.
  • يمكنه إنشاء قصص تفاعلية وتوليد محتوى مرئي ونصي في نفس الوقت.
  • يعتمد على تقنيات معالجة البيانات الكبيرة، مما يجعله مناسبًا للتطبيقات الضخمة.

ويمتد استخدام هذا النموذج ليشمل قطاع التعليم الإلكتروني والخدمات الرقمية.

نموذج دوباو من شركة بايت دانس

شركة “بايت دانس”، التي تقف وراء تطبيقات مشهورة مثل “تيك توك”، قدمت نموذج “دوباو” وهو من أكثر النماذج استخدامًا داخل الصين. وقد تم تطويره ليكون مساعدًا ذكيًا للكتابة والتحليل والردود الفورية.

مزايا نموذج دوباو:

  • يتميز بسرعة استجابته ودقته في التعامل مع الاستفسارات.
  • ثم لديه قاعدة معرفية ضخمة تغطي مجالات متنوعة.
  • يمكنه تلخيص الأخبار، كتابة المقالات، وتقديم نصائح تفاعلية.
  • يتمتع بشعبية واسعة داخل التطبيقات الاجتماعية والمساعدات الرقمية.
مواضيع مشابهة

وقد تجاوز عدد مستخدمي هذا النموذج ملايين الأشخاص شهريًا، مما يعكس فعاليته وانتشاره.

نموذج كيمي من شركة مونشوت

“كيمي” هو نموذج ذكي قدمته شركة “مونشوت” الصينية، ويُصنف ضمن النماذج المتقدمة التي تعتمد على الذكاء العميق في معالجة المعلومات.

قدرات نموذج كيمي:

  • يمكنه حل المسائل الرياضية المعقدة بدقة عالية.
  • كذلك التفاعل مع الصور والنصوص في نفس الوقت، ما يجعله مفيدًا في التصميم والتحليل البصري.
  • أيضا يستخدم في مجالات البرمجة، وتحليل السوق، وتوليد الأفكار الإبداعية.
  • يتمتع بقدرة استيعابية كبيرة لمعالجة كميات هائلة من البيانات.

وهو نموذج يتم تطويره باستمرار، مما يجعله مرشحًا ليكون من بين النماذج العالمية الأكثر تأثيرًا في السنوات القادمة.

مجموعة نماذج ميني ماكس

“ميني ماكس” هي شركة ناشئة صينية مدعومة من شركات كبرى، وقد أطلقت عدة نماذج ذكية في وقت واحد، تستهدف استخدامات مختلفة.

أبرز نماذج ميني ماكس:

  • نموذج متخصص بالنصوص، يعتمد على قاعدة معلومات ضخمة.
  • كذلك نموذج آخر يجمع بين النصوص والرسومات، ويُستخدم في تحليل الخرائط والمخططات.
  • نموذج صوتي يدعم أكثر من خمس عشرة لغة، ويستخدم في تحويل النص إلى كلام طبيعي.

تسعى هذه النماذج إلى توفير حلول مرنة للشركات، التطبيقات الذكية، والمساعدات الصوتية.

مستقبل نماذج الذكاء الاصطناعي في الصين

بعد استعراض أبرز النماذج الذكية المطورة في الصين، لا بد من التطرق إلى نظرة أوسع حول الاتجاه الذي تسير فيه هذه النماذج، وكيف يمكن أن تشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي محليًا وعالميًا.

اقرأ أيضا: تعريفات أهم مصطلحات الذكاء الاصطناعي الجديدة

التركيز على اللغة والثقافة الصينية

مع أن الكثير من النماذج الذكية العالمية تركّز على اللغة الإنجليزية، إلا أن النماذج الصينية جاءت لتلبي حاجة ملحّة وهي توفير مساعدات ذكية تفهم اللغة الصينية بكل لهجاتها وتعقيداتها. وهذا لا يقتصر على الترجمة الحرفية، بل يشمل أيضًا:

  • فهم السياق الثقافي الصيني.
  • ثم التعامل مع الأمثال، الحكم، والعبارات الاصطلاحية.
  • دعم التطبيقات الحكومية والخدمية المخصصة للمواطنين الصينيين.

هذا التوجه يجعل هذه النماذج محورية في دعم التحول الرقمي داخل الصين.

الاستقلالية التكنولوجية

من الأسباب الرئيسية التي تدفع الصين إلى تسريع تطوير نماذجها الخاصة هو السعي للاستقلال عن النماذج الغربية، خاصة مع القيود المفروضة على بعض الشركات الصينية في الوصول إلى التقنيات المتقدمة.

لهذا السبب، تسعى الشركات المطورة إلى:

  • تصميم بنى حسابية محلية لا تعتمد على تقنيات أجنبية.
  • بناء مراكز بيانات ضخمة داخل الصين.
  • تطوير شرائح ذكية محلية الصنع لتشغيل هذه النماذج بكفاءة.

هذه الخطوات تهدف إلى حماية الأمن الرقمي الوطني وتعزيز السيادة التقنية.

اقرأ أيضا: هل الذكاء الاصطناعي في التعليم صديق أم عدو؟ وما أهم التطبيقات الحالية

التنوع في الاستخدامات

أغلب النماذج الصينية اليوم لم تعد تقتصر على المحادثة النصية أو الإجابة على الأسئلة، بل توسعت لتشمل مجالات تطبيقية دقيقة، منها:

  • الرعاية الصحية: تحليل تقارير المرضى، والمساعدة في التشخيص، وإدارة البيانات الطبية.
  • ثم القطاع التعليمي: مساعدة الطلاب على الدراسة، وشرح الدروس، وإعداد اختبارات ذكية.
  • كذلك القطاع المالي: تحليل الأسواق، وإعداد تقارير مالية، واكتشاف الأنماط في البيانات الاستثمارية.
  • أيضا الصناعات التحويلية: أتمتة خطوط الإنتاج، والتنبؤ بالأعطال، ودعم الصيانة الذكية.

هذا التوسع في التطبيقات يجعل النماذج الصينية ركيزة أساسية في التحول الرقمي.

أخيرا، تظهر النماذج الذكية التي طورتها الشركات الصينية تنوعًا كبيرًا في الاستخدامات، بين النماذج النصية، والصوتية، والبصرية، والمركبة. كما أنها لا تركز فقط على اللغة الصينية، بل باتت تدعم لغات عديدة، وتستهدف أسواقًا مختلفة. من الواضح أن الصين لم تعد مجرد مقلدة للتقنيات الغربية، بل أصبحت منافسًا حقيقيًا يسعى إلى الريادة في مجال الذكاء الاصطناعي، مع استثمار مستمر في البحث، والتطوير، والبنية التحتية.

شارك المحتوى |
close icon