ما هو أدوبي فلاش، لماذا كان مهماً وما سبب انقراضه اليوم؟
طوال عقود من الزمن كان أدوبي فلاش (Adobe Flash) تقنية أساسية ومحورية في العالم التقني وبالأخص في مجال الإنترنت، حيث كانت برمجية مشغل فلاش واحدة من الأكثر انتشاراً كون تثبيتها ضرورياً لعمل العديد من المواقع. لكن الآن بعد ربع قرن من تقديم فلاش كتقنية رائدة بات موعد النهاية مرسوماً للمستقبل: 31 ديسمبر 2020، حيث سينتهي دعم التقنية بشكل نهائي مع نهاية العام الجاري ولن تحصل على أية تحديثات تالية أبداً.
في هذا الموضوع سنتناول فكرة أدوبي فلاش ككل منذ بدايته وانتشاره حتى مصيره النهائي القريب، حيث سنستعرض الميزات التي أدت إلى انتشار استخدامه أولاً، ومن ثم العيوب التي قادت إلى انحداره وخروجه التدريجي من الاستخدام بحيث لم تعد أي من متصفحات تستخدمه منذ سنوات عديدة.
تاريخ وبداية فلاش (Flash)
بدأت تقنية فلاش (Flash) منذ منتصف التسعينيات كمنصة سريعة ومبسطة للوسائط المتعددة المتنوعة بما يتضمن الرسوميات وحركتها وبث الفيديو والصوت وغيرها، كما كان فلاش يسمح برصد مدخلات الفأرة ولوحة المفاتيح والميكروفون وسواها، مما جعله منصة مثالية للمحتوى التفاعلي بأنواعه المختلفة.
كان التطوير الأهم في تاريخ فلاش تحت ظل شركة Macromedia التي كانت المسؤولة عن التقنية طوال عقد من الزمن تقريباً، لكن بحلول عام 2005 بيعت الشركة وباتت جزءاً من شركة Adobe المعروفة في مجال برمجيات التصميم، ومنذ حينها باتت التقنية تعرف باسم “أدوبي فلاش”.
اقرأ أيضاً: أداة حماية من أمواج 5G” ليست سوى فلاشة 128MB
لماذا كانت تقنية فلاش هامة جداً في الماضي؟
طوال أكثر من عقد ونصف من الزمن كانت تقنية فلاش محورية في العديد من الأمور المتعلقة بالإنترنت في الواقع، وكانت واحدة من أولى خطوات إعداد أي حاسوب جديد هي تثبيت مشغل فلاش ليعمل المتصفح بالشكل المتوقع. حيث تضمنت بعض الميزات الأساسية للتقنية أموراً مثل:
المحتوى التفاعلي
حتى اليوم وببحث سريع على الإنترنت من الممكن أن تجد مئات إن لم يكن آلاف المواقع التي تقدم نوعاً واحداً من المحتوى: ألعاب فلاش. حيث كانت التقنية ثورية حقاً بكونها تتيح للمستخدم اللعب عبر متصفح الإنترنت دون أي حاجة للتحميل أو التثبيت أو سواه. ومع أن الغالبية العظمى من ألعاب الفلاش كانت بسيطة جداً ودون أي عمق حقيقي مقارنة بألعاب اليوم، فقد كانت تمتلك شعبية هائلة بسبب سهولة الوصول إليها من أي مكان بمجرد وجود اتصال بالإنترنت.
قد تكون الألعاب هي النوع الأشهر من المحتوى التفاعلي الذي وفره فلاش عبر تاريخه، لكنه ليس الوحيد في الواقع، حيث كان فلاش يستخدم للإعلانات وتطبيقات الويب ومختلف الاحتياجات التصميمية التي تتضمن مدخلات من المستخدمين لتكمل عملها، وبالنسبة للويب عموماً شكل استخدام فلاش قفزة هامة للصفحات وبالأخص من حيث التصميم والإفادة.
بث المحتوى المرئي والمسموع
في بدايات الويب كانت فكرة بث المحتوى الصوتي والمرئي تبدو بعيدة إلى حد بعيد بسبب السرعات المنخفضة جداً للإنترنت حينها بالإضافة لخوارزميات الضغط قليلة الفعالية، لكن ومع تقديم فلاش تغيرت الأمور بسرعة بسبب قدرته على بث محتوى الصوت والفيديو بشكل سهل نسبياً عبر الإنترنت.
وبينما اختفت معظم استخدامات فلاش الأخرى مع نهاية العقد الأول من الألفية، فقد بقي الفيديو كاستخدام هام جداً للتقنية حتى وقت متأخر، حيث أن منصة بث الفيديو الشهيرة YouTube بقيت تستخدم فلاش كتقنية عرض الفيديو الأساسية لها حتى عام 2015 وصعود تقنية HTML 5 السريع إلى الساحة.
لماذا انهار استخدام فلاش بشكل كبير في السنوات الأخيرة؟
منذ البداية كانت تقنية فلاش تعاني من العديد من المشاكل المختلفة في الواقع، ومع أنها كانت حلاً للعديد من مشاكل الإنترنت في السنوات الأولى من انتشارها، فقد تغلبت عليها التقنيات المنافسة بشكل تدريجي لكن سريع، وبالوصول إلى وقتنا الحالي بات من الصعب العثور على أية مواقع تستخدم فلاش أصلاً باستثناء بعض مواقع الألعاب المتناقصة أو المواقع القديمة التي لم تخضع لأية تحديثات منض سنوات عديدة.
اقرأ أيضاً: 2020 سيكون آخر عام لمشغل Flash Player الشهير
عموماً يمكن اختصار العوامل الأساسية لانهيار فلاش بالعاملين التاليين:
الثغرات الأمنية
منذ بدايته تعرض فلاش للعديد من المشاكل والثغرات الأمنية المتتالية، ومع أن هذه الثغرات كانت تسد ويتم حلها عبر التحديثات المتتالية للتقنية، فقد بقي الأمر مشكلة حقيقية مع ميل الكثير من المستخدمين لتجاهل التحديثات من جهة وكونها تظهر باستمرار وبشكل مكثف مما أعطى التقنية سمعة سيئة للغاية من حيث الأمان.
عندما كان فلاش هو الخيار الوحيد أو حتى الأفضل بين المتاح، كانت العديد من المواقع والخدمات ترى استخدامه كأمر مكروه لكن لا مفر منه. بالمقابل وبمجرد ظهور المنافسين الآخرين بدأت المواقع والخدمات بالانتقال تدريجياً من دعم فلاش إلى البدائل الأخرى، ولعل واحدة من أهم الأمور التي أشارت إلى هجر الشركات للتقنية هي رفض شركة Apple دعم تقنية فلاش في هواتف iPhone منذ البداية.
ظهور البدائل الأخرى وبالأخص HTML 5
عبر السنوات أدى تطوير معايير الويب إلى إضافة الكثير من الميزات التي كانت حصرية على فلاش لتصبح متاحة دون حاجة إليه أصلاً، وفي عام 2014 مع تقديم HTML 5 انهار ما تبقى من أهمية لفلاش بعدما باتت المعايير الجديدة تدعم بث الفيديو وتشغيل تطبيقات الويب والألعاب بشكل أفضل حتى.
عندما تم تقديم HTML 5 مان الأمر مهماً للغاية في الواقع، حيث أن المواقع الكبرى التي كانت تبحث عن بديل للفلاش لسنوات عثرت على خيار مناسب ومفتوح المصدر أخيراً، وبدأت الخدمات الكبرى مثل YouTube بهجره هو ومنافسه الأساسي حينها: Microsoft Silverlight.
ما الذي يعنيه انتهاء دعم فلاش مع نهاية العام؟
بالنسبة للمستخدم العادي، لن يغير توقف دعم فلاش أي أمر حقيقي. حيث أن الغالبية العظمى من المواقع توقفت عن دعم فلاش منذ سنوات عديدة، وكذلك هو الأمر لمتصفحات الويب التي كانت تأتي مضمنة مع الإضافة الخاصة بالتقنية في الماضي إلا أنها توقفت عن ذلك منذ زمن وبات من الضروري تنصيب إضافة فلاش بشكل مستقل أو استخدام متصفحات قديمة للغاية للحفاظ على قابلية استخدامه.
من حيث المحتوى، فقد زال كامل محتوى فلاش على الإنترنت في معظم المجالات اليوم، وباستثناء بعض الألعاب والمواقع المهجورة بات من الصعب العثور على أي محتوى فلاش اليوم.
بالنسبة للمحتوى الموجود أصلاً، فقد بدأت بضعة مواقع كبرى لألعاب فلاش بجهود مركزة لتجاوز الأمر بأقل الخسائر عبر تحويل الألعاب الأهم وإعادة تصميها وفق معايير HTML 5 بحيث لا تحتاج فلاش أصلاً لتعمل. ومع أن هذه الجهود تتم من قبل شركات كبرى في العديد من الحالات، هناك صعوبات لا يمكن تجاوزها في الأمر، وحتى بعض من أكبر مواقع ألعاب الفلاش لا تزال معتمدة عليه مع أنها تحاول التخلي عنه منذ سنوات الآن.
