لماذا لا يوجد سوى شركتين تنتجان معالجات الحواسيب اليوم؟ وهل سيبقى الأمر كذلك؟
في حال نظرت إلى أي مجال تقني يستخدم معالجاً اليوم، ستجد أن هناك الكثير من الخيارات المختلفة للمعالجات المستخدمة في الواقع، حيث أن هناك تنوعاً كبيراً للشركات والموديلات المتاحة للهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية أو المنتجات الذكية الأخرى. لكن بمجرد الانتقال إلى الحواسيب المكتبية والمحمولة تتبخر تلك الخيارات فجأة ولا يبقى سوى منافسان حقيقيان فقط: Intel وAMD، حيث تسيطر الشركتان على كامل السوق تقريباً في الوقت الحالي.
في الماضي لم تكن الأمور دائماً كهذا في الواقع، بل كان هناك عدد كبير من الخيارات المتاحة في العصور الأولى للحواسيب عموماً، ففي الثمانينات والتسعينات كان هناك خيارات عديدة تتضمن Motorola وTexas Instruments وCyrix والعديد سواها. لكن ومع مطلع الألفية بدأت الخيارات بالتناقص بشكل حاد إلى أن وصلنا إلى وضع الاحتكار المزدوج اليوم وهنا سنشرح أساس حدوث الامر أصلاً.
معمارية X86 وهيمنتها على السوق
لا شك بأن صناعة المعالجات عملية معقدة للغاية وتحتاج إلى مستويات متقدمة من المعرفة التقنية والإمكانات وبالطبع تكلف العملية الكثير للتطوير والتصميم وأخيراً التصنيع. لكن على الرغم من الصعوبات كان هناك إمكانية لصنع هذه المعالجات بشكل أكبر في الماضي عندما كانت الحواسيب لا تزال في بداياتها.
لكن ومع أن صنع المعالجات من شركات جديدة ممكن دون شك، فالمشكلة الأساسية هي أن المعالجات لا تمتلك أية فائدة حقيقية مهما كانت قوية إن لم يكن هناك برمجيات تدعمها وتعمل عبرها. لذا كان من الضروري للشركات المصنعة للمعالجات في الفترة الأولى أن تجد شركاءً يعتمدون على معالجاتها لتصميم حواسيبهم وبرمجياتهم المخصصة، وكانت الأمور تسير بتلك الطريقة لوقت طويل من الزمن.
مع نهاية السبعينيات بدأت الأمور بالتغير عندما قامت شركة Intel بتصميم معالجها الرائد Intel 8086، والذي استخدم إصدار معدل منه في حاسوب IBM PC عام 1981، وبسرعة انتشر الحاسوب بشكل هائل مقزماً المنافسين مقارنة بنجاحه سواء للمستخدمين الأفراد أو حتى ضمن الشركات كذلك.
مع النجاح الهائل لحاسوب IBM PC عملت العديد من الشركات على عكس هندسته ومحاولة صنع حواسيب مستنسخة متوافقة معه برمجياً، وبالنتيجة اعتمدت هذه الشركات على عتاد مشابه وبالأخص من حيث المعالجات، حيث كانت معالجات Intel 8086 والفئات المشتقة منه هي الأساسية في تلك الفترة وسرعان ما أصبحت الغالبية العظمى من الحواسيب تستخدمها حينها.
المميز في معالجات 8086 وتلك المشتقة منها هي مجموعة تعليماتها في الواقع، حيث اعتمدت المعالجات التالية على مجموعات تعليمات مطابقة أو مشابهة كفاية، وبالنتيجة كانت المعالجات الجديدة تدعم تشغيل البرامج المصممة للمعالجات الأقدم. سميت مجموعة التعليمات هذه باسم x86 وسرعان ما باتت هي المهيمنة في عالم الحواسيب طوال العقود التالية وبات تصميم مجموعة تعليمات جديدة أمراً صعباً لأن البرامج وحتى أنظمة التشغيل لن تعمل عليها ولن يهتم المطورون بإعادة بناء برمجياتهم لهذه المعالجات إن لم تكن منتشرة أصلاً.
بالطبع وكما هو متوقع، هناك شركتان تستطيعان صنع معالجات X86 حالياً فقط: Intel ومنافستها الوحيدة AMD، ومع كون شركة Intel لا تريد ترخيص استخدام مجموعة التعليمات لشركات أخرى استمرت هذه الحالة طوال عقود الآن دون تغيير.
في الواقع وخلال التسعينيات كان هناك عدة شركات أخرى تستطيع صنع معالجات x86 بعدما قامت Intel بترخيص مجموعة التعليمات لعدة شركات قامت بصنع المعالجات قبل أن تترك المجال، وحالياً لا توجد شركات تمتلك رخصة استخدام مجموعة التعليمات سوى Intel التي طورتها أصلاً وAMD وVIA Technologies التي لم تعد تصنع معالجات حاسوبية في الواقع.
مواضيع مرتبطة:
- هل شراء حاسوب يعمل بمعالجات ARM قرار سليم حالياً؟
- تعرف على ARM الشركة التي تصمم نوى معالج هاتفك الذكي وربما لم تسمع عنها
- ما هي ايجابيات انتقال حواسيب Mac إلى معالجات بمعمارية ARM؟
- من أين تجني شركة Intel عائداتها حقاً؟ وكم ستتضرر من انتقال الشركات نحو معالجات ARM؟
هل سيبقى الحال كما هو اليوم؟
منذ وقت طويل توقفت شركة Intel عن ترخيص معمارية x86 للمنافسين في الواقع، لذا فمن المستبعد أن تظهر أية معالجات من هذه الفئة سوى منتجات Intel وARM في المستقبل، لكن هذا لا يعني أن الشركتين ستستمران بالهيمنة على السوق حقاً، بل أن التهديد لهذه الهيمنة كبير جداً اليوم مع صعود مجموعة تعليمات ARM إلى الواجهة وبدأ إنتاج معالجات حاسوبية تعتمد على تصاميم ومجموعة تعليمات شركة ARM البريطانية.
لعل أبرز الأحداث فيما يتعلق بتغيير الوضع الحالي هو ما قامت به شركة Apple مؤخراً، حيث قامت الشركة ببدء تحولها من استخدام معالجات Intel إلى تصميم معالجاتها الخاصة التي تتبنى معمارية ومجموعة تعليمات ARM وقد أظهرت نتائج ممتازة أثبتت كونها ستتمكن من المنافسة بقوة مع معالجات x86 من حيث الأداء مع التفوق عليها حتى من حيث الناتج الحراري واستهلاك الطاقة.
بالإضافة إلى Apple هناك العديد من الشركات التي تعمل على تصميم معالجات تستخدم مجموعة تعليمات ARM للحواسيب، حيث أن Qualcomm قد صنعت عدة معالجات تقوم بذلك حتى الآن وتعمل على صنع معالجات أقوى حتى مستقبلاً، وبالطبع تنظر كل من Samsung وHuawei وحتى Microsoft بطموح نحو صنع معالجات ARM خاصة بها للحواسيب.
في حال استمر سوق الحواسيب التي تستخدم معالجات ARM بالتوسع سيكون هناك تنوع أكبر بكثير من حيث الشركات الموجودة في سوق معالجات الحواسيب مستقبلاً، حيث أن ARM وعلى عكس Intel لا تمانع ترخيص مجموعة تعليماتها للعديد من الشركات المختلفة، وهي تفعل ذلك أصلاً في مجال معالجات الهواتف التي يصنعها عدد كبير من الشركات المتنافسة التي تشترك جميعاً باستخدام مجموعة تعليمات ARM.