شركة ناشئة تستخدم الفطر لإعادة تدوير الإطارات ومخلفات البناء لصنع أشباه البلاستيك
اُختبِر المنتج الجديد بنجاح على مخلّفات من شركة Meta!
في العادة، عندما يبدأ شيء ما بالتّعفّن، فإنّنا نتخلّص منه ونرميه في القمامة. لكن، تريد رائدة الأعمال جوان رودريجيز قلب مفهوم التّعفّن رأساً على عقب، وذلك عن طريق زراعة الفطريّات على القمامة لتحويلها إلى شيء أفضل. في تصريحها لموقع TechCrunch، قالت رودريجيز: «إنّنا ندرّب الفطر على أكل القمامة وإنشاء موادّ خام متجدّدة وبيولوجيّة المصدر.»
رودريجيز هي المؤسّس والرّئيس التّنفيذيّ في Mycocycle، إحدى الشّركات النّاشئة الجديدة الّتي تستخدم الفطريّات، وهي المعالجات الطبيعيّة للنّفايات، لصنع بوليمرات تشبه البلاستيك، من أجل اقتصاد يقوم على موارد غير وقوديّة ولاأحفوريّة. وفقاً لمنظّمة التّعاون والتّنمية الاقتصاديّة، فإنّ جميع أنواع البلاستيك تقريباً تُصنَّع حاليّاً من النّفط والغاز، وهي مسؤولة عن حوالي 3.4% من جميع انبعاثات الغازات الدّفيئة.
حول الأمر، قالت رودريجيز: «نريد أن نكون قادرين على منافسة شركات مثل 3M وBASF وDow العالميّة». ليس هذا بالهدف بالبسيط، إذ يظهر وأنّ البلاستيك موجود في كلّ مكان، بدءاً من موادّ تغليف الطّعام وحتّى مستلزمات البناء. وبفضل هذا الانتشار الواسع، تبلغ قيمة صناعة البلاستيك العالميّة ما يصل حتّى 624 مليار دولار أمريكيّ، وفقاً لشركة Grand View Research.
تأمل Mycocycle ـ ليس فقط في الاستحواذ على جزء من تلك السّوق ـ ولكن أيضاً في غرس رؤيتها للاقتصاد الدّائريّ باستخدام الفطريّات خاصّتها لاستهلاك البلاستيك الّذي تنتجه الشّركات المنافسة لها، بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى.
لجأت الشّركة إلى مجموعة من الفطريّات المعروفة باسم فطر عيش الغراب الأبيض. في الطّبيعة، تميل الفطريّات إلى النمو على أشياء مثل الأوراق الميتة والخشب، لكن، اختير فطر Mycocycle ذاك بسبب قدرته على تحليل المواد المصنّعة باستخدام النّفط والغاز. تستخدم الشّركة النّاشئة الانتقاء الطبيعيّ لإيجاد الأنسب لهذه لوظيفة، واختارت عدم تعديل سلالاتها وراثيّاً، وقد أكّدت رودريجيز الأمر بقولها: «لقد وضعت حدّاً لذلك في وقت مبكر جداً».
عندما يبدأ الفطر بالعمل، فسيعمد إلى حلّ المخلّفات العضويّة عن طريق ملئها بتغصّناته الشّبيهة بالجذور. وعلى الرّغم من تشابه تلك الغصينات مع جذور النّباتات، إلا أنّها لا تتكوّن من السّليلوز مثل ألياف النّبات، بل إنّها بدلاً من ذلك مصنوعة من الكيتين، وهي المادّة نفسها الّتي تستخدمها الحشرات في بناء هياكلها الخارجيّة. وبينما تلامس هذه الخيوط الجزيئات القائمة على الكربون، فإنّها تفكّكها، مستخدمة إيّاها كمصدر الغذاء للنموّ وتوسيع نطاقها.
أشارت رودريجيز إلى أنّ فطر شركة Mycocycle يمكنه العمل على مجموعة واسعة من النّفايات، بما في ذلك الورق والمطّاط والنّايلون. في عرض توضيحيّ تجاريّ أُجري مؤخّراً، زرعت الشّركة النّاشئة فطرها على بقايا ألواح الجبس المتبقّية من بناء مركز بيانات لشركة Meta، وسلّمت واحدة من معالجاتها البيولوجيّة إلى شركة قريبة لجمع النّفايات، والّتي بدورها سحقت ألواح الجبس وأفرغتها على المعالج البيولوجيّ إلى جانب الفطر من Mycocycle. حافظ المعالج البيولوجيّ بعدها على درجة الحرارة المثلى للفطر، والّتي تتراوح بين 15.5 و26.7 درجة مئويّة، لمدّة أسبوعين تقريباً.
بمجرّد اكتمال دورة التّحلّل، تعمد شركة Mycocycle إلى قتل الفطر لضمان عدم استمرار نموّه، وقد أوضحت رودريجيز ذلك قائلة: “ليس بودّنا إعادة العفن إلى مبانينا”، مضيفة بأنّ “النّتيجة النّهائيّة هي منتج قابل للبيع، عوضاً نفايات تكلّف أموالاً للتخلّص منها.”
يمكن استخدام المواد النّاتجة في مجموعة من التّطبيقات، بما في ذلك العزل والألواح الصّوتيّة للتّحكّم بالصّوت والحشوات لزيادة حجم أشياء مثل الخرسانة. على سبيل المثال، من المحتمل أن تتحوّل تلك الموادّ المعاد تدويرها من مشروع Meta إلى حشوات؛ ذلك أنّ الفطر يستهلك فقط الورق الّذي يغطّي ألواح الجبس، وليس الجبس الّذي يغلّفه. فضلاً عن ذلك، لا يستهلك الفطر كلّ المطاط، بل يغلّفه بشبكة من الخيوط الفطريّة، والّتي تقول رودريجيز إنّ شركة Mycocycle قادرة على معالجتها مرّة أخرى عندما تنتهي صلاحيّتها.
في الوقت الرّاهن، تعمل شركة Mycocycle، التي أسّستها رودريجيز عام 2018، على تحسين عمليّاتها لإعادة تدوير فتات المطّاط، وهي النّفايات النّاتجة عن الإطارات القديمة. إنّها سوق واعدة ضخمة، حيث تنتج الولايات المتّحدة حوالي 280 مليون إطار سنويّاً.
للمضيّ قدماً في جهود البحث والتّطوير والتّسويق، جمعت Mycocycle مبلغ 3.6 مليون دولار أمريكيّ في جولة تمويل تكميليّ أوّليّة، وقد أشارت رودريجيز إلى أنّ شركتها ستحقّق إيرادات تزيد عن مليون دولار أمريكيّ هذا العام، في ظلّ تركيز كبار المستثمرين الاستراتيجيّين في هذه الجولة تحديداً على سوق المطّاط.