دراسة تؤكد أن ألعاب الفيديو مرتبطة بالعنف بشكل وثيق، لكن بنوع مختلف منه
⬤ وجدت دراسة جديدة أن لعب الألعاب العنيفة مرتبط بشكل مباشر بالعنف اللفظي والعدائية، ولكن ليس العنف الجسدي.
⬤ توصلت الدراسة أيضاً إلى أن شخصية اللاعبين ومشاكلهم الداخلية مرتبطة بشدة بتعبيرهم عن الغضب في الألعاب.
⬤ مع ذلك، لم تجد الدراسة دليلاً على أن لعب الألعاب العنيفة يؤثر على العلاقة المباشرة بين شخصية اللاعبين وعدوانهم.
منذ سنوات وألعاب الفيديو تواجه اتهاماً كبيراً: بأنها تسبب العنف والعدوانية في الشباب. ولكن هل ذلك صحيح؟ هذا ما حاولت أن تكتشفه دراسة جديدة تم نشرها في مجلة Frontiers in Psychology، والتي توصلت إلى أن اللاعبين الذين يفضلون الألعاب العنيفة يميلون إلى إظهار مستويات أعلى من العنف اللفظي والعدوانية، ولكن ليس العنف الجسدي. كما أشارت الدراسة أيضاً إلى وجود رابط مستقل بين الميول العدوانية والنرجسية.
على الرغم من وجود عدد من الدراسات السابقة عن هذا الموضوع، إلا أن نتائجها كانت متباينة بشكل كبير. ولذلك، شرع كل من سيمون زبيجنياف أوليجارنيك ودانييلا رومانو في استكشاف العلاقة المعقدة بين ألعاب الفيديو والنرجسية مع العنف عبر هذه الدراسة. حيث لاحظ أوليجارنيك أن العديد من الدراسات كانت تقيس اللعب حسب الوقت المستغرق أمام الشاشة، أي أنها لم تقيس نوع الألعاب التي تتم ممارستها سواء كانت عنيفة أم لا. لذلك، توجهت الدراسة نحو استخدام تصنيفات الأعمار وفق معلومات الألعاب الأوروبية (PEGI) كمقياس لمحتوى الألعاب ولمعرفة ما إذا كان للألعاب العنيفة أثر أكبر على سلوك الشباب.
أجريت الدراسة على عينة لاعبين نشطين مكونة من 166 متطوعاً شاباً عبر منصتي Reddit وDiscord؛ 113 من الذكور و53 من الإناث، وبمتوسط عمر 25.2 عاماً. وخضع المشاركون لسلسلة من التقييمات النفسية، أحدها استبانة Buss-Perry لقياس مستوى العدوان لدى المشتركين. وتقسم هذه الاستبانة العدوان إلى أربعة أنواع: العنف الجسدي (مثلاً: ” لا أستطيع منع نفسي عن ضرب الآخرين أحياناً”)، والعنف اللفظي (مثلاً: “لا أستطيع منع نفسي من الجدال مع الآخرين عندما يختلفون معي”)، والغضب (مثلاً: “أحياناً أشتعل غضباً دون سبب وجيه”)، والعدائية (مثلاً: “أنا أشك في الغرباء الودودين بشكل مفرط”).
كما قامت الدراسة بقياس المشاركين وفق مقياس الشخصية النرجسية-16، واستخدمت مقياس روزنبرغ لتقدير الذات لقياس نظرة المشاركين لذاتهم، ومقياس آخر لمعرفة الدوافع التي تدفع المشاركين لاختيار ألعابهم. وسألت الدراسة المشاركين عن ألعاب الفيديو الثلاث المفضلة لديهم، وعمّا إذا كانت عنيفة أو غير عنيفة بناءً على تصنيفات PEGI.
من أبرز نتائج الدراسة هي أن نوع ألعاب الفيديو الذي يفضله اللاعبون مرتبط حقاً بمستوى عدوانهم. حيث مال المشاركون الذين لعبوا ألعاب فيديو أكثر عنفاً إلى إظهار مستويات أعلى من العنف اللفظي والعدائية. وكشفت الدراسة أيضاً أن النرجسية الزائدة مرتبطة بمستويات أعلى من الغضب، والعنف الجسدي، والعنف اللفظي.
من ناحية أخرى، فإن احتقار الذات كان مرتبطاً بمستويات أعلى من العدائية. ووجد الباحثون أن الميول إلى ألعاب الفيديو العنيفة لم يرتبط بالعلاقة بين النرجسية أو احتقار الذات مع السلوك العدواني. مما يعني أن شخصية اللاعبين كان لها علاقة مباشرة مع سلوكهم العدواني دون أن يؤثر لعب الألعاب العنيفة على هذه العلاقة بشكل كبير.
ووجد الباحثون أيضاً أن أولئك الذين انجذبوا إلى الألعاب التي يلعبون فيها دور اللصوص أو القتلة يميلون إلى إظهار مستويات أعلى من السلوك العدواني. يشير هذا إلى أن بعض اللاعبين ينجذبون إلى ألعاب الفيديو العنيفة كوسيلة للعب في أدوار غير مقبولة في المجتمع وللهروب من الواقع بشكل عام.
قال كاتب الدراسة سيمون أوليجارنيك، وهو طالب دكتوراه في علم الحاسوب في جامعة نوتنغهام البريطانية: “النتيجة المهمة هي أن عدد ألعاب الفيديو العنيفة التي تلعبها تؤثر على عنفك اللفظي وعدائيتك. وينطبق هذا أيضاً على الأفراد ذوي احترام الذات المنخفض و/أو الأفراد ذوي النرجسية العالية. يبدو أيضاً أن اللاعبين يلجؤون إلى ألعاب الفيديو العنيفة للانغماس في أدوار غير مقبولة مجتمعياً، مثل اللصوص أو القتلة.”
لم تخلُ هذه الدراسة من المحددات، فهي ركزت بشكل رئيسي على عينة مشاركين في الولايات المتحدة، وبالتالي فإن نتائجها قد لا تنطبق عالمياً. كما قال أوليجارنيك: “من المهم التأكيد على أن نتائجنا لم تثبت علاقة سببية. فلم نجد دليلاً يشير إلى أن ألعاب الفيديو العنيفة تسبب العنف اللفظي أو العدائية. إنهم مرتبطون ببعضهم البعض، ولكن قد يكون هناك عامل آخر يسبب ظهور هذه السلوكيات حقاً. وقد يكون افتراض أن ألعاب الفيديو العنيفة تسبب العدوان في العالم الحقيقي بديهياً، إلا أننا لم نجد أي شيء يدعم هذه الفكرة، حيث لم تكن هناك علاقة بين العنف الجسدي واختيار ألعاب الفيديو العنيفة.”