القضاء الأمريكي يضع أعمال Google في خطر مع حكم أولي بشأن «احتكار الإعلانات»

⬤ قضت محكمة فدرالية أمريكية بأن Google احتكرت سوقي إعلانات رئيسيين بشكل غير قانوني.
⬤ استند الحكم إلى ممارسات مثل الربط القسري التي أضرت بالمنافسين والناشرين والمستخدمين.
⬤ القرار ليس نهائياً، لكنه خطر وقد يؤدي القرار إلى تفكيك أجزاء من أنشطة Google الإعلانية.
قد قضت محكمة فدرالية أمريكية بأن عملاق التقنية المعروف بمحرك بحثه الشهير، Google، يمارس احتكاراً غير قانوني في قطاعات رئيسية من أعماله في مجال الإعلانات الرقمية، ما يفتح الباب أمام احتمال تفكيك أجزاء من أنشطته الإعلانية المربحة، بناء على مطالب حكومية.
القاضية الفيدرالية ليوني برينكما، التي نظرت القضية في مدينة ألكسندريا بولاية فيرجينيا، رأت أن Google انتهكت قانون شيرمان لمكافحة الاحتكار من خلال «استحواذها المتعمد على سلطة احتكارية والحفاظ عليها» في سوقي خوادم الإعلانات الخاصة بالناشرين ومنصات تبادل الإعلانات. وذكرت القاضية في حيثيات الحكم أن هذا النفوذ جاء نتيجة ممارسات غير قانونية من بينها «الربط القسري؛» أي اشتراط استخدام منتج معين مقابل الوصول إلى منتج آخر.
كما أوضحت القاضية أن هذه الممارسات «حرمت المنافسين من فرص المنافسة، وأضرت بشكل كبير بالناشرين الذين يتعاملون مع Google، وأثرت سلباً على عملية التنافس، وفي نهاية المطاف، على مستخدمي الإنترنت من خلال تقويض التنوع في المعلومات المتاحة على الشبكة.»
خلال جلسات المحاكمة التي امتدت لثلاثة أسابيع، قدم عدد من الناشرين المعتمدين على أدوات Google لبيع المساحات الإعلانية وتحقيق الإيرادات شهادات أكدوا فيها شعورهم بأنهم «مقيدون» باستخدام خدمات Google رغم رغبتهم في اللجوء إلى بدائل. وقدم الادعاء دليلاً يشمل بريداً إلكترونياً داخلياً يعود إلى عام 2018 من أحد كبار مسؤولي Google آنذاك، تساءل فيه عن جدوى اقتطاع الشركة لنسبة 20% من عائدات عملائها في منصة Ad Exchange، واصفاً هذا الأمر بأنه «إيجار مرتفع إلى درجة غير عقلانية.»
رغم هذا، لم يتحقق لوزارة العدل نصرها الكامل؛ إذ رفضت القاضية مزاعم الوزارة بأن Google تسيطر أيضاً بشكل غير قانوني على سوق ثالث متعلق بشبكات لإعلانات المعلنين، وهي منصات تساعد في شراء الإعلانات المعروضة عبر الإنترنت.

في أول رد فعل لها، أعلنت Google نيتها الطعن في أجزاء الحكم التي خسرتها. وقالت نائبة رئيس الشركة لي-آن مولوهولاند: «لقد كسبنا نصف القضية وسنستأنف النصف الآخر.» وأضافت: «نحن نختلف مع قرار المحكمة بشأن أدوات الناشرين، إذ إن الناشرين لديهم العديد من الخيارات، وهم يختارون Google لأن أدواتنا الإعلانية بسيطة، وفعالة، وميسورة التكلفة.»
يأتي هذا الحكم ليزيد التكهنات بشأن إمكانية مطالبة وزارة العدل الأمريكية باتخاذ تدابير صارمة ضد Google، قد تصل إلى إجبارها على بيع بعض أصولها في مجال الإعلان الرقمي. وتعد هذه السوق مصدراً أساسياً لإيرادات الشركة، إذ حققت منها نحو 31 مليار دولار من عائدات الإعلانات التقنية خلال العام الماضي، أي ما يعادل قرابة عشر إجمالي مبيعاتها. وكانت وزارة العدل قد اقترحت سابقاً إجبار الشركة على التخلي عن Google Ad Manager، الذي يتضمن كلاً من خادم الإعلانات للناشرين ومنصة تبادل الإعلانات.
يأتي هذا التطور في وقت تتصاعد فيه الضغوط القضائية على شركات التقنية الكبرى، ضمن جهود متواصلة بين الحزبين الجمهوري والديموقراطي. وهنا ينبغي التذكير بحكم قضائي سابق اعتبر محرك بحث Google احتكاراً غير قانوني هو الآخر.
من المنتظر أن تبدأ قريباً مرحلة «المعالجة القضائية» في كلا القضيتين المتعلقتين بمكافحة الاحتكار، حيث ستستمع المحاكم إلى المرافعات بشأن الإجراءات الواجب اتخاذها. وفي القضية الخاصة بمحرك البحث، لم تستبعد وزارة العدل المطالبة بفصل المتصفح الأشهر، Chrome، عن الشركة.
أما في قضية الإعلانات الرقمية، فقد ركزت المحكمة على برمجيات Google المستخدمة في عرض الإعلانات المصورة بشكل آلي، تلك الإعلانات المرئية التي تظهر على أغلب المواقع الإلكترونية. وادعت الحكومة الأمريكية، مدعومة بتحالف من الولايات، أن Google استحوذت على منافسين أصغر حجماً لإقصائهم من السوق، ثم استغلت مكانتها لترسيخ هيمنتها وإجبار العملاء على البقاء ضمن نظامها الإعلاني المتكامل. وفي افتتاح جلسات المحاكمة، شددت محامية وزارة العدل، جوليا تارفر وود، على هذه النقطة قائلة: «Google ليست هنا لأنها شركة ضخمة، بل لأنها استغلت هذا الحجم لسحق المنافسة.»
تندرج هذه القضية ضمن الحملة الحكومية المتصاعدة لتقليص نفوذ شركات التقنية العملاقة حول العالم، وسط معارك قضائية أخرى بارزة تشمل دعوى لجنة التجارة الفيدرالية ضد Meta، الشركة الأم لفيسبوك، والتي تسعى من خلالها إلى تفكيك استحواذاتها على Instagram وواتساب. إضافة إلى اتهامات موجهة إلى أمازون بتأسيس احتكار غير قانوني في التجارة الإلكترونية. في حين تواجه Apple أيضاً دعوى من وزارة العدل تتهمها بتقييد إدماج البرمجيات الخارجية في أجهزتها، ما يقوض خيارات المستخدمين.
مع استعداد Google لخوض جولات الاستئناف، وتحول أنظار القضاء إلى مناقشة العقوبات المحتملة، يترقب قطاع الإعلان الرقمي وصناعة التقنية ككل تداعيات هذا الحكم التاريخي.